مرايا

خواطر :روح العقل

15 ديسمبر 2016
15 ديسمبر 2016

مروة حسن -

تقول بعض الدراسات أن ما يقارب من العشرين بالمائة من الناس يشترون الكتب منجذبين إلى جمال أغلفتها ورونقها، ولعل هذه المعلومة هو ما جعل الكثير من الناشرين والكتاب المحترفين، خصوصا في الغرب يعتنون عناية كبيرة بشكل أغلفة كتبهم.

ولكن الوضع في العالم العربي ربما يختلف قليلا فبشكل عام هناك انحصار في عدد المهتمين باقتناء الكتب، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي والسرعة التي نعيش فيها تؤثر بشكل كبير على اهتماماتنا وشغفنا نحو القراءة والكتب، فأكبر دليل على هذا هو ذلك المشهد الذي نراه كثيرا في أي مكان انتظار سواء في مستشفى أو نادي أو حتى في التجمعات العائلية المختلفة، حيث سنجد أغلب الأفراد - كبار أو صغار-  كل واحد منهم منشغل في عالمه الخاص على جواله، ومن النادر للغاية أن تلاحظ أحدهم في يديه كتاب يقرأ فيه.

من الأشياء التي أعتبرها طريقة -في رأيي- هي عندما تدخل بيت أحدهم وتجد مكتبة كبيرة عريضة بها عشرات الكتب وعندما تسأله عن أفضلها يقول لك (لا أعرف فأنا لم أقرأ أيا منها)! وهذا ينطبق عليه لفظ ( القارئ الديكور) والذي يطلقه الكاتب الكويتي د. ساجد العبدلي في تعريفه لأصناف القراء في كتابه (القراءة الذكية)، حيث يقول أن هناك أنواعا من القراء تبدأ من العاجزين عن القراء وهم الذين لا يستطيعون القراءة بسبب أميتهم وهذه الشريحة -مع الأسف لا تزال كبيرة إلى حد ما في عالمنا العربي. وهناك القارئ الصدئ وهو الذي يجيد القراءة ولكنه دائما معللا عدم القراءة لكم من الأعذار الكثيرة والواهية، وهم في الأغلب تركوا القراءة منذ أن أنهو دراستهم  وأعطوا لأنفسهم إجازة مفتوحة من القراءة والتطلع.

وهناك قارئ الديكور وهو الذي نراه كثيرا للأسف والذي تحدثت عنه سابقا، وهناك القارئ المتعلم وهو شبيه بقارئ الديكور فتجد مكتبته مليئة على أخرها من أشكال وألوان الكتب، ولكنك عندما تتحدث معه يشعرك أنك جالس في صالون ثقافي، فهو يدلو بدلوه في كل شيء، وهذا الشخص كما يقول د. ساجد لا يقوم إلا بالنظر في قائمة محتويات الكتب التي عنده، فيتحدث عن مؤلف الكتاب ومؤلفه ويعطي لمحة عن ما فيه ولكنه لا يستطيع أن يتعمق فيما هو أكثر من ذلك لأنه لن يعرف، فهو يقرأ من باب «الوجاهة».

وهناك القارئ المولع باقتناء الكتب وتجد بيته متكدس في كل ركن بها، ولكنه ربما لا ينظر إلى أي منها ولا يجد الوقت لذلك، وأخيرا هناك القارئ الناضج، وهو القارئ الذي يمتلك حماسة صادقة للقراءة ومعرفة كافية بأساليبها المختلفة، ويحرص على التنويع في قراءاته، ويمتلك المهارات المختلفة للقراءة من حيث السرعة والعمق.

وهذا الأخير أتمنى أن يكون أغلبنا عليه، لأن القراءة غذاء العقل، وعن تجربة فإن العقل الخالي من الاطلاع هو كالبيت الفارغ الذي تدخله ولا تجد فيه فرشا أو أثاثا يعطيه روحا وجمالا، وكذلك العقل الذي يعيش بعيد عن المطالعة فهو عقل يفتقد للروح، والروح إذا فقدت من شيء أصبح لا قيمة له.

[email protected]