أعمدة

نوافـذ - التحيات المباركة لكم.. وفقكم الله

13 ديسمبر 2016
13 ديسمبر 2016

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

عاملات «مهربات» ..اعتدنا على سماع وقراءة عبارة «عاملات هاربات» ولم نعتد على ما جاء في نص العنوان، ذلك أن الشائع هو هروب العاملات، وليس تهريبهن، على الرغم من أن الحالة الثانية (تهريب العاملات) لا تقل أهمية من الحالة الأولى (هروب العاملات) وربما أخطرها في النتائج، وإذا كانت الحالة الأولى منشأها العاملة نفسها، فإن الحالة الثانية منشؤها أكثر من طرف، وإذا كانت الأولى أصبح من الصعوبة بمكان القضاء عليها؛ او تحجيمها على الأقل، فإن الثانية يمكن بكل سهولة القضاء عليها وإنهاؤها، وعندما نقول: ان الحالة الثانية أخطرها في النتائج فإننا نعني بذلك أن مجال انتهاك حقوق الإنسان فيها أكثر من الأولى، خاصة وأن الأولى تتحقق فيها الإرادة الشخصية للعاملة ويظل قرار هروبها من عدمه متوقف عليها فقط في خروجها من منزل كفيلها، اما في الثانية فتصبح مرغمة على ممارسة كل الأعمال المطلوبة منها المشروعة منها وغير المشروعة.

الحالة الأولى معروف لحظة انطلاقتها، وهي منزل الكفيل في كل الحالات بلا استثناء، أما الثانية فلحظة انطلاقتها من صالة قدوم المسافرين في مطار مسقط الدولي، حيث يتربص أصحاب النفوس السيئة، والنوايا الخبيثة بوصول العاملات، وخاصة اللواتي يصلن للمرة الأولى الى السلطنة، حيث يقدم هؤلاء بكل جرأة آخذين أوراقهن اللاتي يحملنها، ويقتادوهن الى مركباتهم الخاصة، ومنها الى شقق الدعارة، او المزارع البعيدة، ومنها تبدأ مجموعة الممارسات اللا أخلاقية في حق هذه العاملة أو تلك، وكم سمعنا من كفلاء ذهبوا لاستقبال مخدوماتهم، ولم يجدوهن، مع التأكيد من قبل السلطات المختصة بالرحلات القادمة أن هذه العاملة او تلك قد أنهت إجراءات دخولها السلطنة من قبل شرطة عمان السلطانية، وأنها خارج المطار في تلك اللحظة، وربما تكون أكثر الحالات من هذا النوع هي تلك التي تصل السلطنة لأول مرة، حيث لا تدري من هو كفيلها بالضبط، وبالتالي تسلم نفسها لأي أحد يقابلها باهتمام، ويأخذ أوراقها التي تحملها، وبالتالي يعود الكفيل «بخفي حنين» وتبدأ مجموعة الإشكاليات بينه وبين المكتب الذي جلب له مخدومته، ومجموعة هذه الإشكاليات ليست يسيرة، ولا سهلة، خاصة وأنها تستنزف كما من المبالغ تصل الى الآلاف من الريالات.

واذا كانت الحالة الأولى يتأجل فيها الحل، حيث تحتاج الى كثير من الإجراءات والتكامل بين مختلف المؤسسات، وإعادة النظر في قانون العمل فيما يخص هذه الفئة بالذات، فإن الثانية يتراءى لي أن الحل أقرب اليه من لحظة الـ «تهريب»، وذلك بأن تتكاتف الجهات المعنية في التنسيق فيما بينها؛ وهي هنا: شرطة عمان السلطانية، وزارة القوى العاملة، مكاتب استقدام العمالة الوافدة، ومن ذلك تتفق هذه الجهات على تخصيص صالة داخلية – داخل مبنى المطار – بحيث أية عاملة كانت جديدة او قديمة تنهي إجراءات دخولها الى السلطنة تتجه مباشرة الى هذه القاعة وتنتظر هناك حتى يأتي الكفيل، سواء الفرد بذاته، او المكتب، وهؤلاء كلهم لا يدخلون القاعة الا بعد أن تدقق أوراقهم الثبوتية والتي تتطابق مع أوراق العاملة التي تحملها، وذلك عن طريق مكتب يخصص لهذا الغرض، على أن يدير هذا المكتب احد المعنيين من شرطة عمان السلطانية، او من وزارة القوى العاملة، وأتصور بذلك يمكن احكام السيطرة من عدم تهريب هؤلاء العاملات قبل وصولهن الى كفلائهن، اما البقاء على ما هو كائن الآن، فإن مثل هذه القضية لن تتوقف، ولن تنتهي، وستظل الإشكاليات قائمة، ويدفع ثمنها كل الأطراف الرسمية وغير الرسمية.