أعمدة

تنمية ذاتية

11 ديسمبر 2016
11 ديسمبر 2016

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

لم يحظ موضوع بالجدل كما حظي به موضوع التنمية الذاتية، وخاصه فكرة (قانون الجذب) التي تسببت وحدها في غالبية اللغط الذي حدث حول التنمية البشرية (الذاتية) بشكل عام، فقد استغلها البعض -وغالبا بحسن نية- في بيع الأحلام لأصحاب النفوس التواقة للتغير، المتعطشة للنجاح، الطامحة لصنع فرق في مجتمعاتها بشكل عام، فتسرع البعض لمجرد قراءته لعدة كتب، وحضور عدة محاضرات، ليعلن نفسه مدربا معتمدا في التنمية البشرية، وهو مطب وقع فيه الكثيرون، وكانت عواقبه وخيمه عليهم وعلى غيرهم، فقد أخذ الغالبية (القشرة) والمعنى (الظاهر) من فكرة معجزة قانون الجذب، دون أن يفقهوا معناها الحقيقي، وفي سن مبكرة جدا لم تتح لهم مجالا لاكتساب الحكمة التي يتطلبها هذا المجال، فامتلاك الحكمة لا يتأتى لصاحبه من خلال قراءة عدة كتب أو حضور عدة دروس.

في حوار إذاعي قبل سنوات مع إذاعة الشباب سئلت عن رأيي في مدربي التنمية البشرية، وقد أجبت عليه في حينه، كما أجبت في مقالات عدة، إلا أن الموضوع ما فتئ يفرض نفسه بشكل دائم، حيث تواجهني بشكل دائم مواقف تفرض علي أن أقف موقف المدافع عن هذا العلم، الذي أعده شخصيا سببا في أغلب ما حققت في حياتي، وهو سبب كثير من النجاحات والاختراعات التي تحققت في العالم، إذ أنها جميعا كانت ثمار فكرة آمن بها صاحبها، وعمل على تحقيقها.

لذا غالبا ما أنصح كل من يستشيرني في مدرب تنمية بشرية، أن يرى أولا ما الذي حققه هذا المدرب في حياته الشخصية من نجاح قبل أن يسمح له بأن يبيعه حلم عجز هو عن تحقيقه، ومقدار الأمثلة التي يستطيع أن يقدمها من تجربته الشخصية، لا عن أديسون، وقصة مطاعم كنتاكي، وبيل جيتس، فهذه قصص استهلكت من كثر ما رددناها، الفكرة هي ما لذي حققناه نحن على الصعيد الشخصي حتى نستطيع أن نقنع من حولنا بفكرة قانون الجذب، التي كما سبق وذكرت ليست هي اختراع غربي عصري، وإنما هي معتقد شرقي جاءت به جميع الديانات السماوية وكثير من الأديان الوضعية، وكانت سببا في حضارات شرقية عظيمة سواء في الصين أو الهند أو مصر أو اليونان أو العالم الإسلامي، حتى تناسيناها، وجاء من ينفض عنها الغبار من الغرب، فتكشف لهم سر تفوق الحضارات الشرقية عليهم، فتبنوا الفكرة، وحققوا ما حققوا بها..

لقد نظفت التنمية البشرية العقول الصدئة، واستخرجت منها الأفكار الخلاقة التي تأسست عليها الحضارة الحديثة، وهذبت الشخصية، فساد النظام واحترام القانون، والعدالة والديمقراطية، فقد ساعد علم التنمية البشرية الإنسان على البحث عن رسالته ورؤيته في الحياة، وبالتالي تنظيف شؤون حياته حولها، مما جعله يدرك أن تحقيق رسالته لابد من أن يسبقها تطوير لذاته، بما في ذلك من بناء قدرات، وتهذيب سلوك، واكتساب عادات إيجابية جديدة عوضا عن السلوكيات المدمرة التي ربما يكون البعض يمارسها..

هي إذن ليس مجرد وقوف أمام المرآة، وترديد عبارات جوفاء، على أمل أن يحدث التغير، وإنما هي كما لخص نهجها المصطفى عليه السلام (اعقلها وتوكل) هي إرادة، يصاحبها يقين يتبعها عمل وجهد دؤوب، عدا ذلك فهو بيع للوهم.