أعمدة

نوافـذ .. عن أدونيس.. وكذبة الربيع العربي

10 ديسمبر 2016
10 ديسمبر 2016

عاصم الشيدي -

كان عليّ أن أكتب هذا المقال منذ 4 سنوات تقريبا حينما اتضحت صورة ما يحدث في سوريا، وأن ما اعتقدناه ثورة في البداية سرعان ما تحول إلى ساحة لحروب طائفية، ومذهبية، وبوابة لمشروع غربي كبير لتقسيم الشرق الأوسط وتقاسمه وبناء آخر «جديد» ورسم خط آخر في الرمال.

كان عليّ أن اعتذر للشاعر السوري أدونيس عن مقالي «ثابت أدونيس لم يتحول» الذي كتبته في يوليو 2011 إثر كتابة الشاعر لرسالة مفتوحة نشرت في جريدة السفير اللبنانية للرئيس السوري بشار الأسد، وإثر تصريحاته أنه لا يؤمن بمظاهرات تنشد الحرية والديمقراطية وتخرج من المساجد.

كنّا مأخوذين حينها بوهج الثورات العربية أو «الربيع العربي» وفق الاسم المستورد من الخارج.. كان المشهد العربي قد وصل إلى حالة من الانسداد الحضاري، وصار معه أنه لا حل آخر للحالة العربية إلا سقوط أنظمة ونهوض أخرى.. ولفترة اعتقد الكثيرون أن ما يحدث في العالم العربي وحده «الحل». لكن سرعان ما اتضح أن ما حدث ويحدث في العالم العربي هو حل من الخارج لتحقيق أجندة غربية مدروسة بدقة.. وفي الحقيقة وجدت في أحاول الداخل العربي ما يعطيها المشروعية ويظهرها بأنها الحل الأمثل للقفز فوق ذلك الانسداد الحضاري.

اليوم صارت الصورة واضحة جدا، وصار «الربيع العربي» مفضوحا للجميع.. ويشاهد الجميع ما آلت إليه «الثورة» السورية والتنظيمات الإرهابية التي فرّختها المعارضة والبترودولار الذي لعب وما يزال يلعب دورا تدميريا في سوريا التي تحول أمرها اليوم إلى أيدي القوى العظمى لتقاسم النفوذ وتقسيم المصالح الاقتصادية المستقبلية.. ضمن إعادة تقسيم النفوذ في منطقة الشرق الأوسط.

كان علينا أن لا نرى «الربيع العربي» بمعزل عن الغزو الأمريكي للعراق.. كان ذلك الغزو هو البوابة الأولى لدخول ساحة ما يحدث في العالم العربي الذي وصل لحالة من التمزق والتفكك لم يشهدها من قبل أبدا. وفيما نراه ونقرأه يوميا الكفاية لتكوين وعي كامل عما يحدث.. ورغم تحفظات كثيرة على ما ورد في التحقيق فإن العدد الملحمي الذي أصدرته مجلة نيويورك تايمز في أغسطس الماضي وخصصته لموضوع واحد هو «كيف تفكك العالم العربي؟» صورة حقيقية للحالة العربية المؤسفة والمحزنة.

كان عليّ أن أقرأ رسالة أدونيس لبشار الأسد جيدا قبل أن أكتب ردي، وأن اقرأ ما وصف به «المحتجون» أو الثوريون عندما قال: تبدو لدى بعضهم «لحمة» ضدّية عنفية، تغلب عليها نبرة: «التهييج»، و«الثأرية» والدينية «الطائفية» أو «السلفية». وهو ما تبلور سريعا وشكل اليوم تنظيم «داعش» و«النصرة» وعشرات غيرها من التنظيمات المسلحة المدعومة من دول عربية «مع الأسف الشديد» ودول غربية وأجهزة مخابرات عتيدة معروفة والهدف الأسمى تمزيق وتدمير العالم العربي وإبقائه في حالة جهل كبرى وامتصاص خيراته.

أكتب هذا المقال فيما يقوم أدونيس بزيارة إلى السلطنة للمشاركة في مهرجان أثير للشعر العربي الذي تبدأ أعماله مساء اليوم ترحيبا به وتأكيدا على كتابته الرؤيوية لما آلت إليه الثورة السورية مع التأكيد أنني لا أضع الجميع في نفس المكان، فقد كان هناك وما زال من خرج صادقا من أجل سوريا أكثر ديمقراطية وأكثر حرية.