أفكار وآراء

تجربتي مع «تنفيذ» «1-2»

10 ديسمبر 2016
10 ديسمبر 2016

سالم بن سيف العبدلي -

كاتب ومحلل اقتصادي  -

لقد كان لي شرف المشاركة في البرنامج الوطني “تنفيذ” منذ مرحلته الثانية وهي حلقات العمل (المختبرات) والتي استمرت لمدة ستة أسابيع متواصلة واسدل الستار عليها في نهاية شهر أكتوبر من هذا العام وتعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل البرنامج حيث تم من خلالها اقتراح بعض المبادرات ومناقشة بعض المشاكل والعقبات التي كانت تواجهها بعض المشاريع في المراحل الأولى من التنفيذ، وقد كنت حاضرا في أغلب الأسابيع وشاركت في بعض المناقشات الخاصة بالبرنامج.

البرنامج الوطني “تنفيذ: ”تزامن مع اعتماد الخطة الخمسية التاسعة وهي الخطة الأخيرة ضمن الرؤية المستقبلية للسلطنة عمان 2020 ويهدف إلى الوقوف على التحديات والصعوبات التي تواجهها الحكومة والقطاع الخاص في سبيل تحقيق أهداف هذه الخطة ووضع خارطة طريق تفصيلية بمشاركة جميع أطياف المجتمع وإيجاد الحلول ومتابعة الأداء، حيث إن البرنامج ينفذ بالتعاون مع وحدة الأداء والتنفيذ الماليزية استكمالا لما تم تنفيذه من برامج ودراسات سابقة.

المختبرات عقدت في معهد الإدارة العامة بمحافظة مسقط والذي تحول إلى خلية نحل طوال الأسابيع الستة حيث إن العمل كان يبدأ يوميا من الساعة الثامنة والنصف صباحا وينتهي عند الرابعة والنصف وأحيانا كثيرة تستمر المناقشات حتى بعد السادسة مساء وقد شارك في “المختبرات” أكثر من 250 شخصا يمثلون قرابة 160 مؤسسة حكومية وخاصة، وفي هذه الوقفة أردت ان أتحدث عن تلك التجربة والتي أعتقد أنها مفيدة ومثرية على المستوى الشخصي على الأقل ويمكن منها أخذ بعض العبر والدروس واستخلاص بعض النتائج التي قد تفيد في المستقبل.

القطاع الخاص كان حاضرا وبقوة حيث تواجد عدد من الرؤساء التنفيذيين ومديري عموم الشركات، كما شارك أيضا عدد من المختصين يمثلون المجتمع المحلي إضافة الى خبراء ومهتمين من داخل وخارج السلطنة، وفريق من وحدة متابعة الأداء والتنفيذ الماليزية كبيت خبرة فني لتنفيذ البرنامج، وعملت المختبرات طيلة فترة انعقادها على توفير مناخ محفز للحوار، وتقريب وجهات النظر، وتعزيز مستوى الثقة والشفافية والتكامل بين القطاعين العام والخاص والمجتمع.

الشيء الملفت للنظر في تلك المختبرات هو الحرص الشديد من الجميع على الحضور والالتزام بالوقت والمناقشة العلمية المستفيضة داخل المختبرات وأثناء جلسات المواءمة التي كانت تجمع عددا من المشاركين في المختبرات، إضافة إلى الأسلوب الراقي الذي اتسم به الحوار والطرح الجيد والإيجابي.

من الأمور الهامة أيضا التي لفتت انتباهي الحضور الرسمي الكثيف حيث تواجد عدد من الوزراء والوكلاء والمستشارين على فترات مختلفة كما شارك المسؤولون الذين يمثلون المؤسسات المعنية بالقطاعات المحددة وهي الخدمات اللوجستية والصناعات التحويلية والسياحة وكانت فرصة جيدة لطرح المشاكل والعقبات على طاولة النقاش واقتراح الحلول المناسبة لها في نفس الوقت.

وكانت هناك مواجهة مباشرة بين المسؤولين وأصحاب المشاريع والمبادرات وتم عرض عدد من المشاكل والعقبات التي تعيق التنمية وتنفر القطاع الخاص من الاستثمار في السلطنة وكانت نتيجته في بعض الأحيان التوجه إلى دول أخرى توفر مناخا استثماريا أكثر جذبا، وقد ساد النقاش جو من الصراحة والشفافية والمكاشفة التامة والوضوح لدى الجميع ونعتقد أنها كانت فرصة أمام جميع الأطراف لمناقشة كافة الأمور التي تعيق التنفيذ.

الشباب العماني من الجنسين أثبت وجوده في جميع المداولات والنقاشات وعرض بجدارة العديد من النقاط التي كانت تجول في خاطره والتي ربما لم يجد من يستمع إليها من قبل، والشيء الذي أثلج الصدر أن من قدم واقترح الأفكار والمبادرات جلهم من الشباب العمانيين الغيورين فكانوا شعلة من النشاط والعمل ولديهم أفكار نيرة وينظرون إلى المستقبل بشيء من الأمل والتفاؤل وقد طرحوا أفكارهم باللغتين العربية والإنجليزية بطلاقة وفصاحة تامة مثل هؤلاء الشباب ينبغي ان توكل إليهم المسؤولية خلال المرحلة القادمة التي تتطلب ضخ دماء جديدة تحمل أفكارا مبتكرة خاصة وأنها مرحلة مفصلية وحساسة جدا وفيها تحديات كبيرة.

هؤلاء الشباب وغيرهم من الموجودين في ميادين العمل قادرون ومستعدون خوض غمار التجربة والتحدي والعمل الجاد إذا ما أوكلت إليهم المسؤولية وأعطوا الفرصة الحقيقية ويجب ان نعترف بأن الفترة القادمة تحتاج منا جميعا الى تضحيات والى عمل دؤوب وإذا ما أريد للبرنامج الوطني “تنفيذ” ان ينجح على ارض الواقع فلا بد من إجراء تعديلات هيكلية هامة وضخ دماء جديدة تستطيع ان تتكيف مع الحاضر والمستقبل ولنا وقفة أخرى الأسبوع القادم للحديث عن انطباعنا حول المرحلة الثالثة من البرنامج والتي كانت عبارة عن أيام مفتوحة استمرت لمدة ثلاثة أيام وشهدت حضورا كثيفا ومشاركة مجتمعية واسعة.