أفكار وآراء

تعزيز حركة السياحة الشتوية إلى محافظة ظفار

10 ديسمبر 2016
10 ديسمبر 2016

حيدر بن عبد الرضا اللواتي -

خلال السنوات الماضية شهدت محافظة ظفار افتتاح عدد من المشروعات المهمة التي تدعم من حركة السياحة إلى هذه المحافظة في مختلف فصول السنة، منها مطار صلالة الدولي وعدد من المنتجعات السياحية المتميزة، ومنها منتجع البليد السياحي الذي افتتح مؤخرا، ومجموعة من الشقق الفندقية والمراكز التجارية والمشاريع السياحية من المطاعم والمراكز الإيوائية ومؤسسات سياحية خدمية أخرى. كما شهدت المحافظة زيادة في عدد القادمين إلى هذه المحافظة من جميع الجنسيات وعلى رأسهم مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى جنسيات عربية وأجنبية متعددة.

ولا شك أن فترة الشتاء تقل فيها حركة السياحة الخليجية إلى المحافظة، إلا أنها كالمعتاد تشهد حركة سياحية جيدة من مواطني الدول الأوروبية التي يفضلون قضاء بعض أوقاتهم في المحافظة التي تتميز بجو معتدل ودافئ، حيث يحاول الأوروبي الابتعاد عن جو الصقيع والثلوج في مثل هذه الفترات من السنة والمكوث في أماكن تتميز باعتدال الحرارة. ومن هذا المنطلق وضعت وزارة السياحة عدة برامج مبتكرة لتعزيز صناعة السياحة إلى محافظة ظفار لتكون فترة الاستجمام للأوروبيين من جهة، وفتح مزيد من القنوات لهم للتعرف على المقومات السياحية التي تتميز بها هذه المحافظة والمحافظات العمانية الأخرى التي تتميز جميعها بتضاريس جميلة من الشواطئ والجبال والأودية، وتمكينهم من بعض الرياضات والهوايات التي يرغبون في ممارستها مثل سياحة الغوص وركوب الجبال والتعرف على مختلف أنواع الأشجار والزهور التي تزرع في الأماكن الجبلية في مثل هذه الفترات.

لقد شهدت السلطنة خلال الفترة الماضية استقبال عدد من الوفود الأجنبية التي ناقشت مع الجهات المعنية تعزيز التعاون في المجال السياحي، وكانت السياحة بندا رئيسيا مع الشخصيات التي صاحبت هذه الوفود. وفي الأيام الأخيرة تناولت اللجنة العمانية الألمانية هذا البند في إطار العلاقات القائمة بين البلدين وأن هناك مجاميع كبيرة من الألمان والدول الأوروبية والاسكندنافية تزور السلطنة في مثل الأشهر الشتوية بدءا من نوفمبر إلى مايو من كل عام. وهذه الحركة السياحية النشطة تأتي أيضا من حرص القطاع السياحي والحكومي بالمشاركة في المعارض السياحية الدولية مثل معرض برلين السياحي الدولي ومعرض لندن السياحي الدولي وغيرها من المعارض الأخرى. ومن خلال هذا النشاط والمشاركات السياحية الأخرى لوزارة السياحة والمؤسسات والشركات السياحية العمانية، فقد نجحت عملية الترويج والتسويق للسياحة إلى البلاد لحد ما، الأمر الذي أدى إلى إقبال الكثير من الأوروبيين إلى السلطنة بغرض السياحة والاستجمام في مثل هذه الفترات. وهذه الحركة تمثل فرصة جيدة أمام القطاع السياحي لاستثمارها وعرض مزيد من البرامج والخدمات السياحية التي يود الزائر الحصول عليها في الموسم الشتوي.

الكل يشعر اليوم بأن هناك المزيد من السياح يقدمون إلى البلاد كل عام، الأمر الذي يتطلب توفير جميع الخدمات اللازمة سواء في المطارات أو على الطرق السريعة، بحيث لا تؤدي إلى تأخير برامج السياح وتعكير مزاج هؤلاء القادمين إلى السلطنة سواء من العرب أو الأجانب. فأي تأخير في حركة الطائرات سيؤدي إلى أخذ انطباع سيئ عن السياحة في البلاد كما حصل مع مجموعة من السياح القادمين من إيطاليا بمطار صلالة الدولي بسبب انفجار عجلة إحدى الطائرات التابعة للطيران العماني مؤخرا، الأمر الذي أدى إلى تأخر تنقلاتهم من هذا المطار لحين إصلاح العجلة. وتمثل فترة الشتاء واحدة من أفضل المواسم لتوافد الزوار والسياح الأوروبيين إلى محافظة ظفار والسلطنة عموما، فهي الفترة المهمة لتعزيز جذب أعداد متزايدة من المجموعات السياحية الأجنبية ليتمكن السائح من الخروج والتجوال في جو جميل وزيارة الأماكن والتعرف على المقومات الطبيعية التي تتميز بها البلاد في هذه المنطقة. ومن هذا المنطلق فان القطاع السياحي الخاص وفي ظل هذه الحركة عليه تعزيز جهوده للمساهمة في دعم البنية الأساسية للسياحة والتمويل للمشرعات السياحية، والنهوض بهذا القطاع الهام ليكون رافدا حقيقيا في التنويع الاقتصادي، وسندا لرفد القطاعات الاقتصادية الأخرى ودعم السياحة بعوائد جديدة من خلال ابتكار برامج وفعاليات تدعم استمرار النشاط السياحي طوال العام سواء إلى محافظة ظفار أو المحافظات العمانية الأخرى، بجانب تهيئة كافة الخدمات والمرافق لراحة الزوار والسياح للاستمتاع بالطبيعة الجميلة التي تتميز بها السلطنة في هذه المنطقة خاصة في مجال الأمن والأمان.

لقد شهد مطار صلالة الدولي حركة جيدة خلال الفترة القصيرة الماضية. ومنذ أكتوبر من هذا العام استقبل المطار عدة أفواج سياحية أوروبية عبر رحلات طيران مباشرة من بعض الدول الأوروبية خاصة من ألمانيا وسلوفاكيا، فيما من المتوقع وصول أكثر من 50 ألف سائح أوروبي خلال هذا الموسم السياحي الشتوي وحتى الفترة الصيفية المقبلة من شهر مايو المقبل. فهناك عدة أفواج للسياح قدمت من إيطاليا وبولندا، وغيرها من الدول الأوروبية سواء عن طريق البحر عبر السفن السياحية الضخمة أو عبر الطيران العماني أو العالمي.

ولتعزيز هذه الحركة فقد قامت وزارة السياحة منذ عدة سنوات مضت بوضع شعار ترويجي لمحافظة ظفار بعنوان “ظفار أرض لكل المواسم” وذلك في إطار الجهود التي تبذل من أجل الترويج والتسويق للمحافظة كوجهة سياحية على مدار العام، وزيادة حركة رحلات الطيران الأوروبي المباشر إلى صلالة وتنشيط الحركة الاقتصادية في الأسواق والمواقع السياحية والقطاعات الأخرى المرتبطة بالسياحة. وتشير البيانات إلى موسم الشتاء الماضي شهد قدوم عدد السياح الأوروبيين إلى محافظة ظفار وبواقع 35674 سائحًا من خلال 191 رحلة طيران مباشرة؛ حيث بلغ عدد السياح الألمان 24212 سائحا بالإضافة إلى 7739 سائحًا من إيطاليا و2200 سائح من بولندا، وآخرين من السويد والتشيك وسلوفاكيا وغيرهم.

وهذا ما أدى ببعض المؤسسات السياحية العمانية بالتوقيع على اتفاقيات مع المؤسسات المماثلة في الدول الأوروبية لتشجيع السياحة إلى عمان، منها شركة موريا الإيطالية التي وقعت الاتفاقية لتنظيم رحلات منتظمة إلى السلطنة بهدف دعم استراتيجية وزارة السياحة، وتوسيع وتفعيل رقعة المواقع السياحية إلى البلاد.

إن محافظة ظفار بحاجة إلى مزيد من المؤسسات والخدمات السياحية لمواجهة طلب الزائرين عليها سواء في فترة الصيف التي تمثل ذروة السياحة إلى هذه المحافظة سواء من المواطنين أو الخليجيين، أو في فترة الشتاء حيث تزداد حركة السياحة الأوروبية. فالبيانات الرسمية تشير إلى أن عدد المنشآت الفندقية بالمحافظة ارتفع خلال هذا العام إلى أكثر من 34 منشأة فندقية بمختلف المستويات من بينها أربعة فنادق ذات تصنيف الخمس نجوم، فيما يمثل منتجع البليد السياحي مشروعا متميزا في المجال السياحي، حيث يضم 146 غرفة وشاليها إلى جانب مجموعة من المطاعم والمرافق الترفيهية التي ستساهم في تطوير مستوى الخدمات الفندقية لزوار صلالة. وتركز وزارة السياحة من جانبها على تطوير القطاع السياحي في المحافظة حيث هناك عدد من المشاريع الاستثمارية قيد التنفيذ حاليا بالمحافظة. ويأتي كل ذلك ضمن خطط وأهداف الوزارة الساعية إلى إيجاد فعاليات تجذب المجتمع المحلي والسائح والزائر على حد سواء.

الكل يعلم بأن السائح يأخذ في اعتباره مجموعة من العوامل عند قيامه بزيارات سياحية ومنها أسعار الإيواء في الفنادق، وهذا الأمر يتطلب من الجهات المعنية النظر فيه، خاصة وأن السكن والإيواء في المؤسسات الفندقية العمانية عالية التكاليف ، مقارنة بما نراه في بعض الدول السياحية في المنطقة وخارجها، وهذا ما يجب التركيز عليه أيضا.