العرب والعالم

بارك تقدم اعتذارها للشعب وتدعو الحكومة إلى «التزام اليقظة»

09 ديسمبر 2016
09 ديسمبر 2016

البرلمان الكوري الجنوبي يقيل رئيسة بلاده -

سول- (أ ف ب): أقال النواب الكوريون الجنوبيون أمس الرئيسة بارك غيون-هي بسبب فضيحة فساد كبيرة دفعت بملايين الأشخاص للنزول إلى الشوارع وعطلت عمل الحكومة.

وسارعت بارك الى تقديم اعتذارها بسبب «الفوضى» السياسية داعية الحكومة الى التزام اليقظة في مجالي الاقتصاد والأمن القومي.

وقالت في خطاب بثه التلفزيون بعيد موافقة الجمعية الوطنية على إقالتها «اقدم اعتذاري لكل الكوريين الجنوبيين عن كل هذه الفوضى التي سببتها بإهمالي بينما تواجه بلادنا صعوبات كبيرة من الاقتصاد الى الدفاع الوطني».

وتنتقل صلاحيات الرئيسة إلى رئيس الوزراء. لكنها تحتفظ بلقبها إلى أن توافق المحكمة الدستورية على الإقالة أو ترفضها.

وهذه العملية التي يمكن أن تستمر ستة أشهر يتخللها غموض وشلل سياسي، فيما تواجه كوريا الجنوبية تباطؤا في النمو الاقتصادي والتهديدات المستمرة من جارها الكوري الشمالي.

وتبنت الجمعية الوطنية المذكرة بـ234 صوتا مقابل 56، اي اكثرية ثلثي الاصوات الضرورية من اصل 300 نائب.

واعلن رئيس الجمعية الوطنية شونغ سي-كيون ان «المذكرة لإقالة الرئيسة بارك أقرت»، وأضاف «سواء كنتم مؤيدين ام معارضين، حيال هذا الوضع الخطير، يشعر كل النواب والشعب الكوري الجنوبي بالحزن. وآمل ألا تتكرر هذه المأساة أبدا في تاريخنا الدستوري». وتجمع مئات المتظاهرين امام البرلمان وهم يهتفون «أقيلوا بارك!».

ويعني هذا التصويت تلاشي حظوة رئيسة سميت «ملكة الانتخابات»، وقد دخلت بارك البيت الأزرق، مقر الرئاسة الكورية الجنوبية، مؤكدة أنها لا تدين لأحد بشيء وأنها «تزوجت الأمة».

وبعد اقل من اربع سنوات على ولايتها، تواجه بارك امكانية ان تصبح اول رئيسة منتخبة ديمقراطيا تتعرض للإقالة في كوريا الجنوبية.

نظريا، تعتبر المحكمة الدستورية التي تضم تسعة قضاة عينتهم بارك او فريقها مؤيدة لها، لكن هذه الهيئة ستتعرض لضغوط قوية من الرأي العام للموافقة على اقالتها، ما من شأنه ان يؤدي الى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة.

وتتهم المذكرة بارك بانتهاك الدستور وبارتكاب جنح جزائية والفشل في حماية الشعب وبالفساد واستغلال السلطة. وامكن إقرار المذكرة التي ايدها 171 نائبا مستقلا ومعارضا، بعد «موافقة» مجموعة متمردة في الحزب الحاكم «ساينوري» (الحدود الجديدة) على تبنيها. وكان جميع نواب المعارضة هددوا بالاستقالة في حال الرفض.

ويفسر هذا التصويت الى حد كبير بالتظاهرات الصاخبة التي شارك فيها ملايين الأشخاص للمطالبة باستقالة الرئيسة.

وتتمحور الفضيحة التي أذهلت بلدان العالم، حول شوي سو-سيل، الصديقة المقربة من الرئيسة. وتنتظر هذه الصديقة التي أوقفت في بداية نوفمبر محاكمتها بتهمة الابتزاز واستغلال السلطة.

وتوجه الى شوي سو-سيل تهمة استغلال علاقات الصداقة مع الرئيسة لحمل المجموعات الصناعية على دفع حوالى 70 مليون دولار الى مؤسسات مشكوك فيها، وبأنها استخدمت هذه المجموعات لغايات شخصية. كما تحوم شبهات حول تدخلها في شؤون الدولة.

وتوجه الى الرئيسة تهمة التواطؤ، وللمرة الأولى، تصف النيابة العامة رئيسا للدولة في الحكم بأنه «مشبوه». والشبهات بالفساد تلاحق منذ عقود الطبقة السياسية الكورية الجنوبية، ولم يظهر البيت الأزرق مكانا تسوده النزاهة.

ومنذ اول انتخابات حرة في 1987، اضطر جميع الرؤساء الى الرد بعد انتهاء ولاياتهم على اتهامات بالفساد غالبا ما شملت تصرف مقربين منهم.

وفي مجتمع تقيم فيه الطبقة السياسية علاقات غير واضحة مع المؤسسات الاقتصادية، اعتادت هذه الطبقة على الاستفادة من علاقاتها مع رئيس الدولة للحصول على منافع.

نظريا، من المفترض عدم ملاحقة بارك، ابنة الديكتاتور بارك شونغ-هي الذي تولى السلطة بين العامين 1961 و 1979، بسبب هذه التجاوزات.

وقد اغتيل والداها في 1974 و1979، وهي ليست متزوجة ولا اولاد لديها، كما انقطعت علاقاتها مع شقيقها وشقيقتها، وكانت تظن انها عصية على الوقوع في شرك الفساد.

وقالت خلال حملتها في 2012 «ليست لدي عائلة للاهتمام بها، ولا أطفال يرثون ثروتي»، وأضافت «أريد ان اكرس جهودي للأمة والشعب».

وسحرت هذه الصورة الناخبين المحافظين الذين يرون في بارك الناجية الشريفة من تاريخ مأسوي. وقد تخطت الصدمة الناجمة عن الكشف عن مدى التأثير الذي مارسته شوي كل إرث الرئيسة.