862842
862842
الاقتصادية

الجرأة للاستعداد - كيف تحقق الفوز قبل أن تبدأ ؟ لماذا لا يكف المبدعون عن الاستعداد في كل خطوة حياتية جديدة يخطونها؟

09 ديسمبر 2016
09 ديسمبر 2016

تأليف: رونالد أم. شابيرو -

عرض وتحليل: أميل أمين -

إن تفوقت عليهم في الاستعداد، فستتفوق عليهم في الأداء... فالاستعداد المنهجي هو تلك الطريقة التقليدية لترتيب كل مهمة خطوة بخطوة وواحدة تلو الأخرى. إنه المكون السري الذي يتيح لك الوصول إلى دائرة النجاح والبقاء فيها، سواء كنت تنفيذيا تستعد لإبرام صفقة أو إلقاء خطبة، أو راميا للكرة تدرس خصال ضاربي الكرة الذين سيواجهونك وتدون بأدق التفاصيل نقاط قوتهم وضعفهم، أو كنت مفاوضا تجاريا دوليا تعرف كل الأشخاص الذين على الجانب الآخر والموضوعات التي تهمهم قبل الجلوس إلى مائدة التفاوض معهم، أو كنت جراحا يتدرب على العملية الجراحية التالية بالصورة نفسها التي يستعد بها قائد الاوركسترا لحفلته التالية.. أننا أمام كتاب مليء بالأمثلة الواقعية، ويبين كيف يمكن للتخطيط الدقيق أن يزيد احتمالات النجاح في العمل والحياة. مؤلف هذا الكتاب «رونالد أم شابيرو» هو الشريك المؤسسي لمعهد شابيرو للمفاوضات كما وصفته جريدة «يو .اس .ايه توداي» بأنه «واحد من أكثر الوكلاء القانونيين احتراما... وقد مثل خمسة من أهم لاعبي البيسبول الموجودين بقاعة مشاهير الدوري الوطني وصاحب عدد من المؤلفات في مجال التنمية الذاتية.

الاستعداد في البداية

يلفت المؤلف إلى أن الاستعداد هو أساس كل قائمة تحقق، وسواء كانت المهمة هي قيادة طائرة تجارية أو إدارة مستشفى، أو إعادة الأشخاص لعائلاتهم سالمين أو جعل المريض الضعيف يستعيد عافيته مجددا، فإن الاستعداد قد يصنع الفارق بين الحياة والموت.

كما أن الاستعداد في الأمور الأقل خطورة، مثل التفاوض بشأن أحد العقود أو إدارة مجموعة من العاملين أو اتخاذ القرارات العائلية، قد يكون هو الأمر الفاصل بين النجاح والفشل. أن ما يضمن سير عملية الاستعداد على النحو الأكمل حتى في تلك الأمور الأقل أهمية هو استخدام قائمة تحقق.

قد ينتابك شعور مختلف حيال كلمة الاستعداد، لذا قد يكون من المفيد أن تعود بذاكرتك لأيام الدراسة الإعدادية حين أخبرك مدرسو اللغة أن أفضل سبيل لمعرفة معنى الكلمة هو بالرجوع إلى أصلها والبحث عنه في المعاجم.

وفي هذا الصدد يكون معنى كلمة الاستعداد هو أن ترتب للشيء قبل الأقدام عليه، فأنت تجهز كل ما لديك من مكونات قبل البدء في تنفيذ المهمة، عملية البيع، الرمية، العملية الجراحية، النزاع القانوني الذي ينتظرك، فأنت تقوم بالرمية أو تترافع في القضية في عقلك أولا، تتصورها، وتقوم بتجميع أجزائها، وكل هذا قبل أن تبدأ العمل عليها أو عرضها أو التحدث عنها.

ولعل أفضل عبارة يمكن للمرء أن يتأملها هي تلك التي صرح بها المفكر الأمريكي الكبير وأحد الآباء المؤسسين «بنجامين فرانكلين»: الفشل في الاستعداد هو في حقيقة الأمر استعداد للفشل».

مبادئ الاستعداد الثمانية

بخبرنا المؤلف أن التعرف الشامل لكلمة الاستعداد يقوم على مبادئ الاستعداد الثمانية التي وضعها بعد ما يقارب أربعين عاما من العمل كرجل أعمال ومحام واستشاري استراتيجي، وهو يتبع تلك المبادئ حين يكون بصدد أي أعمال مهمة أو مهام شخصية، كما يستخدمها حين يوجه النصح والإرشاد للغير.

وعنده أنه ليس من الضروري أتباع هذه المبادئ على الترتيب الواردة به، لكن هناك منطق وراء هذا الترتيب، وفائدتها العظمى هي أنها تمنحك إحساسا أكبر بالسيطرة والكفاءة، وهي باختصار كما يلي:

• تفهم أهدافك: يعني الأمر تحديد الغايات التي تسعى لتحقيقها فبكل بساطة ووضوح، ما الذي تسعى لتحقيقه؟ كم مرة قلت لنفسك: «لابد لي من إنجاز هذا الأمر، دون أن تحدد الغاية النهائية من ورائه؟ في أحيان كثيرة أرى أناسا يضعون العربة أمام الحصان، من المهم أن تفكر بوضوح فيما تريد إنجازه بدلا من اتباع ما يمليه عليك حدسك وحسب. إن بعد النظر ووضوح الرؤية اللذين يتحققان حين تحدد أهدافك بصورة جلية سيمنحانك السكينة والصفاء.

• التدريب على مواقف مشابهة سابقة: يمنحك أمثلة على حلول مجربة وموثوقة من شأنها إرشادك ومساعدتك على أن تقنع الأطراف الأخرى. أن التعاملات السابقة أو خبراتك أو خبرات الآخرين كلها أمور قد تؤثر في النتائج النهائية التي تحققها أو قد تخدم كنماذج. يمكن التعرف على مثل هذه الأشياء من خلال القراءة أو تسجيل الملاحظات بخصوص خبرة سابقة أو مناقشة المهمة مع زميل أو شريك أو التفكر بصورة عميقة في مواقف أخرى شبيهة.

• معرفة البدائل: تعني طرح كافة النتائج التي قد تحصل عليها، إضافة إلى النتائج التي يتوقع عملك أو الطرف الآخر من النقاش تحقيقها. عليك أن تحرص على التنبؤ بما يمكن أن يواجهك مستقبلا.

• تحديد الفوائد: التي تعود على الطرف الآخر من شأنه أن يبقيك مركزا على معرفة الأهداف أو الدوافع التي تحركه، أنظر إلى ما وراء موقفه المعلن. ما الحاجة التي يسعى لإشباعها.

• وضع استراتيجيتك: يمكنك من رسم خطة عمل، وذلك بعد الانتهاء من تحليل المعلومات التي جمعتها من المبادئ الأربعة الأولى. حين تكون تلك المعلومات بين يديك سيكون بمقدورك تحديد الخطوات التي ستتخذها، وكذلك تحديد ما ستطلبه من الطرف الآخر، أو ستقوله له، ووفق هذا المبدأ فأنت تقوم أيضا بتحديد الأسلوب والشكل واللهجة التي تقوم بتوصيل أفكارك أو طلباتك.

• تحديد أطار زمني: يعد أمرا عسيرا للغاية على كثير من الناس، لكن الإطار الزمني ما هو إلا تحديد للمواعيد النهائية المفترضة إلى جانب أبرز المحطات. أن الأطر الزمنية ليس المقصود منها أثقال كاهلك بالهموم، بل هي أدوات تعينك على تنظيم وعرض الخطوات التي تحتاجها لتنفيذ استراتيجيتك.

• اختيار الفريق: هي عملية تحدد فيها من سيعمل معك، وما أدوارهم ومستوياتهم. أن مفتاح النجاح هو توزيع المهام بصورة تتناسب ومواهب واهتمامات أعضاء الفريق إضافة إلى ذلك من المهم أيضا أن يكون هناك من يخالفك في الرأي.

• كتابة النص: هي عملية تدوين للرسالة التي تود توصيلها أو العرض الذي تريد تقديمه، إضافة إلى إعداد الأسلوب الذي ستستخدمه في ذلك ـ حين تقوم برسم الخطوط العريضة لطريقة توصيل الرسالة، أو تقديم العرض، ثم التدرب على أسلوبك، تكتسب الثقة بالنفس.

ما وجهتك؟ تفهم أهدافك

من الأشياء الرائعة التي يمتلكها المرء القوة والدافعية، لكن دون وجود اتجاه محدد يمكن لهذين الأمرين أن يدفعاك للدوران في دوائر مفرغة وأنت تتعجب عن السبب وراء عدم تحقيقك لما تريد. هناك سؤال بسيط مكون من شقين من شأنه مساعدتك على تحديد أهدافك، وهو أفضل سبيل للبدء في أي مهمة تواجهك... ما؟ ولماذا؟ أي ما الذي تريد تحقيقه؟ ولماذا تريد ذلك؟

إن إجابة هذا السؤال ستوضح لك الأسباب التي تقف خلف أقدامك على مهمة ما، كما ستمثل أولى خطواتك في عملية الاستعداد. وكيلا تظن أن قضاء بعض الوقت في عملية تحديد الأهداف قد يبطئك، يقول لك المؤلف من واقع خبرته، إن هذه خطوة أساسية تعلي أداءك من المستوى المقبول إلى المستوى الاستثنائي، فأنت واحد من آلاف الأشخاص الموهوبين المخلصين في مجال، ولكي تؤدي بشكل أفضل وتحصل على رضا أعلى سيكون مطلوبا منك تسخير قوي الدافعية لديك إلى جانب تفهم أهدافك، فتجديد الأهداف هو ما يصنع الفارق. افترض أنه خطر ببالك أن تتسلق قمة جبل أفرست، كما الحال مع عدد كبير من متسلقي الجبال. إن الهدف المتمثل في الوصول لقمة الجبل هدف واضح. لكن ما لم تؤكد بكل وضوح أن هدفك يشتمل على النزول من قمة الجبل أيضا بسلام، فقد تتعرض استراتيجية العودة التي ستضعها للفشل كما حدث بالفعل لكثير من متسلقي الجبال.

إن تحديد أهدافك هو قطعة الدومينو الأولى التي ستسقط ما يليها من قطع حتى يتحقق لك الاستعداد السليم. هل تتخيل أنه يمكن لشخص أن يطلب منك الإبطاء في عملك أو حياتك لكي تحقق النجاح؟ ما زلت إلى الآن أواجه صعوبة في مقاومة هذه الدعوات الشائعة في ثقافتنا والتي تتطلب منا أن نتبع حدسنا ونثق بغريزتنا. إن الاستعداد يتضمن تحلي الفرد بالتواضع الشديد.

يمكنك تسميته بالعمل الموجه لتحقيق غرض، فأفضل عمل هو ذلك العمل الذي يقوم به الفرد ويتفهم الغرض من ورائه، على أكمل صورة، لا تقم بالعمل فقط لأن مديريك طلب منك ذلك، لا تقم به لأنه حدسك يخبرك أن هذا هو الأمر الصائب قم بعملك لاقتناعك به ولاستعدادك لإنجازه.

هل أنت في حاجة للاستعداد؟

هناك في واقع الأمر ثلاثة أعذار شائعة تمنعنا من الاستعداد بصورة منهجية متكاملة:

1. لا وقت لدي.

2. فعلت هذا من قبل.

3. أعرف كيفية القيام بذلك.

لا وقت لدي ..لا وقت لدي: مصيدة الاضطرار إلى إتمام الأمر، أنت تتذكر على الأرجح تلك النصيحة التي كان يقولها لك مدرسوك بالمرحلة الثانوية، أو أساتذتك بالجامعة، والتي تقول: إنك توفر الوقت في نهاية فترة البحث أو المشروع من خلال الاستعداد بصورة أكبر في بدايته.

بعد كثير من الجهود العقيمة لابد أن تكون قد أدركت أنهم كانوا محقين، فأنت تحقق بالفعل نتائج أفضل وتواجه عقبات أقل إذا تمهلت في البداية بحيث تقوم بعمل مخطط تمهيدي متكامل للبحث أو العرض التقديمي الخاص بالفصل الدراسي.

هذه نصيحة مفيدة نعلم كلنا مدي صوابها. لماذا إذن لا نتبعها؟ أعتقد أن الإجابة تتعلق بقدر كبير بالتكنولوجيا التي تدفعنا للقيام بمهام متعددة والانخراط في هذه الحياة المتسارعة وتتيح لنا الأدوات والمصادر التي تغرينا بذلك، يقال لك أنك تستطيع القيام بما هو أكثر في وقت أقل، مع إنجاز العديد من الأمور في اللحظة نفسها. لذا فأنت تفعل هذا، إن مقدار الانشغال الذي تشعر به لا يصدق، وفي الوقت ذاته تحس بمدى ضالة ما تنتجه في الواقع. يمكن أن ينتج تعدد المهام من التكنولوجيا، أو من ضغوط الأقران، أو من النشاط المفرط وحسب. لكن لابد أن تكبحه وأن تعاود استخدام طرق الاستعداد المنهجية من أجل تحويل السرعة إلى سرعة متجهة، أن وجود قائمة تحقق سيساعدك على فعل هذا الأمر، ويقلل من حدة الضغط الواقع عليك أثناء عملية الاستعداد.

فعلت هذا من قبل

إنها مصيدة التكرار، المبرر الثاني الذي نتذرع به للانتهاء من عملية الاستعداد بسرعة أو التغاضي عنها أصلا، مبني على الخبرات السابقة- أنت تلقي الخطبة نفسها على جمهور جديد، أو العرض التقديمي نفسه لزبون جديد، أوستقول مثل مدرس التاريخ الذي يدرس الأحداث نفسها للسنة العاشرة على التوالي. لكن بغض النظر عن مقدار إتقانك للمادة التي بين يديك هنالك على الدوام فارق يميز ذلك العرض الجديد الذي تلقيه على جمهورك.

إن عادة الاستعداد المنهجي يمكن اكتسابها بحيث تصير نظاما افتراضيا في أي من مساعي الإنسان الشخصية أو المهنية، أن قائمة مبادئ الاستعداد الواردة في هذا الكتاب ستساعدك على مقاومة تلك الرغبة التلقائية في أن تقول «فعلت هذا من قبل».

أعرف كيفية القيام بذلك

إنها إشكالية متلازمة النجاح.. فأنت تنظر إلى المهمة التي أمامك، وتعلم أنها جديدة عليك: أنت من نوعية الأشخاص الذين ينجحون في أي شيء يفعلونه، وهكذا وبكل ثقة تقول لنفسك «أعرف كيفية القيام بذلك، وبهذا اليقين تقرر اختصار عملية الاستعداد التي لابد من القيام بها كي تتم المهمة بنجاح. كم مرة حدث أن دخلت إلى حجرة في بيتك واكتشفت أن جدرانها كئيبة اللون؟ فالجدران تبدو متشققة منبعجة، تذهب إلى متجر أدوات ومواد الطلاء وتختار لونا ظريف، ثم تشترى بعض الفرش والأوعية- أنت لم تقم بعملية الدهان من قبل لكنك رأيت كيف يتم فعل الأمر، وهو يبدو على قدر من السهولة، وهكذا تقول لنفسك: أعرف كيفية القيام بهذا الأمر». تبدأ في صب الدهان في الوعاء ثم تثبت السلم الخشبي وتبدأ في دهان الجدار باللون الأزرق الداكن، تظل راضيا عما فعلت إلى أن يأتي أحد الجيران، ويسألك متى قمت بوضع طبقة الأساسي، أي طبقة أساس؟

يمكن أن تتحول الثقة سريعا إلى غرور. قول عبارة قبل «أعرف كيفية القيام بهذا الأمر، يمكن أن يتحول إلى عادة مميتة، سواء كنت بصدد دهان حجرة أو فعل شيء ما للمرة الأولى في حياتك الذهنية.

من خلال استخدام طريقة استعداد منهجية ومقاومة ذلك الاندفاع لعمل الشيء بتسرع ستقي نفسك من الوقوع في الأخطاء التي يتسبب فيها الغرور. إن مبادئ الاستعداد تبقيك متواضعا ونهما للتعلم، إن الاستعداد يبقي قدميك راسختين على الأرض، أنه يمنعك من أن تكون مثل ذلك الشخص الذي يسارع بقول: «أعرف كيفية القيام بذلك»... هل تنتبه إذن إلى تلك الآفات الثلاث في حياتك؟

خطط مستعينا بالمواقف السابقة

يساعدك استكشاف المواقف السابقة على التعرف على ما تم عمله من قبل في المواقف المشابهة لموقفك، الأمر الذي من شأنه مساعدتك على مواجهة التحدي الذي يواجهك الآن. قد تشمل المواقف السابقة خطوات عامة أو مناورات حاذقة أو قرارات منطقية أو رهانات خاطئة أو استراتيجيات أو ضربات حظ أو تعديلات فورية أو أخري تم عملها في اللحظات الأخيرة، أو أنذارات ضائعة أو أخطاء بسيطة حدثت من قبلك عبر حياتك المهنية، أو من قبل أناس آخرين، أو حتى مستقاة من التاريخ بصورة عامة. التخطيط بالاستعانة بالمواقف السابقة يحتاج منك أن تدرس التاريخ وأن تتقص الحقائق، وأن تتخذ لنفسك هواية، كل ذلك في الوقت نفسه. ينبغي أن تقنعك المواقف السابقة بصورة أو بأخري بشأن كيفية التنبؤ بالبدائل المتاحة، وكيفية وضع استراتيجيتك الخاصة. أن استخدام المواقف السابقة ينطبق عليك وعلى الطرف الآخر أيضا أي أنه ينبغي عليك تقصي المواقف السابقة التي تساند موقفك إضافة إلى تلك المعززة لموقف الطرف الآخر في الصفقة أو المفاوضات... تخيل نفسك وقد صرت مؤرخا للمجال الذي تعمل به، أجمع من التاريخ كل ما من شأنه أن يؤثر عليك ويثقفك ويمنحك القوة أنت والطرف الآخر المتمثل في جمهورك أو خصمك، وهكذا يصير بإمكانك البدء في تقديم عرضك أو الاجتماع بخصمك وأنت مدعوم بقوة التاريخ، وكما قال «أوليفر ويندل»، ذات مرة «أوقية من التاريخ، تساوي رطلا من المنطق».

ما التوقعات.. أعرف البدائل

تساعدك المواقف السابقة على النظر إلى الوراء، لكن من خلال معرفة البدائل المتاحة، فأنت تنظر إلى المستقبل كي تحاول التنبؤ بالنتائج المحتملة التي قد تتراوح من تلك المقبولة بالكاد إلى تلك التي تحقق لك هدفك على النحو الأمثل. وسواء كان الأمر يتعلق بتعيين موظف جديد أو الاستثمار في أسهم أحدي الشركات أو إنشاء شركة جديدة أو بيع أخرى، أو التحدث لجمهور أو تقديم أحد العروض لمجلس الإدارة، فإن التنبؤ بالبدائل المحتملة يساعدك على اختيار السبيل الصحيح. فما لم تكن متفهما بالكامل لكافة النتائج المحتملة، فسيكون من العسير عليك أن تحدد بصورة قاطعة الخطوات التي عليك اتخاذها للوصول إلى أفضل النتائج، فأثناء المفاوضات على سبيل المثال من الضروري أن تحدد هدفك الأعلى الذي تطمح له، وهدفك الأدنى الذي لن ترضي بأقل منه. بعبارة أخري ما هو أفضل سعر تريده، أعلى كمية، أفضل صياغة للصفقة تسعى للحصول عليها؟ وعلي النقيض من ذلك، ما النقطة التي ستنسحب عندها من المفاوضات، لأنها لا تحقق لك حتى الحد الأدنى الذي قد ترضى به؟ أثناء المفاوضات أنت تحاول الحصول على شيء من الطرف الآخر، عليك أن تعرف مقدار قوة الطرف الآخر في المفاوضة، وذلك من خلال تفهم النتائج التي يرغب في الحصول عليها من تفاوضه معك إلى جانب ما ترغبه أنت: هل يحتمل الموقف أن يغالي كل طرف في مطالبه، أن تتمسك بمطالبك أم تنسحب من المفاوضات دون إتمام الاتفاق؟. إن التنبؤ بالنتائج المحتملة سيزيد من قدرتك على صياغة استراتيجية تساعدك على تحقيق النتائج التي ترغبها، فأنت تتفحص الغايات العديدة قبل أن تختار وسائل تحقيقها، كما أنها تختار النتيجة المحتملة التي تفي بأهدافك المرغوبة. ومن خلال وضع المعايير لنتائجك ستقوم بتركيز جهودك بصورة تساعدك على وضع استراتيجية واضحة لتحقيقها.

أعرف اهتمامات الآخرين

عادة ما نميل للاعتقاد بأن الخطباء والممثلين والرياضيين هم فقط من يتعاملون مع الجمهور، في الحقيقة كل واحد منا لديه جمهوره، وهذا الجمهور يبدأ منك أنت نفسك، ومن تعمل معهم، وينتهي بالعملاء أو المجموعات التي أمامك. أن الحرص على معرفة جمهورك ومعرفة ما يحفزه يعد من أسس الاستعداد الناجح . حين يتعلق الأمر بفهم اهتمامات الآخرين، قد يكون عليك أن تتقصي وتستكشف ما وراءه وهل هو ظاهر لك. أن عملية النقص أو طرح الأسئلة بصورة منهجية على العميل أو الزميل من أجل الحصول على المعلومات المناسبة هي أحدي طرق دعم وتعزيز عملية استعدادك، فهذه العملية قد تمدك بمعلومات تشكل وجهة نظرك، أو تقوي موقفك، أو تكشف عن الحاجات أو الأهداف التي قد تكون خافية عليك أو لم يتم التصريح بها. ومثلما تحدد أهدافك في بداية عملية الاستعداد، ينبغي عليك كذلك أن تحدد اهتمامك زبائنك أو جمهورك أو شركائك. أن عملية الاستعداد ليست عملية منفردة تقوم بها دون اعتبار لمن حولك، فأنت تعد نفسك من أجل جمهورك، زبائنك، زملائك، نظرائك، كما أن تطبيق المبادئ على جمهورك سيساعدك على تحديد اهتماماتهم إلى جانب التعرف على أهدافهم والمواقف السابقة التي مروا بها، والبدائل المتاحة أمامهم. يعد التقصي أداة رئيسية لمعرفة اهتمامات جمهورك، ويمكنك على هذا بصورة مباشرة من خلال توجيه الأسئلة والبحث في تاريخهم، كما يمكنك طلب المعلومات من الأشخاص الذين عملوا في الماضي معهم أو ضدهم.

النظر وتحديد الاستراتيجيات

كثير من الناس يضعون نسخة من كتاب «فن الحرب» للقائد العسكري الصيني «صن تسو» على أرفف المكتبات بمكاتبهم، وحين ترى هذا الكتاب يراودك أحساس غريب فأنت تدخل المكتب لعقد اجتماع، ثم ترى الحروف الحمراء الكبيرة المطبوعة على غلافه، وتفكر في نفسك «يا إلهي هذا الشخص يقتني نسخة من هذا الكتاب، لابد أنه دارس مخلص لعملية وضع الاستراتيجيات» البعض الآخر يحتفظ بكتاب الأمير لـ : ميكيا فيللي».

لا شك أن كتابي «فن الحرب»، و«الأمير» من الكتب ذات المصداقية في مجال الاستراتيجيات العسكرية والسياسية، فمن الظاهر يدعو هذان الكتابان للتحلي بالكفاءة وقسوة القلب، بل وحتى انتهاج أساليب ملتوية للحصول على ما تريد، بيد أنني تعلمت بعد وقوعي في العديد من الأخطاء في استراتيجياتي، أن كتب الاستراتيجيات، سواء كانت كلاسيكية مثل هذين الكتابين أو حديثه، يمكن أن يساء استخدامها، فهي قد تغري المرء للاندفاع لوضع استراتيجية، وليس للقيام ببنائها فهي تعطيك انطباعا بأن أول ما تبدأ به هو وضع الاستراتيجية لا تبنيها خطوة بخطوة. هذه الكتب تخبرك بما عليك فعله حين تواجه موقفا ما لكنها لا تخبرك بكيفية استعدادك لهذا الفعل، أنني لا أحاول الدخول في جدال عقيم حول هذه الكتب، لكن ليس من الصواب أن تضع لنفسك هدفا غامضا ثم تسارع بوضع استراتيجية، فهناك خطوات مهمة عليك القيام بها بين هذين الأمرين.

في أحيان كثيرة تكون الاستراتيجية أي تحديد الخطوات التي عليك اتخاذها، هي الخطوة الأولى في عملية الاستعداد من وجهة نظر الكثيرين، لكن التسرع بوضع استراتيجية عادة ما يؤدي إلى خطة خاوية أو مضللة.

ينبغي أن تكون الاستراتيجية نتاج عملية الاستعداد المنهجي، لا أن تكون نقطة البداية، أن الالتزام بمبادئ الاستعداد هي ما سيقودك إلى صياغة استراتيجية مستنيرة.

بعد أن تحدد استراتيجيتك سيساعدك فريقك والإطار الزمني وكتابة البعض على تنقيحها وتحديد مراحل تنفيذها وعادة ما تجبرك المواقف غير المتوقعة على تعديل استراتيجيتك وسواء كنت تواجه حدثا غير متوقع يتمثل في رحيل الفريق الإداري الأساسي لك، أو أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي زعزعت مجال عملك، فإن أحدهم يستعد لتعديل استراتيجيته بالصورة المنهجية نفسها التي كان قد صاغها بها في بداية الأمر.

ضع لنفسك إطار زمنيا

لا تتردد في وضع إطار زمني، من أجل أنجاز أهدافك، وهناك أربعة أسباب تبين لك أن الجدول الزمني حين يتم التعامل معه على النحو الصحيح يعد من الخطوات القيمة للغاية عند الاستعداد لأي مشروع.

أول هذه الأسباب هو أن مجرد وضع جدول زمني لعملك يرسخ بداخلك أحساسا بالالتزام حيال عملك. أن الإحساس بالدافعية أمر مهم في العمل ىمثل الرياضة، وحينما تكمل كل مرحلة ستشعر بدفعة معنوية قوية تماما مثل لاعب التنس الذي يحرز الشوط تلو الآخر، والمجموعة بعد الأخرى.

ثانيا: يعد الجدول الزمني مصدرا جيدا للتعاون، فهو يرسخ قيمة العمل الجماعي حيال أي مهمة، فالموعد النهائي يصير الخصم، أو الوقت أو الرقم، الذي يجب التفوق عليه وبمقدورك استخدامه لخلق أحساس بالتحدي والعمل الجماعي، أن وجود أهداف مرحلية يوجد الدافعية.

ثالثا: على المستوى العلمي نحن جميعا نعرف أن المشاريع قد تستغرق وقتا طويلا في تنفيذها ما لم نتحكم في عامل الوقت. فدون وجود جدول زمني، قد تجد نفسك عاجزا عن التقدم في مشروعك من أجل الوفاء بالموعد المحدد لتسليمه. إن وضع الجدول الزمني من الخطوات الحيوية التي عليك القيام بها إذا كنت ترغب في التحكم في مسار المشروع، لا أن تترك المشروع يتحكم فيك. دون وجود هذا الجدول قد تجد نفسك تواصل العمل متجاوزا نقطة معينة يجب عليك التوقف فيها، وبالتالي تستنزف قدرا من الوقت كان بإمكانك استخدامه في مواجهة تحديات أخرى.

رابعا: يمكن للجدول الزمني أن يكون وسيلة طيبة لتعريفك بكيفية أنجاز المهام. أن عملية كتابة جدول زمني في حد ذاتها تشجعك على التفكير في الخطوات المطلوبة للنجاح، ومن خلال وضع الأهداف المرحلية الواحد تلو الآخر يكون في مقدورك التفكير في خطوات جديدة، وتخيل العوائق، أو حتى تطوير استراتيجيات جديدة لم تكن لتفكر بها لو لم تضع هذا الجدول الزمني.

يمكن النظر لعملية وضع الجداول الزمنية بوصفها أمرا مرهقا، وبسبب عدم التفهم الكامل لتأثيرها دائما ما يغفلها الناس لأنها تعد في نظرهم أدوات أما بالغة في البساطة، وإما بالغة في التعقيد، ناهيك عن أنها محكوم عليها بالفشل. المغزى من وراء الجدول الزمني هو أن نفكر في الخطوات التي تؤلف استراتيجيتك التي وضعتها كي تحقق أهدافك.

تعلم كيف تختار فريقك

قد يصعب العمل كفريق واحد في العديد من المؤسسات، فالمنافسة الشخصية والمواعيد النهائية والأعياد الكثيرة التي يجب القيام بها في وقت قليل كلها أمور تمنعك من إقامة علاقات مع زملائك بحيث يعتمد كل واحد منكم على الآخر في تبادل الأفكار والنقد وتلقي الدعم . لكن لا يجب أن يسير الأمر على هذه الصورة، فمن صفات المحترفين المتميزين في عملهم، وخاصة من يتقنون عملية الاستعداد، هي الرغبة في التعاون مع ذوي الموهبة من الزملاء أن الاستعداد للنجاح في عالم الأعمال المعقد سواء كان الأمر يتعلق بإدارة واحدة من كبريات شركات المستحضرات الدوائية أو إدارة صيدلية بعينها أو تطوير أحد المباني أو بيع أحد المنازل أو سن قانون جديد، أو الفوز في منازعة قضائية، يتطلب منك الاستعداد من خلال توزيع المسؤوليات على أعضاء فريقك بشكل يتناسب وقدرات كل واحد منهم . ما المهمة التي سيقوم بها كل شخص وكيف ستحدد هذا الأمر؟

أن الفريق يساعدك على بناء قاعدة معارفك وتوسيع رؤيتك والاستفادة من كل الآراء، من أساسيات الاستعداد الناجح معرفة المهارات الخاصة بكل عضو من أعضاء فريقك وأن تختار له الدور الذي يتناسب ومهاراته.

من أساسيات الاستعداد بالاستعانة بفريق وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. فأنت تعرف مهارات أعضاء فريقك وعليك أن تستلها في المواطن الصحيحة من خطتك.

يلعب أعضاء الفريق كذلك دورا مهما في عملية الاستعداد حيث يساعدون على تحديد الأهداف واسترجاع المواقف السابقة المشابهة وتحديد الاستراتيجيات.

بينما تعمل على صياغة النص، وهو المبدأ الأخير، سيشارك أعضاء الفريق المتميزون بآرائهم ويمدونك بفرصة لتجربة السيناريو الذي أعددته.

تعلم من أخطائك

إن الاستعداد والالتزام بالمبادئ لن يحقق لك النتائج المثالية طوال الوقت.. لماذا؟. لأن شيمة البشر الوقوع في الأخطاء، فبإمكانك اتباع المبادئ بحذافيرها، لكن هذا لن يمنعك من الوقوع في الأخطاء، وهذا الآن، الأخطاء قدر محتوم، ومع ذلك فإن أفضل الناس استعدادا هم من يتعلمون من أخطائهم، ثم يستعينون ببصيرتهم كي يغيروا من طريقتهم في الاستعداد، أما في منتصف الطريق، وأما في مواجهة التحدي القادم.

إن استخدام المبادئ لا ينتهي بمجرد البدء في المهمة، فهي تظل معك وتساعدك حين يقع أي خطأ أو ظرف غير متوقع يجبرك على تغيير مسارك، وفي مثل هذه اللحظات يكون عليك أن تستعد من جديد ومن خلال الالتزام بنظام منهجي تقوم بلم شتات نفسك بسرعة وفعالية.

يقول المؤلف: لقد ألفت كتابين، وأحيانا ما يقول لي البعض: «يا للروعة، لابد من أنه أمر عظيم أن تكون قد حققت الكثير لدرجة تمكنك من تأليف كتابين».. بالطبع أغتبط لهذه الكلمات لكني أنظر للأمر من ناحية مختلفة، لقد ارتكبت ما يكفي من الأخطاء في حياتي، وتعلمت منها، وهذا ما أهلني لتأليف كتابين بهما من الأفكار ما يمكن أن يساعد الناس حين يواجهون موضوعات ومشكلات مشابهة لما مررت بها.

إن الأساتذة لا يكفون أبدا عن الاستعداد، وأساتذة الاستعداد يرتكبون الأخطاء سواء في الاستعداد أو في التنفيذ، لكن أساتذة الاستعداد كذلك يستفيدون من هذه الأخطاء من أجل الاستعداد بشكل أفضل أن الحاجة لعمل تعديلات وأنت في وسط الطريق لا يعني أن استعدادك من البداية كان سيئا، فهي أمر حتمي، المهم في الأمر هو تطبق بعض من المبادئ ذاتها على عملية التعديل وتصويب الأخطاء التي وقعت في عملية الاستعداد السابقة. أن أخطاءك هي أفضل مواقف سابقة تستفيد منها.