إشراقات

مبـاحثـات في عـلم التجـويـد

08 ديسمبر 2016
08 ديسمبر 2016

أجاب عنها عبدالله بن محمد المداديّ (قـ 12 هـ) -

يحتوي كتاب «مباحثات في علم التجويد» الذي صدر عن مركز ذاكرة عمان مباحثة في علم التجويد وقراءة القرآن الكريم، بين السائل الشيخ عامر بن أحمد بن سالم العثماني وأجاب عنها الشيخ عبدالله بن محمد المداديّ النزوي. والكتاب في أصله المخطوط يحتوي– بحسب الباحث سلطان بن مبارك الشيباني الذي أخرج هذا الكتاب وضبط نصه– على مصنفات ورسائل أكثرها في علم التجويد، ومباحثات بين الشيخ المدادي وعدد من علماء عصره. غير أن الباحث الشيباني اكتفى في هذا الكتيب بإخراج المباحثة التي دارت بين عامر بن أحمد بن سالم العثماني وأجاب عنها الشيخ عبدالله بن محمد المداديّ النزوي. ونظرًا لقلة ما أثر عن العلماء العمانيين من التأليف في علم التجويد؛ فإن هذا الكتاب يكتسب أهميته العلمية والتاريخية من هذا الجانب، إضافة إلى انه يشير إشارات إلى عدد من الآثار العمانية في علم التجويد، وعدد من العلماء المعاصرين للشيخ المدادي والمهتمين بعلوم القرآن الكريم وتجويده.

من الكتاب

وقد جاء في المسألة أو المباحثة التي وجهها عامر بن أحمد بن سالم العثماني إلى الشيخ عبدالله بن محمد المدادي، الآتي: «ما تقول شيخنا وسيدنا العالم الفقيه عبدالله بن محمد بن بشير المدادي– أمده الله برحمته وتوفيقه– فيمن أراد علم التجويد، كالترقيق والتفخيم والإمالة والروم والإشمام، هل يجوز له القراءة به بغير توقيف من شيخ قارئ ثقة وسماع منه؟ بل تحريًا منه ما في الكتاب، ووجد تحرّيه ذلك مخالفا لقراءة الناس أهل زمانه. فما أولى به؟ اتباع قراءة الناس أم يتحرّى ولا يلتفت إلى غيره؟ ونحن قد نجد في بعض كتب أصحابنا وبعض كتب مخالفينا مسائل كأنها تدل على المنع من القراءة إلا بالسماع، وأن يقرأ أحد بحرفٍ لم يقرأ به أحد من الماضين . فأحببنا أن نكتب بها إليك لتفسرها. هل هي على ظاهرها ؟ أم لها تفسير غير هذا ؟ أو هي صواب أم لا ؟»

ثم يورد السائل بعد ذلك نصوصا من كتب مختلفة، من ذلك ما أورده من كتاب الضياء للعوتبي: «ولا تجوز القراءة إلا بالعربية، ولا يجوز أن يقرأ أحد بحرف لم يقرأ به أحد من الماضين– وإن كان جائزا في اللغة– في ذلك مبتدعا. وعن حذيفة أنه قال: اتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم، فو الله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا». كما أنه نقل من كتاب النشر لابن الجزري، ومن كتاب الإتقان لعلوم القرآن للسيوطي وغيرها نصوصا عديدة في مسائل التجويد واختلاف القراءات القرآنية من ذلك مثلا ما نقله من كتاب النشر لابن الجزري: « كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية، ولو احتمالا، وصح سندها ؛ فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها، ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ....»

وبعد ذلك يرد جواب الشيخ المدادي في الآتي: «وفيما سأل عنه الولد الحبيب وشرحه وأبانه من اللفظ الرائق، الحسن المفيد اللائق، فاعلم – شيخنا ومُحبنا- أني قليل الفهم والمعرفة بمعاني النحو والتجويد ومعاني الحروف، ولا تلقيت ذلك عن شيخ بل أدركت من أدركت من المشايخ القرّاء المشهورين في ذلك الزمن، مثل الشيخ خلف بن محمد بن عامر بن خنبش المعلم، وأخيه الشيخ عبدالله بن محمد، وتعلمت منهم ما شاء الله، ودارست من دارست منهم، ولم أقرأ عليهم من كتب التجويد ، وإنا إن شاء الله نتبع ولا نبتدع، وقولنا في ذلك قول المسلمين المحقين، وقد راق في قلبي ما تقدم في هذه القراطيس، وهو قوله: فليس التجويد بتمضيغ اللسان ولا تقعير الفم، ولا بتعويج الفك، ولا بترعيد الصوت، ولا بتمطيط الشدّ، ولا بتقطيع المد، ولا بتطنين الغنات، ولا بحصرمة الراءات، قراءة تنفر عنها الطباع، وتمجها القلوب والأسماع، بل القراءة السهلة العذبة الحلوة اللطيفة، التي لا مضغ فيها ولا لوك، ولا تعسف ولا تكلف، ولا تصنع ولا تنطع، لا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء بوجه من وجوه القراءات والأداء. فهذا الذي حسن في عقلي وراق في قلبي، وكفى بمن أدركنا ممن أدركنا من العلماء الراشدين، والأئمة المهتدين حجة وبرهانا».