أعمدة

عطر: خلطة الأنوثة «شادية»

07 ديسمبر 2016
07 ديسمبر 2016

رندة صادق -

[email protected] -

البعض يظن أن كل امرأة هي أنثى، ولكن الحقيقة ليست كل امرأة أنثى، فالأنوثة هي مجموعة صفات تملكها بعض النساء دون أخرى، وكلمة أنوثة لا تعني نوعا فقط، بل هي صفات خاصة شديدة الخصوصية تميز امرأة عن أخرى. فالأنثى يظن البعض أنها المرأة الجميلة ويحصر الأمر بالشكل، وهذا خطأ كبير، فالأنوثة ليست صفات شكلية بل هي صفات غامضة لا علاقة لها لا بالطول ولا بالوزن ولا بالشكل، وهي لا تُصنع كما يظن البعض، فمثلا حين تنتخب ملكة جمال العالم لا تنتخب لأنوثتها بل لمقاييسها، حيث يعملون وفق معايير الطول والوزن و يسوقون أنها هي من قد تكون أجمل و أكمل جسم في العالم، وكأنهم يصنعون آلة ما بمواصفات عالمية لا تمت بأي صلة لحقيقة الأنوثة، بل هي تقوم على الجمال البارد المصنع، مما يجعلنا نؤكد أن الأنوثة لا تصنع ولكنها تمنح هبة من الله يخص بها بعض النساء، وسر خاص بهن حتى هن أنفسهن لا يدركن سبب توفره بهن، حيث يجعلهن طاقة جاذبة كالمغناطيس، حيث يتمتعن بخلطة الأنوثة التي لا علاقة لها لا بالملابس ولا بالعطور، الأنوثة لا تكتسب ولا يمكن أن تأخذ المرأة تدريبات فيها فتعمل على تحسين طاقتها الجاذبة، هي حالة شديدة الخصوصية وعند بحثي عن أنموذج من المشاهير العرب تنطبق عليها هذه الحالة الأنثوية التي أتحدث عنها أي أن الله وهبها ذلك السحر الخفي الذي يفرق بين المرأة و الأنثى، حيث إن لها ذلك الحضور القوي الذي يجعلك تدرك الفرق بين الورد الاصطناعي والورد الطبيعي، فالأول شكل بلا عبير والثاني له شذى يسكن ذاكرتك، وفنانتنا هي من هذا النوع صاحب الخلطة الأنثوية السحرية، الفنانة الشاملة التي تربعت كنجمة شباك لمدة خمس وعشرين عاما “شادية” هي مولودة من أم تركية وأب مصري، لقد وهبها الله سر جمالها وقوة حضورها والتي ميزتها بين فنانات عصرها، و بحسب رأي الى الآن لم يعرف العالم العربي امرأة مشهورة تنافس خلطتها الأنثوية، فهي كانت تجمع بين براءة الوجه وجماله وبشاشته وخفة الظل وشقاوة الأطفال وحلاوة الصوت وصدق الإحساس، مما جعلها تنال لقب دلوعة السينما المصرية عن جدارة .

هذه الفنانة تمتعت بحضور أنثوي خاص بعيد عن الابتذال والتسويق، لا أحد بإمكانه توصيف حضورها الأنثوي والفني الذي شكل حالة وجدانية في عالمنا العربي ان كان بأدائها التمثيلي أو الغنائي، فصوتها حرك أحاسيسنا العشقية والوطنية وسكن ذاكرتنا، هي من زمن العمالقة والحالة الفردية الإبداعية الخاصة والتي زودها الله سبحانه وتعالى بسر جعلها لا تتكرر، ولعل قمة جمالها وروعة أنوثتها تكمن بذكائها ولقد تجلى ذلك بقرار اعتزالها حيث صرحت :”لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال، لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويدًا رويدًا... لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم، ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء، وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس”

هذه الفنانة العملاقة استطاعت أن تحتفظ بصورتها الجميلة والجذابة في ذاكرة جمهورها وكل متابعيها، وان تكرس نفسها رمزا أنثويا لا يتكرر و ان تقول للعالم: الأنوثة هبة في المرأة لا يمكن أن تكتسب أو تُصنع.