أعمدة

نبض المجتمع: صحم .. تاريخ وحضارة

07 ديسمبر 2016
07 ديسمبر 2016

خصيب القريني -

(صحم ..تاريخ وحضارة) كان عنوان ملتقى مادة الدراسات الاجتماعية في مدرسة يعرب بن بلعرب بولاية صحم قبل حوالي أسبوعين، ملتقى سعى القائمون على اعداده وتنفيذه لابراز مكنونات التاريخ والجغرافيا في هذه الولاية العريقة والتي كان لها حضور اقتصادي واجتماعي بارز في مختلف العصور والأزمنة، وربما استشعر معدو الملتقى ان هنالك تقصيرا من الباحثين والمهتمين بالتاريخ في هذا المجال فسعوا بإمكانياتهم البسيطة لسد النقص في هذا المجال، او لنقل سعوا لفتح المجال لمزيد من الدراسات والملتقيات والندوات التي تبحث وتبرز الدور الحضاري لهذه الولاية.

لقد كان الملتقى متنوعا في طرحه متنوعا في شخوصه، ساعيا لاشباه الكمال في النظر للموضوع من زوايا مختلفة تسعى في النهاية لتقديم صورة متكاملة عنه، ومن هنا كان الاتكاء على عامل التنوع سبيلا لتحقيق هذا الهدف، فقد تم تقديم ورقة عمل حول المكتشفات الاثرية في الولاية اكد من خلالها الدكتور خالد احمد دغلس على وجود استيطان بشري منذ اكثر من 4500 سنة في منطقة دهوى، وهي احدى قرى الولاية والتي عثر من خلال التنقيبات فيها على الكثير من الاثار التي تثبت قدم هذا التمركز السكاني، وهذا دليل آخر على أهمية الدور الحضاري الذي لعبته وتلعبه الولاية، والذي وللأسف الشديد لا يعرف عنه الكثير من أبناء الولاية انفسهم، فما بالك بمن هم خارجها، وقد أشار مقدم الورقة الى التوجه السياحي بوضع هذه المنطقة ضمن خارطة السياحة الأثرية العمانية.

وقدمت الورقة الثانية عرضا شائقا لتجارة الليمون والذي تتخذ الولاية منه شعارا لها وذلك للدور الذي قامت به في مجال هذه التجارة، ويعد اختيار مقدم الورقة نجاحا آخر لمنظمي الملتقى لأنه شخصية عايشت أسرار هذه التجارة، فقد قدم هذه الورقة المهندس مشهور العصفور والذي كانت عائلته هي المصدر الأساسي لتجارة الليمون الى منطقة الخليج العربي، وقد كشف في هذا العرض العديد من القصص وأماط اللثام عن الكثير من الحقائق حول هذا الموضوع، الذي يفترض ان يوثق توثيقا يضمن الحصول على معلومات واقعية خاصة مع وجود اشخاص عايشوا هذه الاحداث وكانوا مساهمين فيها.

كما كان للتجارب والممارسات العملية الواقعية نصيب من فعاليات الملتقى، فقد تمت استضافة احد النواخذة الذين عملوا في مجال التجارة البحرية ليستذكر تجاربه واسفاره والمصاعب التي تحملها هؤلاء الأشخاص في سبيل الحصول على لقمة العيش، وقد كان اللقاء ثريا بالمعلومات والقصص والطرائف التي تثبت هي الأخرى الدور الملاحي التجاري لهذه الولاية العريقة، كما ان دعوة اقدم مصوري الولاية للحضور وعرض ابرز الصور التي تؤرخ احداث الولاية، هو التفاتة جميلة ورائعة في هذا الملتقى، وتعزيز معنوي اكثر من مميز لهذه الشخصية.

ان ما حفل به هذا الملتقى من فعاليات وانشطة واوراق عمل هو في النهاية دعوة لجميع أبناء الولاية والمهتمين بالحفاظ على تاريخها لإقامة المزيد من الندوات والملتقيات التي توثق هذا المنجز الحضاري. كما ان اقامة وتنظيم هكذا ملتقيات تبرز تاريخ أي ولاية او أي منطقة لا شك انه عمل ليس بالهين، فهو يحتاج للكثير من الأفكار والكثير من التنسيق والإدارة التي تبرز الحدث بصورة منظمة وتحقق الأهداف الموضوعة له، وفي هذا الملتقى كانت كل العوامل متضافرة للنجاح، فبوركت كل الجهود التي سعت لإنجاحه.