859093
859093
العرب والعالم

اليوم بدء أعمال القمة الخليجية الـ 37

05 ديسمبر 2016
05 ديسمبر 2016

التكامل الاقتصادي الملف الأبرز .. في خضم تطورات وتحديات كثيرة -

مشاركة رئيسة وزراء بريطانيا ستفتح آفاقا جديدة للتعاون بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي -

المنامة ـ موفد - عمان ـ حمود المحرزي -

تبدأ اليوم أعمال قمة مجلس التعاون في دورتها السابعة والثلاثين التي تستضيفها العاصمة البحرينية المنامة والتي تأتي في ظل تطورات وتحديات كثيرة على مختلف الأصعدة. وستشهد القمة طرح العديد من الملفات في الجوانب الاقتصادية وأبرزها التكامل الاقتصادي لتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك والتي سبق وان اتخذت بشأنها القرارات والتأكيد على أهمية تعزيزها لتحقيق الغايات والطموحات التي تنشدها مسيرة دول المجلس، بالإضافة الى ما يتعلق بالجوانب السياسية والعسكرية والأمنية في جانب التنسيق والتعاون لهذين الجانبين وسيتم طرح قضية اليمن من خلال التأكيد على حلها بالطرق السلمية وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمبادرة الخليجية. ورغم الملفات المرتقبة على طاولة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في قمتهم الحالية إلا أنها لن تشهد جديدا حسب توقعات المراقبين، بل تأكيد ومتابعة للقرارات السابقة في مختلف الجوانب فيما سيكون الأبرز بينها موضوع التكامل الاقتصادي.

واعتبر تقرير حديث تناقلته وكالات أنباء أن مجلس التعاون الخليجي ومنذ نشأته عام 1981، شكّل واحدا من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم، حيث قدر حجم اقتصاد المجلس نهاية عام 2014 حوالي (1.7 تريليون دولار)، متقدما بذلك على اقتصاديات كثير من الدول الصناعية فقد احتل المرتبة 12 على مستوى العالم، ومستحوذاً على ما نسبته 35.4% من حجم الصناديق السيادية حول العالم حيث تقدر موجوداتها بـ 2.3 تريليون دولار.

ويعود هذا الحجم الاقتصادي الكبير الذي يتمتع به المجلس، في الدرجة الأولى إلى تدفق عوائد كبيرة للنفط والغاز وقيام صناعات ثقيلة ومتعددة في مختلف المجالات، إلى جانب تنشيط العمليات التجارية والخدمية والمصرفية والسياحية، والتي أصبحت اليوم من أفضل الخدمات على مستوى العالم. ومر الاقتصاد الخليجي منذ عام 1981 بعدد من المراحل والتغييرات، إلى جانب إقرار العديد من التشريعات الاقتصادية والاتفاقات التجارية التي ساهمت في زيادة النمو بشكل مطرد، وتجاوز العديد من الأزمات الاقتصادية العالمية، ومنها على سبيل المثال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وأزمة انخفاض أسعار النفط مؤخراً. وقد بدأت أولى خطوات التكامل الاقتصادي الخليجي بالاتفاق على إنشاء منطقة تجارة حرة بين بلدان المجلس في نوفمبر عام 1981، ودخلت حيز التنفيذ في مارس عام 1983، حيث تم إلغاء التعرفة الجمركية على السلع والخدمات بين الدول الأعضاء، وقد شهدت فترة منطقة التجارة الحرة (1983-2002) ارتفاعا في حجم التبادل التجاري بين دول المجلس من 6 مليارات دولار إلى 15.1 مليار دولار.

ومع التطور الطبيعي لحالة التجارة البينية بين دول المجلس وإيمانا من أصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس بضرورة السعي الحثيث نحو التكامل في كل مجالاته، خصوصا التكامل الاقتصادي، أعلن المجلس الأعلى في دورته الـ 23 المنعقدة في الدوحة عام 2002، قيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس، اعتبارا من يناير 2003.

وقد حقق الاتحاد الجمركي لدول المجلس العديد من الإنجازات على صعيد التكامل الاقتصادي الخليجي، حيث تم اعتماد تعرفة جمركية موحدة تجاه العالم الخارجي، وتوحيد الأنظمة والإجراءات الجمركية بين دول المجلس، واعتماد نقطة دخول واحدة لتحصيل الرسوم الجمركية، وانتقال السلع بين دول المجلس دون أية قيود جمركية أو غير جمركية، وأخيراً معاملة السلع المنتجة في أي دولة من دول المجلس معاملة المنتجات الوطنية. ومنذ إنشاء الاتحاد الجمركي عام 2002 كان هناك نمو ملحوظ في انتقال السلع الوطنية والأجنبية بين دول المجلس وصل الى ما يزيد عن 700% نهاية عام 2014، حيث بلغ حجم التجارة البينية 124 مليار دولار مقارنة بـ 15 مليار دولار عام 2002.

وسعيا لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس؛ أقر المجلس الأعلى في قمته الـ 28 في الدوحة عام 2007 (إعلان الدوحة لقيام السوق الخليجية المشتركة)، وهو ما يعمل على تحقيق (المواطنة الاقتصادية)، والتي تتيح لأبناء دول المجلس عددا من المزايا وتشمل؛ التنقل والإقامة، العمل في القطاعات الحكومية والأهلية، التأمين الاجتماعي والتقاعد، ممارسة الحرف والمهن، مزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، تملّك العقارات، تنقل رؤوس الأموال، المعاملة الضريبية، تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، وأخيرا التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، حيث صدرت عدد من القرارات من المجلس الأعلى ومن اللجان الوزارية لتحقيق المواطنة الاقتصادية، والتي أصبحت اليوم أمراً واقعاً.

وهناك العديد من العوامل المساهمة في نجاح الكتلة الاقتصادية الخليجية، أهمها القرب الجغرافي لدول المجلس، طبيعة الموارد الطبيعية، وقرب موارد الإنتاج المغذية للصناعات القائمة، إلى جانب طبيعة المجتمعات الخليجية في العادات والتقاليد، وهو ما يسهل وضع قوانين وتشريعات اقتصادية متشابهة.

ويعد التكامل الاقتصادي الخليجي واحداً من اهتمامات أصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس، حيث لم يخل بيان من بيانات القمم الخليجية، لا يشير صراحة إلى ضرورة المضي قدماً في عملية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وهو ما يمكن أن تنعكس آثاره الإيجابية وبشكل مباشر على الدول والأفراد، وهذا ما أكد عليه قادة المجلس في الدورة 35 التي عقدت في الدوحة عام 2014، حيث تم اعتماد ما اتخذته لجنة التعاون المالي والاقتصادي من خطوات للوصول للوضع النهائي للاتحاد الجمركي.

كما تم اعتماد القانون (النظام) الموحد للغذاء لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفة استرشادية بشقيه النباتي والتصنيعي الذي يهدف إلى ضمان سلامة الغذاء المتداول، وحماية الصحة العامة للمستهلك، وتيسير حركة تجارة الغذاء.

كما اعتمد استمرار العمل بكافة القواعد والمبادئ الموحدة لتكامل الأسواق المالية بدول المجلس بصفة استرشادية، لحين الانتهاء من منظومة القواعد الموحدة لتحقيق التكامل في الأسواق المالية بدول المجلس.

حضور رئيسة وزراء بريطانيا

وفي حدث ستشهده قمة مجلس التعاون في دورتها الحالية تتم استضافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مما يؤكد أن انخراط بريطانيا ودورها الفاعل في المنطقة لا يزال قويا ولم يتأثر بالتصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.»

وأضاف التقرير أن الزيارة تظهر أيضا أن «العلاقات البريطانية - الخليجية كانت قوية في الماضي وستبقى كذلك الآن ومستقبلا».

وفي تعليق لعادل درويش وهو معلق سياسي في مجلس العموم البريطاني لـ (عمان): إن رئيسة وزراء بريطانيا جاءت بسياسة جديدة تختلف عن الاتجاه السياسي في السنوات الماضية، مشيرا إلى أنه سيرافقها وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وكلاهما ينتميان للمدرسة المحافظة القديمة التي ترتبط تاريخيا بالتواجد البريطاني ثقافيا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا في الخليج.

وأضاف درويش: إن معاهدات الاتحاد الأوروبي كانت عائقا أمام تطوير حركة التجارة مع بلدان الخليج خاصة مشتقات صادرات النفط الى أوروبا وأيضا أمام توقيع بريطانيا عقد تبادل تجاري منفصلة عن أوروبا كعقود مباشرة مع بلدان الخليج. وتوقع المعلق السياسي بمجلس العموم البريطاني أن يعود التنسيق الخليجي ـ البريطاني الى دوره الطبيعي بعد أن تراجع في السنوات الأخيرة. مشيرا الى أن التغيير في الإدارة الأمريكية سيكون تعديلا في ميزان القوى بمنطقة الشرق الأوسط لان الإدارة الأمريكية ستعيد ترتيب الأولويات ولذا فوجود محور قوي بين لندن ومجلس التعاون الخليجي سيبلور مصالح أمنية مشتركة ستتخذها الإدارة الأمريكية الجديدة موضع الاعتبار اقتصاديا.