857747
857747
تقارير

اتفاق أوبك: الرابحون والخاسرون

04 ديسمبر 2016
04 ديسمبر 2016

الاتفاق سيخفف من تخمة الإمدادات ولكن بعض أعضاء المنظمة سيدفعون مقابلا لذلك -

أنجلي رافال وديفيد شيبارد -

ترجمة قاسم مكي  -

الفاينانشال تايمز -

الاتفاق من الجانب النظري

كسبت منظمة أوبك اتفاقا، إذا طُبِّقَ بطريقة صحيحة، سيقطع شوطًا بعيدًا نحو التخفيف من تخمة العرض التي كانت السبب وراء هبوط الأسعار على مدار عامين ونصف العام. ولكن ذلك المكسب لن يكون مجانا. فبعض أعضاء أوبك سيدفعون ثمنًا أكبر من أعضائها الآخرين لهذا الاتفاق. لقد وافقت السعودية وحليفاتها في الخليج العربي بما في ذلك الكويت ودولة الإمارات وقطر على تحمل الشطر الأعظم من التخفيضات. وهي تأمل في أن يشهد السعر انتعاشا سريعا حتى تضمن أنها لن تخسر إيرادات أو تتخلى عن حصة سوقية لصالح منتجي النفط الآخرين. أما إيران والعراق، وهما تتموضعان خارج الكتلة الخليجية في الشرق الأوسط، فتضحيتهما أقل. إذ يرى معظم محللي النفط أن التنازلات المحدودة التي قدمها البلَدَان لإنجاح الاتفاق كانت إلى حدٍ كبيرٍ إجراءات فنية لحفظ ماء الوجه ولإرضاء السعوديين. وأما الأعضاء الآخرون من فنزويلا إلى أنجولا ممن وافقوا على سحب جزء من إنتاجهم دعما لخفض أوبك الكُلِّي الذي يبلغ 1.2 مليون برميل فلديهم سجل غير منتظم في التقيد بالاتفاقيات السابقة. وعلى الرغم من الارتفاع الذي شهدته الأسعار يوم الأربعاء (30 نوفمبر) إلا أن هؤلاء الأعضاء بحاجة إلى أن يروا استمرارا في انتعاش هذه الأسعار كي يقتنعوا بالقيام بما عليهم من واجب.

الشيطان في التفاصيل

لقد اندفع مراقبو أوبك إلى تحليل الأرقام الكامنة وراء الاتفاق. وهي أرقام يجب أن تشكل في مجموعها خفضا نسبيا بمعدل 4.5% لكل البلدان الأعضاء في أوبك باستثناء ليبيا ونيجيريا. ولكن سرعان ما شوهد الشيطان في التفاصيل. حقا تظهر الأرقام التي نشرتها أوبك اتفاقا بخفض ما يقرب من 1.2 مليون برميل في اليوم. وستقود السعودية هذا الخفض بتقليص حوالي 486 ألف برميل في اليوم من إنتاجها وكذلك ستفعل حليفاتها الخليجيات التي سيصل إجمالي خفضها 300 ألف برميل في اليوم. فدولة الإمارات ستقلل إنتاجها بحوالي 139 ألف برميل في اليوم فيما ستقلص الكويت 131 ألف برميل من إنتاجها اليومي وقطر 30 ألف برميل. ووافق العراق،على مضض، على استخدام أوبك أرقاما من إعداد طرف ثالث لحساب حجم إنتاجه. وقَبِل بخفضٍ يبلغ 210 آلاف برميل في اليوم. لقد كانت تلك هي المسألة الشائكة الرئيسية بالنسبة للعراق الذي يعتقد أن بياناته الخاصة به تكشف أن حجم إنتاجه أعلى من تقدير أوبك. وفي الواقع لا يعرف المحللون على وجه اليقين أين سيخفض العراق إنتاجه (في أي منطقة امتياز نفطية). فالكثير من إنتاجه تديره شركات عالمية. وبالنسبة لإيران فإن المسألة أشد تعقيدًا وتنطوي على استخدام أرقام يعتقد محللون عديدون أنها مرتكزة على التصور الذهني أكثر منها على الواقع المحسوس. فبسبب قضاء إيران سنوات تحت العقوبات، وافقت أوبك على القبول بتقدير حجم لإنتاجها عند 3.975 مليون برميل في اليوم. وهذا الرقم (الذي يحسب على أساسه الحصة المقررة لإيران) يشكل أعلى مستوى إنتاجي لها في الفترة التي سبقت فرض العقوبات وتحديدا في عام 2005. لقد حدث ذلك على خلاف معظم الأعضاء الآخرين الذين تم اعتماد أرقام إنتاجهم كما في شهر أكتوبر. إن خفضا بنسبة 4.5% من هذا المستوى يصل بالإنتاج الإيراني إلى ما يقرب من 3.8 مليون برميل في اليوم. وهو الرقم الذي يقول الموفدون إلى الاجتماع أنه المستوى المتوسط الذي وافقت بموجبه إيران أخيرا على تجميد الإنتاج لمدة ستة أشهر ابتداء من يناير القادم. ويصل إنتاج إيران الحالي قريبا من 3.7 مليون برميل مما يمنحها مجالا لزيادته بحوالي 90 ألف برميل في اليوم على الأقل. وستتولى البلدان الصغيرة من الإكوادور إلى الجابون القيام بباقي التخفيض. ونسبة لما يعتقد بعض المحللين أنه خطأ كتابي ( نسخي) يتعلق بحجم إنتاج أنجولا فإن إجمالي إنتاج أوبك قد يزيد في الواقع بحوالي 200 ألف بحيث يصل إلى 32.7 مليون برميل في اليوم بعد التخفيض. لقد سُمِح لأنجولا باستخدام حجم إنتاجها في سبتمبر كرقم أساس لخفض إنتاجها وذلك بسبب قيامها بأعمال الصيانة في حقولها النفطية في أكتوبر (مما أدى إلى تقليل إنتاجها في ذلك الشهر). ويعتقد المحللون أن أوبك نَسِيَت إدراج ذلك في حساباتها. إن الخطر الأعظم يتعلق بنيجيريا وليبيا. وهما البلدان اللذان تم استثناؤهما من موجبات الاتفاق. وقال أبيشيك ديشباندي المسؤول بمصرف ناتيكسيس إن هذين البلدين اللذين تأثرا بالنزاعات وبتوقف الإنتاج “لديهما إمكانية كبيرة لزيادة إنتاجهما”.

نداء للمنتجين خارج أوبك

كما أن بعض كبار منتجي النفط خارج أوبك أطلقوا وعودا. والكيفية التي سيتم بها الوفاء بوعودهم ستؤثر على نجاح الاتفاق وعلى مدة دوامه. أهم هؤلاء المنتجين روسيا التي زعمت أنها ستتحمل نصف حجم الخفض الذي ترغب أوبك في أن يقوم به المنتجون من خارج أوبك والذي يبلغ 600 ألف برميل في اليوم. ولكن هنالك شكوك على أية حال حول كمية الخفض التي يمكن أن تتقيد بها موسكو. قبل اجتماع أوبك ركزت التعليقات العلنية لمسؤولي موسكو على “تجميد” الإنتاج عند المستوى الحالي الذي يبلغ 11 مليون برميل برميل وليس “إنقاصه”. وهو أعلى مستوى إنتاج لروسيا بعد حقبة الاتحاد السوفييتي. ويتوقع مراقبون عديدون ألا تزيد مساهمة روسيا كثيرا عن مجموع المعدلات الطبيعية لتدهور الإنتاج وتباطؤ الزيادات في الإنتاج لا أن تكون خفضا حقيقيا لإنتاجها. وبالنسبة للمنتجين الآخرين خارج أوبك ليس من الواضح تماما من اين سيجيئ خفض الكمية المتبقية التي تبلغ 300 ألف برميل في اليوم. لقد أبدت سلطنة عمان وكازاخستان بعض الاستعداد للمساهمة (في الخفض.) ولكن التفاصيل في هذا الصدد لم تتشكل بعد. ومن المتوقع عقد اجتماع مع بعض المنتجين من غير أعضاء أوبك في 9 ديسمبر في الدوحة.

معنى الاتفاق للنفط الصخري

سيقدم الاتفاق يَدَ المساعدة لمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة. فانطلاقتهم الفالتة (غير المسيطر عليها) في الإنتاج في النصف الأول من هذا العقد حشرت منظمة أوبك في ضيق وعنت ولا تزال تفعل ذلك حتى الآن. حقا لقد أثَّر انهيار أسعار النفط في أعقاب قرار أوبك عام 2014 بعدم تقييد الإنتاج على صناعة النفط الصخري. ولكن ذلك حدث بقدرٍ أقل مما كان يُخشى منه. فإنتاج الولايات المتحدة هبط من 9.6 مليون برميل في اليوم في أبريل 2015 إلى 8.58 مليون في سبتمبر، بحسب بيانات إدارة الطاقة الحكومية بالولايات المتحدة. ولكن ربما أن الإنتاج النفطي الأمريكي قد وصل سلفا إلى القاع الذي لا قاع له بعده (أي لن يهبط إلى أدنى من المستوى الذي هبط له فعلا.) لقد ارتفع عدد منصات الحفر التي تبحث عن النفط في الولايات المتحدة مرة أخرى إلى أعلى مستوى له منذ يناير من هذا العام على الرغم من أن حفر وإكمال الآبار الجديدة يحتاج إلى وقت. وقفزت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس المتوسط إلى أعلى من 50 دولارًا للبرميل يوم الأربعاء (يوم الاتفاق). وهو مستوى من الأسعار يتيح استرجاع تكاليف بعض آبار النفط الصخري في أحواض تشمل حقول بيرميان في ولاية تكساس ودينفر - جوليسبرج في ولاية كولورادو وستاك في ولاية أوكلاهوما، بحسب شركة بيرنستاين. يقول سبينسر ويلش، أحد مديري الشركة الاستشارية لخدمات معالجة المعلومات (آي إتش إس) ثمة شيء واحد مؤكد وهو أن النفط المحصور بالولايات المتحدة يحب ارتفاع الأسعار وأن الإنتاج، بالتالي، سيرتفع عما قريب”.