أفكار وآراء

موسكو تراهن بحذر على دونالد ترامب

03 ديسمبر 2016
03 ديسمبر 2016

د .فالح حسن الحمراني  -

كاتب من العراق مقيم في موسكو -

[email protected] -

اعرب رئيس «مركز المصالح العالمية» في واشنطن نيكولاي زلوبين عن شكوكه بمقدرة ترامب في القريب على تحسين العلاقات مع روسيا والسير بعكس الرأي الراسخ في وسط النخبة الأمريكية.

تلقت موسكو بتفاؤل حذر فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية بأمريكا. واعرب ممثلو السلطة والمراقبون عن ارتياحهم للنتائج التي كانت غير متوقعة لهم، وكان فوز ترامب مفاجأة بالنسبة لموسكو واعتقد البعض بان النخبة السياسية الامريكية ستسرق فوزه في حال تحقيقه، ولكن هذا لم يحصل. و تترقب موسكو الخطوات الاولى التي سيقوم بها ترامب واذا ما كانت ستجسد خطابه الانتخابي الذي افاد بتحسين العلاقات مع روسيا وإعادة النظر بمجمل السياسة الخارجية.

وكان الرئيس بوتين من بين اوائل زعماء العالم الذين بعثوا ببرقية تهنئة لترامب يهنئه فيها بالفوز. واعرب الرئيس الروسي عن الامل بانه سيتمكن من التعاون مع رئيس الولايات المتحدة الجديد، من اجل اخراج العلاقات الثنائية من حالة التأزم، وحل القضايا الدولية ومواجهة التحديات العالمية في مجال الأمن.

يشار الى ان ازمة العلاقات الروسية الامريكية، التي اشتدت على خلفية الازمة الاوكرانية وانضمام شبه جزيره القرم ذات الاهمية الاستراتيجية لروسيا في عام 2014، شملت كافة اجندة العلاقات بين البلدين، وجمدت برامج التعاون وخفضت الثقة المتبادلة، وتراجعت مستويات التبادل التجاري وتوقف التعاون العسكري والامني وفي المجالات الانسانية. وفرضت واشنطن عقوبات اقتصادية شديدة ، على عشرات المسؤولين رفيعي المستوى ومن رجال الاعمال والاعلام ، وعلقت روسيا العمل باتفاق مع الولايات المتحدة ينص على التخلص من فائض البلوتونيوم الجاهز لديها لصناعة الأسلحة النووية، واستعرت بين البلدين حرب اعلامية قاسية، كما تصاعدت المواجهة العسكرية مما حدى بالمراقبين الحديث عن « نشوب» حرب باردة جديدة اخطر من الحرب « التي وضعت اوزارها» عقب انهيار الاتحاد السوفييتي السابق .

واحتلت روسيا مكانة مركزية في الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة. وفي بداية الأمر انتقد الديمقراطيون ترامب لتعاطفه مع فلاديمير بوتين. واتهمت واشنطن الكرملين بالوقوف وراء هجمات «الهاكر» على ملقمات كومبيوترات اللجنة الوطنية لمقر الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي ، وراحت تفتش عن «أصابع روسيا» في الانتخابات. واكدت المخابرات المركزية الامريكية على ان الكرملين سلم لموقع ويكيليكس للتشهير بمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وتذكروا ان مستشار ترامب بول مانافورت، قدم استشارات للرئيس الاوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، وان ترامب نفسه زار روسيا وتحدث بود عن الرئيس بوتين. حتى ان الرئيس أوباما أعلن ان روسيا ستحاول التأثير على سير الانتخابات الأمريكية. من ناحيته نفى الرئيس بوتين أي تدخل من جانب موسكو، وقال ان امريكا دولة عظمى ولايمكن التأثير عليها من قبل أية دولة اخرى.

وتوجست روسيا من ان وصول هيلاري كلينتون واعتمادا على خطابها الانتخابي سوف يعمق الخلافات الروسية /‏ الامريكية، وان ادارتها ستمضي بشوط ابعد في المواجهة مع روسيا بما في ذلك العسكرية، وتدفع الدول الداخلة في محورها لاسيما في البلطيق وشرق اوروبا للقيام باعمال استفزازية، فضلا عن مواصلة احاطة روسيا بالقواعد العسكرية، لذلك فإنها استقبلت بارتياح خطاب ترامب الذي يطالب بتحمل الدول الاوروبية نفقات التواجد العسكري الامريكي والتفاهم مع موسكو حول الامن العالمي.

واعلن وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف عن استعداد السلطات الروسية العمل مع اي رئيس امريكي. وقال» ليس بوسعي القول ان زعماء شركائنا السابقين كانوا في كافة الاوضاع مفهومين» واضاف: سوف نحكم بالافعال وسوف نرد بعمل على عمل. واشار لافروف ايضا الى ان القيادة الروسية لم تفضل مرشح على آخر خلال الماراثون الرئاسي.

و تمحور الاهتمام بالدرجة الاولى في مختلف الدوائر الروسية حول أفق العلاقات التي ستٌقام بين موسكو وواشنطن بعد فوز ترامب الذي تعوزه الخبرة السياسية. ويعرب غالبية المراقبين عن الشكوك بان دخول ترامب للبيت الابيض سيحدث انعطافا في العلاقات الروسية /‏ الامريكية. واعرب رئيس «مركز المصالح العالمية» في واشنطن نيكولاي زلوبين عن شكوكه بمقدرة ترامب في القريب على تحسين العلاقات مع روسيا والسير بعكس الرأي الراسخ في وسط النخبة الامريكية. منوها « ان أية تغيرات في العلاقات بين موسكو وواشنطن لن تحدث» واضاف:« ان ترامب سيقوم بخطوات سطحية، ولكن من الصعب إجراء تغيرات جذرية في العلاقات مع روسيا، وان هذا يحتاج الى وقت طويل والعمل مع نخبته».

موضحا بان ترامب كسياسي مبتدئ سيعتمد على الفريق المحيط به بما في ذلك نائب الرئيس صاحب الميول المعادية لروسيا وعلى من سيختاره وزيرا للخارجية، واشار الى ان ترامب سيعتمد في المرحلة الاولى على الفريق المحيط به اكثر من اعتماد هيلاري كلينتون على فريقها، معربا في الوقت نفسه عن القناعة « بان تغيرات ستجري حتما على النهج السياسي الامريكي».

ويرى غالبية المراقبين انه من السابق لأوانه الكلام عن آفاق العلاقات بين موسكو وواشنطن في ظل رئاسة ترامب. مشيرون الى ترامب سيستلم منصبه في 20 من يناير القادم .

وعليه ان ينظم علاقاته بالكونجرس، حيث هناك القلة الذين يميلون لروسيا. و ان الكثير سيعتمد على روسيا ايضا، وهل ستحاول استغلال نتائج هذه الانتخابات غير المتوقعة.