أفكار وآراء

إلى أين يتجه الديمقراطيون الأمريكيون؟

02 ديسمبر 2016
02 ديسمبر 2016

بيرني ساندرز/ ترجمة قاسم مكي -

نيويورك تايمز -

يجب أن نتحلى بالشجاعة الكافية للتصدي لجشع ونفوذ «وول ستريت» وشركات الأدوية والتأمين وصناعة الوقود الأحفوري. عندما وصلت حملتي الرئاسية (في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي) إلى نهايتها التزمت تجاه أنصاري بأن الثورة السياسية ستستمر.

سجل الملايين من الأمريكيين صوت احتجاج يوم الثلاثاء (في الانتخابات الرئاسية 8 نوفمبر) معبرين عن معارضتهم الشديدة للنظام الاقتصادي والسياسي الذي يضع مصالح الأثرياء والشركات فوق مصالحهم. لقد ساندت بكل قوة هيلاري كلينتون واجتهدت في دعم حملتها الانتخابية نيابة عنها وآمنت أنها الخيار الصحيح في يوم الانتخابات. ولكن دونالد ج. ترامب فاز بالبيت الأبيض لأن لغة حملته الانتخابية نجحت في استثمار غضب حقيقي جدا ومبرر جدا. إنه غضب يشعر به العديدون من الديمقراطيين التقليديين.

أنا حزين ولكنني لست مندهشا من النتيجة. ولا يصدمني أن الملايين من الناس الذين صوتوا لترامب فعلوا ذلك لأنهم سئموا وتعبوا من الوضع الاقتصادي والسياسي والإعلامي القائم . فالأسر العاملة ترى الساسة وهم يحصلون على الدعم المالي لحملاتهم الانتخابية من أصحاب البلايين ومن القائمين على مصالح الشركات. ثم تراهم وهم يتجاهلون حاجات الأمريكيين العاديين. خلال الأعوام الثلاثين الماضية تعرض عدد كبير جدا من الأمريكيين إلى الخيانة من جانب رؤساء شركاتهم. فهم يعملون لساعات أطول مقابل أجور أقل فيما يشاهدون وظائف مجزية الأجر يتم ترحيلها إلى الصين والمكسيك أو أي بلد آخر به أجور منخفضة.

لقد ملوا من حصول رؤسائهم التنفيذيين على ما يساوي 300 مرة ما يكسبونه من أجر حيث يذهب 52% من إجمالي الدخل الجديد إلى شريحة عليا لا تزيد نسبتها عن 1% من الشعب الأمريكي. لقد خلت العديد من مدنهم الريفية التي كانت جميلة يوما ما من سكانها وأغلقت متاجر مراكز المدن أبوابها. وأبناؤهم يتركون مواطنهم لعدم وجود وظائف.

وفي كل هذه الأثناء تمتص الشركات الثروة من مجتمعاتهم وتكدسها في حسابات خارج الحدود. إن الأمريكيين العاملين لا يستطيعون الحصول على خدمات رعاية محترمة لأطفالهم ولا يمكنهم إرسال أبنائهم إلى الدراسة الجامعية ولا يملكون أي شيء في البنوك حين يتقاعدون عن العمل. وفي أطراف عديدة من البلد لا يمكنهم الحصول على مساكن بأسعار مقدور عليها، ويجدون أن تكلفة التأمين الصحة تفوق طاقتهم. إن عائلات كثيرة جدا تعيش في يأس حيث يقصر إدمان المخدرات والكحول والانتحار أعمار أعداد متزايدة من الناس. الرئيس المنتخب ترامب على صواب؛ فالشعب الأمريكي يريد التغيير. ولكن أي نوع من التغيير سيقدمه لهم؟ هل سيملك الشجاعة للوقوف في وجه أقوى الناس في الولايات المتحدة والتصدي للمسؤولين عن المعاناة الاقتصادية التي يشعر بها هذا العدد الكبير من الأسر العاملة؟ أم إنه سيوجه غضب الأغلبية ضد الأقليات والمهاجرين والفقراء ومن لاحول لهم ولا قوة؟ هل ستكون لديه الشجاعة للوقوف في وجه وول ستريت «مجتمع المال والأعمال الأمريكي» والعمل على تفكيك المؤسسات المالية التي هي أكبر من أن يسمح لها بالانهيار ومطالبة البنوك الكبيرة بالاستثمار في المنشآت الصغيرة وإيجاد وظائف في أمريكا الريفية والمناطق القريبة من وسط المدن (التي تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية)، أم إنه سيعين مصرفيا آخر من وول ستريت لإدارة وزارة الخزانة ومواصلة الأمور كالمعتاد رغم صعوبة الوضع؟ هل حقا سيفي بوعده الذي قطعه أثناء الحملة الانتخابية ويتصدى للصناعة الصيدلانية ويخفض أسعار أدوية الوصفات الطبية؟ أشعر بتعاسة بالغة حين أسمع بقصص أمريكيين يتم ترويعهم ويتعرضون لمضايقات في أعقاب فوز ترامب وأسمع نواح الأسر التي تعيش في خوف من تشتيتها. لقد قطعنا شوطا بعيدا وبعيدا جدا كبلد في مكافحة التفرقة ولن نرتد على أعقابنا.

اطمئنوا فسوف لن تكون هنالك مساومة حول العنصرية والتعصب وكراهية الأجانب والجنسانية ( التمييز ضد النساء). سنحاربها في كل أشكالها حينما وأينما تطل برأسها. سأنتظر حتى أرى الأفكار التي يطرحها ترامب ومتى وكيف يمكننا أن نعمل معا. إنه سيحسن صنعا إذا اهتم بآراء التقدميين بعد أن فقد أغلبية الأصوات الشعبية في الانتخابات الرئاسية (حسب نظام الانتخابات الأمريكية، يفوز المرشح الذي يكسب أغلبية أصوات الكليات الانتخابية وليس أغلبية أصوات الناخبين الأفراد- المترجم). وإذا كان الرئيس المنتخب جادا بشأن اتباع السياسات التي تحسن حياة الأسر العاملة فسأقدم له بعض الفرص الحقيقية جدا بالنسبة له كي يحصل على تأييدي.

دعونا نعيد إنشاء بنياتنا الأساسية المتداعية ونوجد الملايين من الوظائف المجزية. دعونا نرفع الحد الأدنى للأجور إلى الأجر المعيشي (أجر يكفي للحفاظ على مستوى عادي للمعيشة) ومساعدة الطلاب على الالتحاق بالجامعات وإتاحة إجازة عائلية ومرضية مدفوعة الأجر وتوسيع الضمان الاجتماعي. دعونا نصلح النظام الاقتصادي الذي يمكن أصحاب البلايين أمثال ترامب من عدم دفع سنت واحد كضريبة دخل فيدرالية. والأهم من كل ذلك دعونا نضع حدا لقدرة الأثرياء الذين يتبرعون لدعم الحملات الانتخابية على شراء الانتخابات.

في الأيام القادمة سأطرح سلسلة من الإصلاحات لتنشيط الحزب الديمقراطي. أنا أؤمن بقوة أن على الحزب التخلص من روابطه بمؤسسة الأعمال والتحول مرة أخرى إلى حزب شعبي للعاملين وكبار السن والفقراء. علينا فتح أبواب الحزب والترحيب بمثالية وحيوية الشباب وكل الأمريكيين الذين يحاربون من أجل العدالة الاقتصادية والاجتماعية والعرقية والبيئية.

يجب أن نتحلى بالشجاعة الكافية للتصدي لجشع ونفوذ «وول ستريت» وشركات الأدوية والتأمين وصناعة الوقود الأحفوري. عندما وصلت حملتي الرئاسية (في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي) إلى نهايتها التزمت تجاه أنصاري بأن الثورة السياسية ستستمر. والآن أكثر من أي وقت مضى يجب أن يحدث ذلك. نحن أغنى بلد في تاريخ العالم. وحين نقف معا ولا نترك الغوغائيين يفرقون بيننا على أساس العرق والنوع أو الأصل القومي لن يكون هنالك شيء لا نستطيع عمله. علينا أن نمضي إلى الأمام وليس إلى الخلف.

• الكاتب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت. خاض الانتخابات التمهيدية ضد هيلاري كلنتون وآخرين للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام.