854162
854162
المنوعات

بلقاسم مارس يكشف تفاصيل «سيرة القرية» في الجــمعية العــمانية للكــتاب والأدبـاء

01 ديسمبر 2016
01 ديسمبر 2016

مسقط ـ عمان -

أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مساء أمس الأول بمقرها بمرتفعات المطار، أمسية نقدية في كتاب «سيرة القرية» للكاتب ناصر الحسني قدمها الدكتور التونسي بلقاسم مارس.

هذه الأمسية التي أدارها الدكتور سالم البحري، وحضرها عدد من الشخصيات الأدبية والمتابعين للواقع الثقافي، حاولت التقرب بصورة مباشرة من «سيرة القرية» لناصر الحسني والتعرف على مضامين وتفاصيل هذه السيرة. الدكتور بلقاسم مارس عنون ورقته بـ(كتابة الاِكتناز اللغوي في النّصّ السّرديّ.. سيرة القرية، سيرة المكان والزمان) لناصر بن حمود الحسني أنموذجا «قراءة في الأدب العماني من منظار المناهج الحديثة» وهنا يقترب مارس من سيرة القرية، ويقول في بداية قوله: وهنا عرف الدكتور بلقاسم مارس أن السّرد الموجز أو المقتضب شكل فنيّ في الكتابة القصصيّة، وهو جنس أدبيّ يُطلق عليه النقّاد فنّ «القصّة القصيرة». مشيرا بقوله: إننا نزعم أنّ هذه الهيئة في الكتابة السّردية على «قصرها واِكتنازها بإمكانها أنْ تمثّل مختلف التّجارب الإنسانيّة على تمايزها وتنوّعها وتعقيدها»، ذلك أنّ هذا الاِقتضاب في الملفوظ القصصيّ بإمكانه ملامسة التّجربة الإنسانية بكلّ تعقيداتها واِتّساع عوالمها وتناقضاتها وإنْ تميّزت تجربة الكتابة في هذا الشّكل الفنيّ بالاِمتلاء والاِختزال والاِختصار في تصريف اللّغة وطرق تشكيلها، خلافًا لما ذهب إليه بعض النّقاد الذين يقرّون في أكثر من مناسبة أنّ القصّة القصيرة شكل غير مكتمل أو جزئيّ مقارنة باِكتمال الرّواية. ونظروا إليها بوصفها النّوع الأصغر والأقل بالنّسبة إلى الرّواية.

وحول هذه المجموعة يقول مارس: تواترت في هذه المجموعة القصصيّة مشاهد متتاليّة وسريعة كصورة الطبيعة في النّص السّرديّ الأوّل وصورة شيخ القرية في النّص الثّاني أو صورة الشايب زاهر في النّص السّردي الذي يليه، مما يؤكّد اِعتماد السّارد على الاِكتناز والاِختزال وعدم الرّغبة في البوح والإفصاح بكلّ شيء، فبنيت هذه النّصوص السّرديّة على الجمل البسيطة مما كرّس الاِقتضاب والحذف، ولعلّ ما يؤكّد رغبة السّارد في اِعتماد تقنية الاِكتناز منهجًا في عملية القصّ ورود أغلب الجمل في هذه النّصوص القصيرة جملاً خبريةً مستغنيًا تمامًا عن الجمل الإنشائيّة بما تتضمّنه من أمر ونهي وسؤال ونداء وتعجّب وتحذير. ويضيف بلقاسم مارس: فلا ينزع الخطاب السّرديّ في هذه الجمل إلى الأساليب الخطابيّة و المباشرة. ولا يتورّط السّارد في مجادلة القارئ من خلال التّبرير والتّفسير، فلا يعلو صوته ولا ينكشف، بل ظلّ دومًا يعمل على إخفائه وستره. فلا يظهر إلاّ بعضه، لذلك مثّلت الجملة الخبريّة مجالاً رحبًا وإطارًا لغويًا مناسبًا من خلاله يبدو السّارد محايدًا ميّالاً إلى الهدوء. فعزف نتيجة لذلك عن الأسلوب الإنشائيّ. لذلك كانت نسبة شيوعه في الجمل الدّالة على الاِكتناز ضئيلة جدًا، بل تكاد تكون منعدمةً ممّا أتاح المجال واسعًا أمام الجمل الخبريّة التي من شأنها أنْ تقدّم المذكّرات والاِعترافات والوقائع واليوميّات والحوارات الباطنيّة في مجموعة الكاتب العماني ناصر الحسيني التي لا مجال فيها للخطب وإعلاء الصّوت والصّياح والخطاب المباشر بلْ هي إلى التأمّل أقرب. وهو خطاب نزعم أنّه قد يُزعج أكثر من الصّياح كما يؤكّد ذلك «هوفيل». وفي مجمل حديثه يؤكد بلقاسم مارس أن النّص القصصيّ تميّز عند الكاتب العمانيّ بالتّركيز والإيجاز في التّعبير القصصيّ وإلغاء الزّوائد التي تضرّ بالعمل الأدبيّ ولا تثريه، إذ الكلمة في القصّة القصيرة لا يقلّ دورها، وأهميتها عن وجودها في القصيدة الشّعريّة بما تكتسبه من شحنة بنيويّة ودلاليّة. فلتقنيّة التّركيز مهمّة كبيرة في بلورة معالم القصّة القصيرة، بحكم حجمها ومسوّغاتها الفنيّة التي لا تحتاج إلى إطناب وإطالة وتفاصيل قد لا تبدو في حاجة إليها. ولعلّ هذه النّصوص القصصيّة التي وسمها ناصر الحسيني بسيرة القرية.. سيرة للمكان والزمان يمكن أنْ تُعدّ في اِعتقادنا تجربةً سرديةً عمانيّةً  ثريّةً يمكن التأسيس من خلالها، إضافة إلى أنّ هذه النّصوص السّرديّة تبقى مجالاً رحبًا لدراسة ظواهر قصصيّة عديدة وتحليلها تخيّرنا منها في هذه الدّراسة طرائق الكتابة القصصيّة وهيئة الجملة النّحوية فيها إضافة إلى وظائف السّارد وهو ينجز الحدث القصصيّ ويراقب شخصيّاته.