تقرير إقليمي: سلطنة عمان تشهد تحسنا كبيرا في مستوى التصنيفات الائتمانية بين دول المجلس
المنطقة ستقاوم توجهات الركود العالمي المتوقع أن يطال ثلث اقتصادات العالم على الأقل في 2023 -
قال تقرير حديث صادر عن مؤسسة "بي دبليو سي" أن سلطنة عمان شهدت تحسنا كبيرا على مستوى التصنيفات الائتمانية بين دول المجلس بعد تراجعها ثماني درجات خلال الفترة ما بين 2014 -2022.
وأرجع التقرير سبب التحسن إلى السياسات التي انتهجها السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- وأهمها الإصلاحات في فرض ضوابط على الإنفاق، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإعادة الاستثمار في المكاسب غير المتوقعة التي تم تحقيقها في عام 2022م لخفض رصيد الدين العام بنسبة 15. ونتيجة لذلك حسنت كل من وكالة فيتش ووكالة موديز التصنيف الائتماني لسلطنة عمان، كما أجرت وكالة ستاندرد أند بورز بدورها تحسينين متتاليين.
وقالت المؤسسة في تقرير "المشهد الاقتصادي في الشرق الأوسط" والمنشور في يناير الجاري أنه بفضل أسعار النفط المرتفعة والسياسة المالية المقيدة نسبيًا، تمكنت دول المجلس ومن بينهم سلطنة عمان من تحقيق فائض مالي إجمالي في العام 2022 للمرة الأولى منذ عام 2014، ونتيجة لذلك اتخذت وكالات التصنيف الائتماني مجموعة من الإجراءات الإيجابية، فقلبت المسار السلبي الطويل الذي كان سائدًا في فترة الازدهار النفطي السابقة والذي جعل دولا متعددة تكافح لسنوات ضبط ميزانياتها المتضخمة، قبل مواجهة صدمة مالية إضافية نتيجة لجائحة كورونا. ومع ذلك يرى التقرير أن هذه الفترة قد أسهمت في إحداث تغييرات على مستوى السياسات وأرست ضوابط أقوى ساعدت على تحسين التصنيفات الائتمانية مؤخرا.
وقال: من المفترض أن تسهل هذه المرحلة على دول الخليج إمكانية تجاوز العقبات التي قد تتم مواجهتها في الفترات المستقبلية التي تتسم بإيرادات نفطية ضئيلة.
ووفقًا للتقرير فأن قيام سلطنة عمان برفع النفقات الأساسية الحالية (باستثناء الدعم ومشتريات الغاز) بنسبة 2 بالمائة أمر يبعث على التفاؤل، وذلك في إشارة إلى التزام الحكومة بتطبيق قيود في مجالات الإنفاق الأساسية غير المرنة.
وقال: إن هذه القيود تعد بالغة الأهمية لاسيما خلال فترة التضخم الكبير، ومع أن التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي أقل مما هو عليه في العديد من مناطق العالم، يبقى ارتفاع الأسعار بنسبة 4 بالمائة في العام 2022م نفسه في السنوات الخمس السابقة مجتمعة.
ولا يزال التضخم تحديًا كبيرًا بالنسبة إلى العديد من الدول على مستوى العالم، بما في ذلك الدول المستوردة للسلع الأساسية مثل مصر، وفي منطقة الخليج بلغ التضخم ذروته إذ حقق أعلى مستوى له منذ 11 عاما مسجلا حوالي 4.8 بالمائة خلال شهر يوليو 2022، إلا أن هذا المعدل بدأ بالتراجع حيث وصل إلى 4 بالمائة خلال نوفمبر، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر بالانخفاض ليصل إلى 2.7 بالمائة في العام الجاري.
وسجلت سلطنة عمان أقل نسبة للتضخم في نوفمبر الماضي حيث بلغت 2.1 بالمائة، بعد أن بلغ ذروته في العام الماضي عند وصوله 4.4 بالمائة، وهي نسبة منخفضة بالمقارنة بدول المجلس الأخرى. وقال التقرير أن هناك عدة أسباب لهذا المستوى "المتوسط" من التضخم، فالإعلانات وضبط أسعار الوقود والكهرباء والمواد الغذائية تساعد على بقاء الأسعار تحت السيطرة في معظم دول المجلس، كما أدى الدولار الأمريكي والذي يعد عملة قوية ترتبط بها عملات الخليج دورا داعما في الحد من تضخم أسعار الواردات في منطقة تعتمد إلى حد كبير على هذا النوع من السلع.
ويواجه الاقتصاد العالمي موجة أخرى من عدم اليقين في 2023، إذ من المتوقع أن تشهد العديد من الدول ركودًا وتضخمًا مستمرًا، ما يفرض ضغوطا على ميزانيات الحكومة والأسر على حد سواء.
ووفقًا للتقرير، تتخبط بعض دول الشرق الأوسط وسط هذه الرياح المعاكسة، إلا أن الهدوء يسود دول مجلس التعاون الخليجي في ظل هذه العاصفة، إذ يبدو أنها ستقاوم توجهات الركود العالمي المتوقع أن يطال ثلث اقتصادات العالم على الأقل هذا العام.