facebook twitter instagram youtube whatsapp


أحمد سالم الفلاحي
أحمد سالم الفلاحي

نوافذ :الواجب

26 مايو 2023

shialoom@gmail.com

يُقَيِّمُ الواجب- من غير المفهوم الشرعي- على أنه من ألزم نفسه بأمر ما من أمور الحياة، وهذه الأمور هي تلك المتعلقة بالعلاقة مع الآخر، لأن العلاقة مع الآخر هي إلزام نسبي، وليس قطعيا، فما تقدر على تأديته للآخر لأمر ما، فذلك محسوب لك، وإن نكثت عنه؛ فإنه ليس محسوبا عليك، وللآخر الحكم نفسه في علاقته بك، فالكفتان متساويتان وفق هذه الصورة المتوازنة، لأنه- غالبا- الأضرار تقع على أحد الطرفين، عندما يكون هناك حمل على الأول دون الثاني، وهذه من أشكال سوء الفهم بين أي طرفين بينهما علاقة ما، حيث ينظر أحد الطرفين إلى أحقيته في أمر مشترك بينه وبين الآخر، ولذلك لا تدوم العلاقات، ولا تعمر التفاهمات في كثير من الأحيان، حتى وإن كتب لها النجاح لفترة عمرية معينة، سرعان ما يتلاشى هذه النجاح ليصبح من الذكرى، وقد يحمل «غصة» ما دون ضرورة.

يرى البعض أن مفهوم الواجب هو من المبادئ المهمة في الحياة الاجتماعية، وهذا أمر مقبول، ومع التسليم له يبقى نسبيا، ولذلك كثيرا ما نسمع عبارة «هذا واجب» وذلك عندما تتدافع كلمات الثناء على أمر ما لشخص ما، ويرد عليه- أحيانا- الطرف الآخر بقوله: «ما عليك واجب» ويذهب المعنى هنا على أن ما قام به هذا الشخص أو ذاك من فعل حميد لا يصل إلى حكم قطعي على أنه واجب، وإنما هو من فضائل الإحسان، وإن استشعر من قام بالفعل على أنه واجب، فمثلا لو ذهب شخص ما لتعزية صديق وقطع مسافة (100كم) فهذا الشخص هو الذي ألزم نفسه بهذا الواجب لاعتبارات شخصية هو يُقَيِّمُها، وليس أحد غيره، أما الطرف الآخر المستقبل لهذا «الإحسان» فليس له أن ينظر إلى فعل هذا الشخص على أنه من الواجب عليه القيام بذلك، وكما قلنا في بداية الحديث أن مثل هذه الصور من السلوكيات هي تلك التي لا تخضع لمفهوم النص الشرعي في هذا الجانب، وإن استوحت من معانيه.

يقول أبو الطيب المتنبي- رحمه الله-:

«ما قيمة الناس إلا في مبادئهم .. لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب»

ومعنى هذا أنه يمكن أن يصنف من يقوم بفعل واجب في تقديره الشخصي، على أنه من المبادئ، المهمة في سيرة هذا الشخص فقط، وليس للعامة عليه سبيل، ويبقى للعامة هو الواجب الذي ينص عليه الشرع الحكيم، والمدعوم بالنصوص الشرعية، أما فيما يخص ممارسات الأفراد في علاقاتهم المختلفة فهي من المبادئ الذاتية عند كل فرد على حدة، لأن الفعل ذاته يمكن أن يقوم به فلان من الناس، وكما قلت في المثال السابق؛ كأن يقطع مئات الكيلو مترات لتعزية صديق، أو زيارته، ولن يقوم به فرد آخر، لا يبعد صديقه عنه إلا بضع عشرات من الكيلو مترات، أو ربما أقل، فهل نلوم الأخير على تقصيره مثلا؟ لا أعتقد أن باب اللوم هنا مفتوح على مصراعيه، لاعتبارات كثيرة لا نعرفها نحن مجموعة المشاهدين لهذا الفعل، ولكن يمكن أن نشيد بفعل الأول الذي ألزم نفسه بواجب قام به من ذات نفسه، دون تغليب أية مصلحة سوى المبدأ الذي يشير إليه بيت الشعر للمتنبي.

هنا؛ يمكن التوقف عند مقولة جميلة جدا تنسب للفنان الكوميدي تشارلي تشابلن: «لا تبالغ في المجاملة حتى لا تسقط في بئر النفاق، ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تسقط في وحل الوقاحة!».

أعمدة
No Image
نوافذ: الرعب الذي تختزنه الدُمى!
دأبت على إحاطة نفسي بالدمى التي صنعتها في طفولتي برفقة بنات الجيران من بقايا الثياب التي يضعها خياط الحارة في كرتونة لصيقة بماكينة خياطته، إلا أنّ الفكرة المرعبة التي كان يرددها البعض حول أنّ: «أصحاب الصور يعذبون يوم القيامة، ويطلب منهم إحياء ما خلقوا»، ظلت تعذبني لسنوات طويلة من عمري،...