1249327
1249327
العرب والعالم

رفض فلسطيني وعربي لرؤية الرئيس الأمريكي الاقتصادية للسلام في الشرق الأوسط

23 يونيو 2019
23 يونيو 2019

لبنان يرفض الاستثمارات على حساب القضية الفلسطينية -

عواصم - (وكالات): قوبلت رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية في إطار خطة أوسع لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني برفض وسخط فلسطيني وعربي، وذلك رغم دعوة البعض إلى منحها فرصة.

ففي القاهرة قال وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة مشيرا إلى المؤتمر الذي ستطرح فيه الخطة «نحن لسنا بحاجة لاجتماع البحرين لبناء بلدنا، نحن بحاجة لسلام».

ومن المقرر أن يناقش مؤتمر يعقد في البحرين يومي 25 و26 يونيو مقترحات طرحتها الولايات المتحدة لرؤيتها الاقتصادية في إطار خطة أوسع نطاقا لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية مقاطعتها للمؤتمر.

وتشمل الخطة التي يبلغ حجمها 50 مليار دولار صندوقا عالميا للاستثمار لدعم الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات الدول العربية المجاورة.

وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية ستحضر الاجتماع فإن الخطة أثارت انتقادات بوصفها محاولة للتحايل على المطالب الفلسطينية المتعلقة بإقامة دولة مستقلة على أراض احتلتها إسرائيل في 1967.

وقال بشارة على هامش اجتماع وزراء المالية العرب بالقاهرة «نحن لسنا بحاجة لاجتماع البحرين لبناء بلدنا.. نحن بحاجة لسلام.. وتسلسل الأحداث أنه انتعاش اقتصادي ثم يأتي سلام هذا غير حقيقي وغير واقعي».

وأضاف «قبل كل شيء يحررون لنا أراضينا ويعطونا الحرية».

وفي خطاب ألقاه أمس أمام الاجتماع الذي عقد في مقر الجامعة العربية، وصف بشارة أوضاع الفلسطينيين منذ تفاهمات أوسلو الموقعة عام 1993 بأنها «التجربة المريرة» لأنها تضمنت قرارا أمريكيا لقطع المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وقال بشارة «إننا حذرون ونشكك في كل ما يوصف بصفقة القرن أو كما سمي بفرصة القرن».

واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، أن هذه المقترحات تثبت أن ما تستهدفه واشنطن «مجرد حل اقتصادي لإلهاء الفلسطينيين عن مطلبهم بالحل السياسي».

وقال مجدلاني: إن «واشنطن تستهدف فقط إنشاء رابط إقليمي عبر مدخل اقتصادي بدون أفق سياسي يقوم على قرارات الشرعية الدولية بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على قاعدة حل الدولتين».

وأضاف أن «ما أعلنته واشنطن من مقترحات مشروعات يراد منها في الحقيقة أن تكون جسرًا لعلاقات اقتصادية تسرع اندماج إسرائيل في الإطار الإقليمي من دون أي حل سياسي للقضية الفلسطينية».

كما اعتبر مجدلاني أن الإدارة الأمريكية «تسعى إلى معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين بعيدا عن قرارات الشرعية الدولية في إطار التوطين في الدول العربية المضيفة لهم».

وتابع قائلا: «لم نكن بحاجة إلى إعلان واشنطن بشأن ما تقترحه من مشروعات اقتصادية حتى نغير موقفنا وهذا يؤكد صوابية الموقف الفلسطيني برفض صفقة القرن ومقاطعة الإدارة الأمريكية الحالية».

من جهته، اعتبر الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» فوزي برهوم أن ما أعلنه كوشنير «التفاف على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ومقايضة رخيصة بالمال والمشروعات الاقتصادية مقابل الحقوق الفلسطينية».

وقال برهوم، في بيان صحفي: «نحن نعي خطورة هذه المخططات الأمريكية، وتساوق البعض معها، ومحاولات تجميلها وتمريرها لشطب القضية الفلسطينية وتصفيتها من البوابة الاقتصادية والمال المسيس».

وأضاف: إن الشعب الفلسطيني «سيواجه بكل مكوناته كل هذه المخططات والمشاريع، ولن يسمح بتمرير مثل هذه الصفقات المشبوهة».

وطالب الناطق باسم حماس الدول العربية بـ«عدم المشاركة في مؤتمر البحرين المشؤوم أو التساوق معه، وضرورة التعاطي المسؤول مع مواقف الحالة الفلسطينية الموحدة الرافضة لانعقاده وضرورة مواجهته».

وفي إسرائيل وصف وزير التعاون الإقليمي تساحي هنجبي، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، رفض الفلسطينيين لخطة «السلام من أجل الازدهار» بأنه أمر مأساوي.

وقال هنجبي لإذاعة إسرائيل: إن واشنطن حاولت أن توجد «القليل من الثقة الإضافية والإيجابية» من خلال طرح رؤية اقتصادية لكنها بالنسبة للفلسطينيين لمست وترا حساسا.

وأضاف «لا يزالون مقتنعين بأن مسألة السلام الاقتصادي برمتها مؤامرة لا تهدف إلا إلى إغراقهم بالتمويل لمشروعات ومزايا أخرى لينسوا طموحاتهم القومية. هذا بالطبع يمثل خوفا مرضيا لكن هذه مأساة أخرى من مآسي الفلسطينيين».

وأثار غياب تفاصيل الحل سياسي، الذي قالت واشنطن إنها ستكشف عنه لاحقا، رفضا ليس من الفلسطينيين فحسب ولكن أيضا في الدول العربية التي تسعى إسرائيل إلى إقامة علاقات طبيعية معها.

ففي بيروت قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أمس: إن لبنان لا يريد استثمارات على حساب القضية الفلسطينية.

وقال بري في بيان «يخطئ الظن من يعتقد أن التلويح بمليارات الدولارات يمكن له أن يغري لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة على الخضوع أو المقايضة على ثوابت غير قابلة للتصرف وفي مقدمها رفض التوطين الذي سنقاومه مع الأشقاء الفلسطينيين بكل أساليب المقاومة المشروعة».

وأكد رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني الوزير اللبناني السابق حسن منيمنة أن اللبنانيين والفلسطينيين «يرفضون مبادلة الحل السياسي للقضية الفلسطينية بالمشاريع الإنمائية».

ومن السودان إلى الكويت، استنكر معلقون بارزون ومواطنون عاديون مقترحات كوشنر بعبارات مماثلة بشكل لافت للانتباه مثل «مضيعة هائلة للوقت» و«فاشلة» و«مصيرها الفشل منذ البداية».

وقال المحلل المصري جمال فهمي «الأوطان لا تُباع، حتى مقابل كل أموال العالم، هذه الخطة هي من بنات أفكار سماسرة العقارات لا الساسة، حتى الدول العربية التي تُوصف بأنها معتدلة غير قادرة على التعبير علنا عن دعمها».

وقال سركيس نعوم المعلق بجريدة النهار اللبنانية «هذه الخطة الاقتصادية، مثلها مثل غيرها، لن تنجح لأنها بلا أساس سياسي».

وفي حين أُحيطت الخطوط العريضة للخطة السياسية بالسرية، يقول المسؤولون الذين أطلعوا عليها إن كوشنر تخلى عن حل الدولتين، وهو الحل الذي يلقى قبولا في العالم منذ فترة طويلة ويشمل قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل.

وتحدث السياسي الأردني الكبير السابق جواد العناني عن حالة الشك واسعة النطاق بعد قراري ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان.

قال العناني «هذا نهج غير متوازن يفترض أن الفلسطينيين هم الجانب الأضعف وهم الذين يمكن أن يستسلموا للضغط بسهولة أكبر... هذه نكسة كبرى للمنطقة بأسرها».

وقال عزام الهنيدي نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، التي تمثل المعارضة الرئيسية في الأردن: إن الخطة الاقتصادية تمثل بيع فلسطين تحت راية الازدهار مقابل السلام دون إعادة الأرض وأن دول الخليج العربية تتحمل الجزء الأكبر من الأموال، مشيرا إلى أنها صفقة بأموال عربية.

ستتم مناقشة مقترحات كوشنر الاقتصادية في اجتماع تقوده الولايات المتحدة يومي 25 و26 يونيو. وقاطعت السلطة الفلسطينية الاجتماع ولم يوجه البيت الأبيض الدعوة للحكومة الإسرائيلية.

وستشارك دول الخليج العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك السعودية والإمارات، إلى جانب مسؤولين من مصر والأردن والمغرب. ولن يحضر لبنان والعراق.

كانت جماعة حزب الله اللبنانية والتي تتمتع بنفوذ كبير على الحكومة قد وصفت في السابق الخطة بأنها «جريمة تاريخية» يجب وقفها.

ويعتقد محللون عرب أن الخطة الاقتصادية تمثل محاولة لشراء معارضة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية برشوة قيمتها مليارات الدولارات للدول المجاورة التي تستضيف ملايين اللاجئين الفلسطينيين من أجل دمجهم.

وقال صفوان المصري، الأستاذ بجامعة كولومبيا «من المضلل أن نقول إن هذه الخطة اقتصادية بحتة لأنها لها بعد سياسي له آثار تتعارض مع الطموحات السياسية».

وأردف قائلا: «جزء كبير من الخمسين مليار دولار سيذهب إلى الدول المجاورة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في تلك البلدان».

وبعد احتلال إسرائيل لفلسطين في عام 1948، استوعب الأردن وسوريا ولبنان معظم اللاجئين الفلسطينيين. وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يصل الآن إلى نحو خمسة ملايين.

وقال مهند الحاج علي، الزميل بمركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت «أرى أنها ستفشل فشلا ذريعا بينما تفيد خصوم الولايات المتحدة في المنطقة» في إشارة إلى إيران.

وفي السنوات الأخيرة، دفع تنافس إيران الشديد مع كتلة تقودها السعودية، الصراع العربي - الإسرائيلي إلى مكانة أقل أهمية على نحو متزايد.

وفي حين رحبت الرياض وحلفاؤها بموقف ترامب الأكثر صرامة ضد طهران، التي تعتبر نفسها حامية للحقوق الفلسطينية، يتهم منتقدون السعودية بالتخلي عن الفلسطينيين.

ووسط مخاوف من أنها ستدفعهم إلى قبول خطة أمريكية تحابي إسرائيل، أكدت السعودية للحلفاء العرب أنها لن تؤيد أي شيء لا يلبي المطالب الأساسية للفلسطينيين.

وقال علي الشهابي، رئيس المؤسسة العربية التي تدعم السياسات السعودية: إن السلطة الفلسطينية مخطئة في رفض الخطة دون بحثها.

وأضاف في تغريدة على تويتر «يجب أن تقبلها وتعمل على وصول المنافع لشعبها ثم تمضي قدما بقوة في العمل السلمي... للبحث عن الحقوق السياسية».

وانتقد رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف أحمد الحبتور رفض الفلسطينيين الذهاب إلى البحرين، قائلا: «هذه المقاربة... قصيرة النظر في أفضل الأحوال، وانهزامية في أسوأها». وكتب «لا ضير من الاستماع إلى الأطروحات التي ستُقدَّم على طاولة البحث»، وحتى في الخليج، لا تلقى خطة كوشنر دعما يذكر. ووصفها ماجد الأنصاري، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر، بأنها مضحكة وغير واقعية.

وقال الأنصاري «فكرة الانتقال من الأرض مقابل السلام إلى المال مقابل السلام تمثل إهانة للقضية الفلسطينية... من الواضح جدا أن فكرة كوشنر تتمثل في دفع أموال مقابل موافقة الفلسطينيين على استيلاء إسرائيل على جميع أراضيهم وعدم تقديم تنازلات للفلسطينيين بشكل أساسي».

وتوقع الباحث الكويتي ميثم الشخص أن تعجز واشنطن عن تنفيذ الخطة من خلال الدبلوماسية وقد يتعين عليها فرضها بالقوة.

وقال «أعطى (ترامب) إسرائيل القدس والجولان، وفي كل يوم يقدم لهم هدايا على حساب العرب».

وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله: إن للفلسطينيين الحق في رفض خطة كوشنر لأنها لا تلبي الحد الأدنى من تطلعاتهم.

وتابع قائلا: «ليست الخطة مستساغة لدى الجمهور الأوسع في المنطقة. وستكون عملية بيع بثمن بخس لقضية عادلة».

وأضاف: «ستواجه دول الخليج صعوبة في فرضها على الفلسطينيين، ستواجه صعوبة في إقناع الفلسطينيين... هذا ليس ما يتوقعه الناس بعد سنوات من الصراع والكفاح».

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن رئيس البرلمان علي لاريجاني قوله أمس إن الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط «تعبث بكرامة الأمة» وستؤدي إلى تعزيز المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل.

وتظاهر عدة آلاف أمس في الرباط من أجل «إدانة» مؤتمر البحرين، مؤكدين رفض أي مشاركة مغربية فيه وعلى أي مستوى.