صحافة

الاستقلال :تسريب العقارات في القدس مجددا

13 يونيو 2019
13 يونيو 2019

في زاوية أقلام وآراء كتب راسم عبيدات مقالا بعنوان: تسريب العقارات في القدس مجددا...، جاء فيه: «تسونامي» ضرب القدس ومنطقة باب الخليل بعد قرار ما يسمى بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية، باعتبار فندقي البتراء وامبريال وبيت المعظمية من أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية في البلدة القديمة من القدس، صفقة ما عرف بباب الخليل، هي حق للمستوطنين وبالتحديد جمعية «عطروت كوهنيم» الاستيطانية، وهذا القرار جاء بعد 14 عامًا من المداولات في المحاكم الإسرائيلية، وكان البعض في الكنيسة ومن وظفوا أنفسهم أبواقًا لهم من لجنة عليا رئاسية لشؤون المقدسات المسيحية وغيرهم، بأنه لم يجر بيع أو تسريب تلك العقارات، ولتكشف المحكمة العليا الإسرائيلية بغض النظر عن موقفنا من المحاكم الإسرائيلية، والتي ندرك تمامًا بأنها موظفة لخدمة المستوى السياسي والأمني الإسرائيلية والجمعيات الاستيطانية، ومن غير المنطقي أن لا تحكم لصالح المستوطنين، بأنه جرت عمليات بيع وتسريب لأملاك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس وغير القدس. صحيح بان الصفقة عقدت في عهد البطريرك المتصهين إيرينيوس، ففي شهر 8/‏2004 وقّع المحامي إيتان جيفع كموّكل من الشركات التي اشترت لصالح المستوطنين وبابا ذيموس الموكل من البطريركية ثلاث اتفاقيات حكر لمدة 99 عامًا مع إيجاز تمديدها لمدة 99 سنة إضافية مع الأخذ بعين الاعتبار أن البطريركية لم تكن المتصرفة الرئيسية بهذه العقارات بل كانت بايجارة محمية لجهات ثالثة. بعد نشر تقارير عن الصفقة في جريدة معاريف في شهري مارس وأبريل 2005. ثارت زوبعة بالبطريركية التي أدت إلى ان يقرر السينودس بتاريخ 6/‏5/‏2005م بإقالة البطريرك ارينيوس. وبتاريخ 22/‏8/‏2005م انتخبت ثيوفيلوس لوظيفة البطريرك. كان واضحا بأن أطرافا نافذة داخل الكنيسة وخارجها متورطة في عملية البيع، ومن بعد تولي البطريرك ثيوفوليوس رئاسة البطريركية، تعهد بان يجري العمل على إبطال الصفقة وبأنه ليس جزء منها، وجرى الحديث عن الفساد والرشوات في عقد تلك الصفقة، وبأنه يمكن أن يتم إبطال الصفقة وعدم تسريب أو بيع تلك العقارات ذات الموقع الإستراتيجي، ولكن من مداولات المحكمة يتضح عدم دقة ما تم طرحه أو الادعاء به، وقول احد محامي الكنيسة المحامي اسعد مزاوي بأنه يمكن إبطال الصفقة لوجود أدلة ومعلومات ترد إلى الكنيسة حول الغش والفساد والرشوات في إتمام الصفقة أخفتها الجمعيات الاستيطانية والشركات المسجلة العقارات باسمها، أعتقد بأنه فقط يأتي من باب التنفيس وتخفيف حالة الاحتقان وإشاعة الأمل الكاذب في الشارع الفلسطيني، فبعد 14 عاما من المداولات في المحاكم، أين كانت تلك الأدلة والمعلومات..؟ ومن تعمد إخفاءها بشكل واضح بالأسماء الصريحة، فهذه أملاك عربية في قلب مدينة القدس، وثمة أسئلة جوهرية تطرح، لماذا تخلى محامو الكنيسة عن الطعن في القرار لوجود شبهة الرشوة والفساد في أساس الصفقة، وكذلك لماذا تخلوا عن الادعاء بعدم امتلاكهم صلاحية التوقيع على الصفقة، ولم يعرضوا على المحكمة بأن الشركة التي اشترت العقار دفعت 9 أضعاف الثمن المشترى به.

وهناك الكثير من التفاصيل التي تؤكد تورط أطراف نافذة داخل الكنيسة وخارجها في عمليات بيع أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية، فعملية الاعتراض التي جرت على بيع وتأجير أملاك الكنيسة لمدد طويلة جدًا، فقط جرت بحق ما عرف بصفقة باب الخليل، بعد الضجة الإعلامية الكبيرة والاحتجاجات الشعبية والمؤتمر الوطني الذي عقد في بيت لحم أكتوبر 2017، لحماية أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية، وكان من مخرجاته التأكيد على اعتبار الملف الأرثوذكسي وأوقافه وأبناء هذا الشعب العربي الأرثوذكسي ملفا وطنيا فلسطينيا وأردنيا بامتياز ولا ينحصر في الحدود السياسية، حيث أكد المؤتمرون على اعتبار هذا الملف من الملفات الاستراتيجية لمنظمة التحرير الفلسطينية وفصائل العمل الوطني كملف القدس، والعودة واللاجئين والأسرى، ووضع هذا الملف على سلم أولوياتها. كما أكد المؤتمرون على أن الدفاع عن الوقف العربي الأرثوذكسي من النهر إلى البحر حق مقدس ولا يندرج تحت أية تفاهمات سياسية.

ومن مداولات المحكمة يتضح بأن الاعتراض على بيع أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية فقط على عقارات باب الخليل، وبهذا تأكد الكنيسة على صحة عمليات البيع بحق دير مار يوحنا وأرض سلوان.

والكنيسة المعترضة على عمليات البيع لماذا قامت بإدخال الأموال المقبوضة إلى خزينة البطريركية كثمن لتلك العقارات ولم تقم بإرجاعها..؟ هذه الصفقة اخطر من أي صفقة سابقة، فهي تقع على مدخل المدينة والبلدة القديمة، وبما يجعل المحتل يتحكم فيها، وفي الطرق المؤدية إلى جامع عمر ومدخل كنيسة القيامة والمسجد الأقصى وخاصة بيت المعظمية، والذي يستهدف الاحتلال منطقة باب حطة من خلاله، وكذلك هذه العملية تسهم في عمليات الطرد والتهجير القسري بحق أبناء شعبنا العربي المسيحي في المدينة المتناقصة أعداده أصلا، ناهيك عن الإسهام في تهويد البلدة القديمة المستهدفة بالتهويد من قبل دولة الاحتلال.

القضية يعرفها الطفل قبل الشاب والكهل الفلسطيني، هناك بعض البطاركة والموظفين في البطريركية الأرثوذكسية قاموا ببيع وتسريب تلك العقارات وتأجيرها لمدد لا تقل عن 99 عاما لجمعيات استيطانية وشركات وهمية خلف البحار، ولكن الأخطر من تجندوا من المرتزقة والمنتفعين وتجار الوطن للدفاع عنهم، ولذلك وجب على المقدسيين بمختلف مكوناتهم التوجه للنائب العام ودعوته لفتح تحقيق مع هؤلاء، وليس فقط في إطار المساءلة والمحاسبة، بل المحاكمة، فهؤلاء اخطر من الذين باعوا لأنهم اعتمدوا التضليل والخداع خدمة لأجندات ومصالح خاصة، عقارات قيمتها أكثر من 200 مليون دولار تباع بـ 2 مليون دولار؟.

بعد عملية بيع وتسريب عقار أديب جوده في البلدة القديمة، بعد الضجة الكبيرة والملابسات التي أحاطت بتسريب هذا العقار، والاتهامات التي طالت السلطة بأن تقاعسها وعدم قيامها بالدور المنوط بها، وعدم اتخاذها أية إجراءات عقابية بحق المسربين والبائعين، هو من شجع مثل هؤلاء من المنتفعين والمرتزقة والمجردين من قيمهم الوطنية والأخلاقية والدينية على الاستمرار في عمليات بيع وتسريب الأراضي والعقارات المقدسية، ومن أجل تنفيس الحالة المقدسية وامتصاص نقمتها وغضبها أعلن رئيس الوزراء السابق رامي الحمد الله عن تشكيل لجنة تحقيق لذلك، ولكن نتائجها رحلت مع رحيل الحمد الله، وهي لن تر النور أبدًا، ومصير عقارات الكنيسة العربية الأرثوذكسية المباعة والمسربة، سيكون نفس مصير لجنة بيت أديب جودة، لجنة تحقيق، وأخشى أن يكون من ضمنها من لهم علاقة بالبيع والتسريب.