1241035
1241035
المنوعات

«ساعة مكة» متحف علمي لجذب الزوار المسلمين

13 يونيو 2019
13 يونيو 2019

مكة المكرمة، «أ ف ب»: أتت كوري إريزا مع زوجها وطفليهما من إندونيسيا إلى مكّة المكرّمة، لا للصلاة في أهم مساجد المسلمين فقط، بل أيضا لزيارة متحف علمي إسلامي افتتح مؤخّرا داخل أكبر ساعة في العالم، على مرمى حجر من الكعبة.

في أروقة المتحف المؤلف من أربعة طوابق والمطل على المسجد الحرام، سارت إريزا مع عائلتها بين مجسّمات ضخمة للشمس والقمر وكواكب أخرى وُضعت بالقرب منها لوحات تعريفيّة سوداء تحمل آيات قرآنية.

وقالت الأم الأندونيسية وهي تقف بين أفراد عائلتها: «نأتي إلى هنا (مكّة) للصلاة».

واستدركت «لكن هذا المكان (المتحف) يسمح لنا أيضا بأن نجلب العائلة للقيام بأمور ترفيهية» إلى جانب الصلاة والعبادة.

ويعرّف «متحف برج الساعة» زوّاره بنشأة الكون، وبالطرق التي اعتمدها الإنسان لقياس الوقت، في مشروع يندرج ضمن جهود السلطات السعودية لتنشيط السياحة في المملكة الساعية لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، ومن بينها السياحة الدينية.

ولا يسمح بدخول غير المسلمين إلى المدينة المقدسة التي تضم المسجد الحرام وفيه الكعبة.

ومن باب زجاجي ضخم أمام مجسّم لبرج «ساعة مكة»، خرج أفراد العائلة الأندونيسية معا إلى الشرفة المطلّة على المسجد الحرام، ووقفوا لدقيقة خلف سياج من حديد وهم يتأمّلون بصمت وذهول، من عند أعلى النقاط في مكّة، المؤمنين يطوفون حول الكعبة في وسط الحرم المكي.

واصطف عشرات الزوار الآخرين على طول السياج، يستمتعون بالإطلالة البانورامية على المسجد والمدينة المقدّسة، ويلتقطون الصور للمصلّين وللكعبة وللجبال المحيطة بها. وقال دودي زوج إريزا «إنه مشهد مؤثّر جدا».

ليست مجرد عقارب

تعد «ساعة مكة» الأكبر في العالم، بطول 43 مترا وعرض 43 مترا، وقد بنيت بأربع واجهات على برج بارتفاع 601 متر، وهي ثالث أطول بناء في العالم بعد برج شانجهاي (632 مترا) وبرج خليفة في دبي ( 828 مترا). ويبلغ وزنها الإجمالي 36 ألف طن.

وزوّدت الساعة بنظام حماية متكامل ضد العوامل الطبيعية من أتربة ورياح وأمطار. وغطيت واجهاتها المزخرفة بحوالي 100 مليون قطعة من الفسيفساء الزجاجية الملونة.

وبرج الساعة هو الرمز الأساسي لمجمع ضخم من سبعة أبراج على بعد أمتار من المسجد الحرام، يضم حوالي ثلاثة آلاف غرفة وشقة. وقد دشن المجمع العام 2012 في إطار مشروع بمليارات الدولارات بنته مجموعة بن لادن السعودية قبل أن تغرق في صعوبات مالية في السنوات الأخيرة.

وبني المجمع على أنقاض قلعة أجياد العثمانية، ما أثار توترات دبلوماسية بين الرياض وأنقرة حينها.

ويقع «متحف برج الساعة» في أعلى البرج داخل «ساعة مكة»، وجرى افتتاحه مطلع شهر رمضان في ‏مايو الماضي ليأخذ زواره «في رحلة كونية إيمانية»، وفقا للسلطات التي لم تكشف عن تكلفته.

ومن بين عشرات الزوار الذين غصّت بهم طوابق المتحف، راح عمرو محمد مسعدي الآتي من جنوب المملكة يجوب القاعات ويقرأ المعلومات الموزعّة فوق الألواح الزجاجية.

وأوضح الشاب اليمني: «ظننت أنّها ساعة فقط، مجرد عقارب، لكن عندما دخلت اكتشفت مشروعا ضخما»، مضيفا: «تعلّمت أشياء للمرة الأولى مرة، عن عمر الكون، والأجرام السماوية، وغيرها».

ويعرّف الطابق الأول زواره بالكون والسماء والمجرات والبروج السماوية من خلال الصور والتسجيلات الصوتية، بينما خصّص الطابق الثاني للتعريف بالشمس والقمر وحركة الأرض حولهما.

أما الطابق الثالث، فيتعرّف الزائر فيه على الوسائل المختلفة التي استخدمها الإنسان لتحديد الوقت، فيما خصّص الطابق الرابع للشرفة المطلة على الحرم ولشرح كيف صُنعت «ساعة مكّة».

وتنتشر في الطوابق الأربعة مجسّمات الكواكب وصور النجوم والمجرات، وكذلك الساعات وبينها تلك التي تعود إلى مئات السنين، وساعات أخرى حديثة.

وقال مسعدي: «في المدرسة تعلّمنا أشياء عامة (...) لكن هنا، تعرفت على أرقام فلكية (...) مذهلة جدا».

موقع عالمي

وما إن حان موعد آذان الظهر، حتى توجه مسعدي مع زوار آخرين بسرعة نحو الغرف المخصصة للوضوء في المتحف، ثم عادوا ووقفوا خلف السياج الحديدي عند الشرفة المقابلة للكعبة في صف واحد استعدادا لأداء الصلاة جنبا إلى جنب.

وأثناء الأذان، يُضاء أعلى الساعة بواسطة 21 ألف مصباح ضوئي تصدر أنواراً برّاقة باللونين الأبيض والأخضر، يمكن رؤيتها من مسافة تصل إلى 30 كيلومترا.

ورفع أحد المصلين يديه نحو السماء وقال: «سبحان الله. أكاد لا أصدق أنني هنا».

وبحسب ياسين مليكي، المشرف على المكان، فإن المتحف التابع لمؤسسة «مسك» برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، استقبل منذ فتح أبوابه في الأسبوع الثاني من مايو نحو 1200 زائر يوميا. ويبلغ سعر تذكرة الدخول العادية 150 ريالا سعوديا (40 دولارا)، وتذكرة الشخصيات المهمة 300 ريال (80 دولارا).

وأشار إلى أن برج الساعة سيتحوّل بدءا من رمضان المقبل إلى مركز لرصد الأهلة وأبحاث القمر.

وتاريخيا، شكّلت خدمة الحجاج والمعتمرين النشاط الاقتصادي الأهم لمكة التي تستضيف سنويا أحد أكبر التجمعات البشرية في العالم خلال موسم الحج (نحو ثلاثة ملايين).

وشارك خلال السنوات الـ25 الماضية 54 مليون مسلم في مناسك الحج، بحسب أرقام رسمية. وتأمل السعودية استقبال 30 مليون حاج ومعتمر كل عام بحلول العام 2030 مقارنة بنحو 20 مليونا في الفترة الحالية.

ويمثّل المتحف، وفقا لمليكي، جزءا من «رؤية 2030» الاقتصادية الإصلاحية بقيادة ولي العهد والتي تهدف إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية في المملكة التي شهدت في السنوات الأخيرة تغيرات اجتماعية.

وأوضح مليكي: «هذا بالضبط ما نريده، أن يتحوّل المتحف إلى موقع عالمي لجذب السياح» في مكّة التي لا يسمح بأن يدخلها غير المسلمين.