1241120
1241120
المنوعات

«نقادة» المصرية تعيد إحياء تاريخها بإقامة مجمع للحرف التراثية ومتحف للفخار

13 يونيو 2019
13 يونيو 2019

عرفت ثلاث حضارات مصرية قديمة -

الأقصر، «د ب أ»: تقع مدينة نقادة، في المسافة ما بين معبد دندرة في محافظة قنا، وجبانة طيبة الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة في غرب مدينة الأقصر، وقد عرفت نقادة قديما بأنها (مدينة الفهم والمعرفة) وهو معنى اسمها القبطي (نى كاداى)، كما عرفت بأنها مدينة النجدة والإنقاذ، وهو المعنى الذي حمله اسمها الذي عرفت به لفترة من الزمن وهو (نجادة) والذي حرف إلى نقادة.

ونقادة مدينة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ المصري القديم، وقد عرفت المدينة ثلاث حضارات متتالية امتدت ما بين أعوام 4400 - 3000 قبل الميلاد ، فهناك حضارة نقادة الأولى التي امتدت من مصر الوسطى وحتى الجندل الأول، وحضارة نقادة الثانية التي كانت أكثر انتشارا واتساعا من حضارة نقادة الأولى، وامتدت من بلاد النوبة ووادي السبوع جنوبا حتى أبو صير شمالاً، وحضارة نقادة الثالثة، التي كانت في عصر ما قبل الأسرات.

متحف للفخار

وقد باتت مدينة نقادة على موعد مع إحياء تاريخها الذي يرجع لآلاف السنين، عبر قيام سلطات محافظة قنا، بالشروع في إقامة مجمع للصناعات والحرف التراثية والتاريخية، التي عرفتها نقادة قديما.

وبحسب محافظ قنا اللواء عبد الحميد الهجان، فإن المشروع سيقام على مساحة 42 فدانا، ويضم 400 ورشة لحرف وصناعات تاريخية عدة اشتهرت بها نقادة عبر التاريخ، وهي صناعة الفركة والالباستر، والمشغولات الخشبية والكليم اليدوي، والخيامية والجلود، والنحاس والصدف، والخزف، ومصنع للحرير ومركز للتدريب والحفاظ على تلك الحرف والصناعات من الاندثار، بجانب متحف للفخار ومسرح للعروض الفنية التراثية وفندق بيئي وذلك بكلفة تبلغ 45 مليون جنيه مصري.

وكما يقول محمد مسكين، أحد الناشطين في مجال الحفاظ على تراث نقادة من الاندثار، فقد اشتهرت نقادة بالكثير من الصناعات والحرف التاريخية، التي ترجع جذورها لآلاف السنين، مثل صناعة الفخار، وصناعة الفركة وهي صناعات تاريخية باتت مهددة بالاندثار.

وأضاف: أن حضارة نقادة الثانية شهدت تطورا في صناعة الخزف، وأن صناعات قيمة لا تزال تقاوم الاندثار عبر مشاريع محلية مثل ما جرى من جهود للحفاظ على صناعة الفركة التي تشتهر بها نقادة وتعد أحد اشهر مراكزها في منطقة بلدان الشرق الأوسط وتصدر لدول أفريقية عدة في مقدمتها السودان. والفركة - كما يقول محمد مسكين - هي صناعة ملابس تستخدمها النساء في كثير من البلدان الأفريقية وفي جنوب مصر، كزي شعبي مميز، كما تستخدم كزي يباع للسياح ويصدر لبلدان أوروبية، ويرجع تاريخ تلك الصناعة في نقادة، إلى عصور حضارة تلك المدينة، وذلك كما تسجل ذلك الرسوم والنقوش المصرية القديمة، حيث كانت صناعة الكتان والغزل والنسيج من الصناعات التي تشتهر بها مصر قديما، وهي صناعة كانت تمتهنها النساء، ثم صارت في العصور الحديثة مهنة للرجال.

نقادة واللغة المصرية القديمة

ويقول الأثري المصري علي رضا، مدير منطقة وادي الملوك الأثرية في غرب الأقصر، أن حضارة نقادة شهدت بدايات تدوين اللغة المصرية القديمة، المعروفة باللغة الهيروغليفية.

وفي إشارة إلى امتداد حضارة نقادة، وتفردها بين الحقبات التاريخية التي عرفتها مصر عبر التاريخ، أشار علي رضا، إلى أن (بعثة أثرية من جامعة بيل الأمريكية، تعمل في صحراء الكاب بمدينة أدفو، في صعيد مصر، عثرت بالتعاون مع فريق من الأثريين المصريين، على نقوش ورسومات بارزة يمتد تاريخها إلى بداية عصر ما قبل الأسرات وتحديدا حضارة نقادة الأولى)، وأن تلك المنطقة التي أكدت نتائج أعمال الحفر والتنقيب على علاقتها بحضارة نقادة الأولى، باتت تمثل (موقعا أثريًا وكتابيًا مهمًا في منطقة الصحراء الشرقية والتي كان يُعتقد قديما أنها خالية من أي مدافن قديمة أو شواهد تاريخية وأثرية).

وأضاف: أن الأثريين الأمريكيين والمصريين، عثروا في تلك المنطقة على ثلاث لوحات صخرية تحمل نقوشا تعود لفترة نقادة الثانية ونقادة الثالثة، وتمثل تلك النقوش أوائل أشكال الكتابة في مصر القديمة، وصور عليها أقدم وأكبر علامات من المراحل التكوينية المبكرة والبدائية للنص الهيروغليفي، ويقدم دليلا لكيفية اختراع المصريين القدماء نظام الكتابة المتفرد، ويمتد تاريخها إلى بداية عصر ما قبل الأسرات أي حضارة نقادة الأولى.

تاريخ وآلهة

ويقول الباحث والأديب المصري الطيب أديب - وهو أحد مؤرخي نقادة -: إن حضارة نقادة امتدت حتى فلسطين، ضمن ما عرف قديما بـ(المستعمرات التجارية)، وأنه كما تفردت نقادة بأول ظهور للغة المصرية القديمة، فقد تفردت أيضا بظهور أول لوحات مرسومة وأول مقابر ملكية وأول استخدام منظم لري الحقول والزراعات.

وحول معبودات نقادة القديمة، يشير الطيب أديب إلى أن نقادة عرفت عبادة الكثير من المعبودات والآلهة المصرية القديمة، مثل الإله (مين) إله التكاثر والخصوبة، والربة (إيزيس) ربة الأمومة والقمر لدى قدماء المصريين، و(ست) إله العواصف والصحراء ، والإله (حور) إله الشمس، وأحد أقدم آلهة مصر القديمة.

وتوجد بنقادة معالم أثرية وتاريخية، بقيت من آثار حضاراتها المتعاقبة في مناطق عدة مثل كوم الضبع، والخطارة والمنطقة التي تعرف اليوم بمدينة نقادة التي تقع على الضفة الغربية من نهر النيل الخالد وتتوسط المسافة بين مدينتي قنا والأقصر التاريخيتين، وتشارك نقادة مع مدينتي قنا والأقصر في الأهمية التاريخية، والمكانة التاريخية والحضارية المتميزة فمدينة قنا تتفرد بمعبد دندرة الذي يبعد قرابة 25 كيلو مترا عن نقادة، فيما تتفرد الأقصر بامتلاكها لمئات المقابر وعشرات المعابد الفرعونية التي تنتشر في شرق المدينة وغربها.