oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الطريق إلى بناء المعاني الإنسانية

05 يونيو 2019
05 يونيو 2019

احتفلت السلطنة بأول أيام عيد الفطر السعيد هذه المناسبة الطيبة التي تأتي بعد انقضاء شهر الصوم الفضيل، وحيث جاءت خطبة العيد لتؤكد على العديد من المعاني السمحة لاسيما قيم التكافل والرحمة والإحسان، تلك المرتكزات التي أسس لها الإسلام والتي عبرها تقوم الروح الإنسانية ويرقى الإنسان إلى مراتب عليا من التقدم الروحي والأخلاقي، الذي ينعكس على كافة مسارات حياته اليومية، حيث إن سلوك الإنسان هو عبارة عن تمثل أو تجسيد لما تختزنه روحه ونفسه من طبائع وقيم وأخلاق، بحيث إنه كلما ترقت هذه الجوانب كان هذا الإنسان راقيًا ومؤثرًا بشكل إيجابي ومتسامحًا وأصيلًا، وإلا حدث العكس.

إن واحدة من القيم التي تزرعها الأعياد الدينية في المسلمين هي الحث على قيم العدالة والتكافل والتعايش السمح بين البشر، فالعيد هو مناسبة للتصافي بين الناس والدعوة إلى الخير والسلام والأمان والطمأنينة، حيث يشعر الجميع بأنهم في حاجة إلى العيش تحت كنف آمن دعامته المحبة بين بني الإنسانية، وهي أروع القيم التي يرسمها الإسلام وهو يعزز مثل هذه الشعائر التي تأتي في أيام محدودة من السنة، غير أنها تترك أثرها في باقي الأيام والشهور.

تعمل الأعياد على بذر روح الفرح بين الناس حيث يعم السرور والابتهاج، وتسود المودة وقيم التآخي الذي يشكل جوهر وصميم الرسالة الإسلامية الخالدة، القائمة على الاحتفاء بالإنسان ودوره في هذا العالم، حيث إنه هو من يعمر هذه الأرض ويبني ويطور ما حوله، وينشد كل القيم الجميلة والفضائل والمحاسن، لهذا فإن الأعياد من المفترض وعبر البلدان العربية والإسلامية وكل العالم، أن تصبح واحة للتعايش والسلام والرضا بين الجميع، بدلًا من أن تصبح طريقًا للتفرقة والدماء والدموع، فالناس في مثل هذه الأيام المباركات مدعوون لترسيخ كل ما من شأنه أن يبسط الصلاح والوحدة والتآلف بين الإنسانية.

وطالما أكدت القيم السمحة على الوحدة بين بني البشر والمسلمين وأن هذه الأمة لها رسالة عظيمة وكبيرة واحدة من المفترض أن تضطلع بها في سبيل العالم الأفضل، وبالتالي فبعض ما نرى اليوم من مظاهر الشتات والتشرذم يتطلب الوقوف عنده والبحث عن الحلول بالتقريب بين الأخوة ونزع الغل في سبيل المضي نحو البناء والعمار بدلًا من الدمار الذي أصبح لغة سائدة للأسف في العديد من البلدان.

تدعونا الأعياد بصراحة ووضوح إذًا إلى تعزيز كل القيم الجليلة والفاضلة والانتباه إلى المقدرات الذاتية وعظمة هذه الأمة، وأن الطريق إلى المستقبل يقوم على المحبة والتسامح بين الجميع، ليكون الخطاب السائد هو التفاهم والحب وتقوية الروابط والعناصر الإيجابية المشتركة بدلا من المسائل الخلافية التي قد تدعو إلى التباعد بين الناس، فالوحدة دائمًا هي طريق الخير والسداد وتحقيق الطموحات في أي مكان كان؛ وفي أي زمان.

نسأل الله أن يعيد هذه المناسبة المباركة على جلالة السلطان المعظم بالسعادة والمسرة والهناء، وأن يوفق الله الجميع لتحقيق كل ما فيه الخير، وأن يحفظ عُمان الغالية في هذا العهد الزاهر..

وكل عام والجميع بخير.