1218388
1218388
روضة الصائم

الهاشمي: المحبة الصادقة محمدة من محامد الأخـلاق الرفيعـــــة ومن صفات النفس السخية

18 مايو 2019
18 مايو 2019

سجية من سجايا وطبع مجتمعنا العماني -

أجرى اللقاء: سيف بن سالم الفضيلي -

أكد فضيلة الشيخ سالم بن منصور الهاشمي قاضي المحكمة العليا بأن أفراد المجتمع العماني -ولله الحمد- تسود بينهم المحبة منذ القدم وهي سجية من سجايا وطبع مجتمعنا وأهله الغيور على دينه والمحافظ على خلقه والمعتز بوحدته ووطنه.

وأوضح فضيلته أن التحبب الى الناس في إظهار ما تأمر به الشريعة من التعامل بالحسنى يندرج تحت حكم الواجب الذي لا ينبغي للمسلم أن يحيد عنه.

وبيّن أن من ترسيخ المحبة بين الناس التعاون بينهم، كما قال تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”. مضيفا أن المجتمع المتعاون في البيئة القريبة والبعيدة تنتشر بين أفراده أواصر المحبة والمودة الصادقة وهذا التعاون في كل أعمال الخير بما يحقق البر والتقوى.. والى ما جاء في اللقاء.

ما حكم التحبب إلى الناس؟

ذكر فضيلته: التحبب قرين اسم المصدر الحبة وهو ناشئ عن الحب الذي هو ميل النفس ويكون فطريا ومكتسبا ويتعلق بالقلب الذي يميل الى حب الناس أو بعضهم أو يميل الى حب غيرهم كالحيوان أو الجماد.

وهذا الحب الكينوني تظهر منه ثمرة التحبب وهذه الثمرة تجذبه الى التحبب الى الناس وهو التقرب إليهم بحب ومودة ويكون فطريا، وكما يكون أحيانا مصطنعا لغرض ما أو لحاجة في نفس يعقوب.

والتحبب الى الناس سجية من سجايا الكرام ومحمدة من محامد الأخلاق الرفيعة ومن صفات النفس السخية النبيلة.

فإذا كان التحبب في إظهار ما تأمر به الشريعة السمحة من التعامل بالأخلاق أو دعوتهم الى الخير بالحسنى وعدم إتيان ما يشين من الجفاء في المعاملة أو فيما يتعلق بإظهار روح الدين الإسلامي بما يكتنفه من تعاليم قيمة أو مبادئ سامية وعدم إتيان ما ينفر الناس من الأساليب والأخلاق التي تسيء بسمعة الإسلام والمسلم فالتحبب الى الناس بهذا ومثله يندرج تحت حكم الواجب الذي لا ينبغي للمسلم أن يحيد عنه.

أما مطلق التحبب بمعنى إظهار المودة للناس من غير الذين يحادون الله ورسوله إلا إذا كان لدعوتهم للخير وتبصيرهم بسماحة الإسلام فهذا وأمثاله من الأمور المستحبة والمرغب فيها لكون المسلم يألف ويؤلف وينبغي أن يكون بهذا الطبع سجية من سجاياه.

ما أهمية التحبب إلى الناس؟

يشير فضيلته إلى أن المجتمع الذي يتعامل أفراده بروح المحبة ويتحبب بعضهم الى بعض بصدق وإخلاص يعمه الخير والشفافية في التعامل.

والتحبب الى الناس مهم جدا فهو يدل على صفاء النفس ويقظة الضمير فلا يداخل الغرور والأنانية ولا عوامل النفس الأمارة بالسوء بل ويبقى صفيا نقيا من شوائب الكبر والحسد والصفات التي لا تحمد ويخرج بهذا الثوب القشيب وبهذه النفس الصافية الى إخوانه ومجتمعه وهو لا يحمل بين جوانبه إلا الخير والمودة للآخرين مما يجعل نظره للحياة بأنها جميلة بما أودع فيها من باقات الجمال المتنوعة فيرضى بما قدر الله له فيها من الرزق والسعادة فلا يسخط على الآخرين فيحمله هذا المبدأ الى العمل الدؤوب بالإخلاص والتفاني فيخرج الى المجتمع في غاية البشاشة والسرور.

ينظر الى الناس بتلك الروح الطيبة التي تتحبب تلقائيا وبعفوية للآخرين بما تنطوي عليه من المحبة لهم.

وكم رأينا مجتمعات سادتها هذه الفئات النبيلة وهذا الخلق الرفيع مما كان له الأثر البالغ في تعاملها مع الآخرين وفي عملها الموصوف بالإتقان والإنتاجية.

ما الأسباب التي تجلب محبة الناس؟.

يذكر فضيلته بأن هناك أسبابا تكون مجلبا وسببا لمحبة الناس ومن ذلك إفشاء السلام لقوله عليه الصلاة والسلام: “ألاد أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم” إنها تحية المسلم مع أخيه وعلى الآخر أن يرد بأحسن منها أو يردها كما بين المولى سبحانه وتعالى ولا يشترط الملقي لهذه التحية ان يكون مسلما بل يرد على من ألقاها مطلقا كما أمر سبحانه وتعالى “ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا....”.

وكذلك إذا ألقى من لا يعتقد السلام تحية وباشر بألفاظ يعرفها من ألقية إليه تدل على التحية فعليه أن يبادله بما يدل من الرد الجميل حتى لا يكفهر ويأخذ صورة مشوهة عن الإسلام بل في فعل ذلك سياسية شرعية قلّ من يتفطن إليها وما يفعله بعض المتنطعين من عدم ردهم السلام أو تحية قوم يعرفونها لهو جهل وفعل مسيء للإسلام.

ومن أسباب المحبة بين الناس صفاء القلوب والسرائر لبعضهم البعض والبعد عن كل ما يؤثر ويدنس ثوب المحبة كالنميمة والغيبة والقيل والقال. وكذلك من أسباب جلب المحبة السخاء والكرم لأن النفوس قد جبلت على حب من أحسن إليها ومن كان ذا أياد بيضاء ولذلك تنفر من الشحيح وتكرهه ولا تحبه.

ومن أسبابها بر الوالدين وصلى الأرحام والعطف على الفقراء والمساكين ومعونتهم وزيارة المرضى وتفقدهم.

نصائح

وأسدى فضيلته نصائح تعين على ترسيخ وتعميق المحبة بين الناس: الإنسان مدني بطبعه يسعى دائما لمحبة الناس وان كانت غاية لا تدرك ولكن الذي لا يدرك كله لا يترك كله ولكن يحاول ما استطاع “ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها” وقلّ من يسلم من الألسنة ولو حاول العزلة في رأس الجبل ولكن عليه أن يأخذ من الأسباب التي تعينه على محبة الناس وأولا أن يبدأ بنفسه وذلك فيما بينه وبين الله تعالى من إخلاص القول والعلم وقد جاء في الأثر “إن الله إذا أحب عبدا أوحى في السماء أني أحببت عبدي فلان فأحبوه”. وأن يكون صافيا في سريرته اتجاه إخوانه ولا يعاملهم بعوارض النفس الدنيئة التي تجرحهم وتحرجهم.

وكذلك لا يسعى الى كثرة عتابهم فيما يمكن السكوت عنه وان كثرة الانتقاد توغر الصدور والناس يختلفون ومشاربهم شتى ومن ذلك يتحرى نصحهم فيما بينه وبينهم لان العلانية تؤدي الى الضد وتهيّج النفوس فلا تكون محبة صادقة ويكون النصح من الحاجة إليه حتى يحقق مقصدا شرعيا مثمرا ومفيدا.

ومن ترسيخ المحبة بين الناس التعاون بينهم كما قال تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”. فالمجتمع المتعاون في البيئة القريبة والبعيدة تنتشر بين أفراده أواصر المحبة والمودة الصادقة وهذا التعاون في كل أعمال الخير بما يحقق البر والتقوى.

ونحن في مجتمع ولا زلنا ولله الحمد متحابين منذ القدم وهي سجية من سجايا وطبع مجتمعنا وأهله الغيور على دينه والمحافظ على خلقه والمعتز بوحدته ووطنه.