1210196
1210196
تقارير

ليبيـا في مـواجـهة مـأزق عسـكري وصـراع نـفـوذ أجنـبي

03 مايو 2019
03 مايو 2019

طرابلس - (أ ف ب) - بعد شهر على بدء هجوم المشير خليفة حفتر على طرابلس، يبدو الوضع أمام طريق مسدود بالكامل. فالمواقع العسكرية على حالها وأي حوار يبدو مستحيلا للخروج من النزاع في بلد أصبح أرضا للصراع على النفوذ بين القوى الكبرى.

وفي 4 أبريل، وقبل عشرة أيام من انطلاق مؤتمر ليبي سعياً لإخراج البلاد من ثماني سنوات من الفوضى، أطلق الرجل القوي في شرق البلاد المشير خليفة حفتر حملةً للسيطرة على طرابلس حيث مقرّ حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.

ووصل «الجيش الوطني الليبي» بقيادة حفتر إلى أبواب العاصمة وتصادمت قواته مع القوات الموالية لحكومة الوفاق، المدعومة من جماعات مسلحة قادمة من عدة مدن غرب البلاد، خصوصاً من مصراتة، تتهم حفتر بأنه يريد أن يؤسس «ديكتاتورية عسكرية» جديدة.

بعد سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 بعد 8 أشهر من الاضطرابات، غرق البلد النفطي في الفوضى، مع بروز فصائل وجماعات مسلحة وتصاعد الصراعات الشرسة على السلطة.

وفي الصراع الحالي، لم يتغيّر الوضع الميداني كثيراً بعد ثلاثة أسابيع من القتال، على الرغم من أن القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني تمكنت من التخفيف قليلاً من ضغط قوات «الجيش الوطني الليبي» عبر إعلانها عن هجوم مضاد في 20 أبريل.

وأبعد من طرابلس، في غرب البلاد، استعادت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني أراضي محيطة بالعزيزية.

وتدور المواجهات في محيط المطار الدولي (على بعد 30 كلم عن طرابلس)، وهو غير مستخدم منذ تدميره في معارك بين فصائل مسلحة في 2014، وأيضاً في شمال مدينة غريان (على بعد 80 ملن جنوب غرب طرابلس) وهي قاعدة خلفية لـ»الجيش الوطني الليبي».

لكن «خط الجبهة يتغير بطريقة متقلبة، أحياناً عدة مرات في النهار»، كما يقول جلال حرشاوي الباحث في معهد كليغندايل في لاهاي.

تأييدات وانقسامات

وتبدو قوة الطرفين متكافئة. ويشرح أرنو دولالاند المستشار في مسائل الدفاع والمختص في الشأن الليبي أن «الجيش الوطني الليبي يعدّ 25 ألف رجل: 7 آلاف منهم منتظمون، و18 ألفاً ينتمون إلى فصائل مسلحة. وقد يصل عدد القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني إلى 18 ألف مقاتل من 200 فصيل من مصراتة، وقوة الردع (1500 مقاتل من طرابلس)، وكتيبة النواصي (1800 من طرابلس)، والحرس الرئاسي (800). وفي سلاح الجو، بملك كل طرف نحو 15 طائرة وعدد قليل من المروحيات».

وتوقع جلال حرشاوي أن «تواجه القوات مأزقاً عسكرياً ممتداً ومدمراً»، مضيفاً «لكن الجهات الخارجية الراعية لحفتر معروفة بعدم صبرها وميولها للحلول الباتة».

ويؤكد أن «على المستوى الدولي، لم يصدر أي تنديد جدي بحق حفتر. المجتمع الدولي يقبل إذاً، كأمر واقع، استمرار الحرب الخطرة، والتي قد تشهد مزيداً من التدهور».

وفي مجلس الأمن الدولي، لم تنجح الدول الأعضاء بالاتفاق على مشروع قرار بريطاني لوقف إطلاق النار. ورفضت روسيا النص الذي ينتقد خصوصاً المشير حفتر، فيما طلبت الولايات المتحدة المزيد من الوقت لدراسة الوضع.

أما فرنسا التي تتهمها حكومة الوفاق الوطني بدعم حفتر سياسياً، فقد نفت ذلك، ودعت إلى «عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة».

ودخلت القوى الإقليمية اللعبة. إذ تدعم مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة خليفة حفتر، وهي مؤيدة للأنظمة القوية للتصدي لتأثير الإسلاميين. في حين تدعم قطر وتركيا من جهتهما حكومة الوفاق الوطني.

«حرب طويلة جداً»

يقول أرنو دولالاند «مع الجمود التقريبي للجبهات، فالفرق الوحيد يمكن أن تحدثه ضربات جوية».

ونددت حكومة الوفاق الوطني بمشاركة خارجية في الضربات على أحياء جنوب طرابلس. وبحسب دولالاند، فالضربات الجوية التي شنت مساء غير ممكنة بالمعدات الجوية المتوفرة في ليبيا.

ويوضح أن «بقايا الصواريخ التي عثر عليها بعد الضربات لا تترك شكاً بشأن مصدرها: صواريخ إل جي 7 صناعة الصين، تسمى أيضاً بلو آرو 7، والتي يمكن لطائرات وينج لونج 2 المسيرة الصينية الصنع فقط حملها إلى هذه المنطقة».

ويضيف «الإمارات تملك منها ونشرتها في قاعدة الخادم (شرق ليبيا). واستخدمها التحالف بقيادة السعودية أيضاً في اليمن. وباتت القوات الجوية المصرية أيضاً تملك منذ أكتوبر طائرات وينج لونج».

وحتى الآن، ليس لهذه الضربات أثر كبير على توازن القوى في ليبيا.

لكن في بلد تنتشر فيه جماعات مسلحة متقلبة الولاء، فإن تبدل التحالفات سريع بقدر ما هو غير متوقع.

«من المحتمل دائماً أن تفقد طرابلس دعم الزاوية» الواقعة على بعد 50 كلم غرب العاصمة، بحسب حرشاوي الذي يضيف أن «في هذه المدينة الاستراتيجية، جزء من الجماعات التي تعتمد عليها طرابلس قابلة للرشوة والفساد. مقاومتهم لن تدوم إلى الأبد». واستبعدت حكومة الوفاق الوطني أي مفاوضات مع خليفة حفتر طالما لم يسحب قواته.

وبالنسبة لجلال حرشاوي، «حتى ولو فرض وقف لإطلاق النار، من غير المرجح أن يتراجع الجيش الوطني الليبي. إننا أمام احتمال حرب طويلة جداً وغير نظيفة».