صحافة

الرسالة: وانتصر الأسرى ...

18 أبريل 2019
18 أبريل 2019

في زاوية مقالات كتب ناصر ناصر مقالا بعنوان : وانتصر الأسرى ...،جاء فيه:

انتصر الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال في معركة كرامتهم وكرامة شعبهم الثانية ، ولكن – وكطبيعة كل الثورات المنتصرة – ليس قبل أن يخوضوا معركة متميزة وفريدة من نوعها في شكلها وجسارتها وظروفها وفي نتائجها من حيث التكاليف والعوائد فكيف تم ذلك؟

اتخذت مواجهة الأسرى الفلسطينيين لسجانيهم هذه المرة شكلا متميزا وإبداعيا ، فهي لم تبدأ بالإضراب المفتوح عن الطعام ، بل سبق ذلك مرحلة نضالية متميزة بدأت في 16فبراير في النقب ثم في 28 فبراير 2019 وهي حل التنظيمات ، حيث أعلنت أربع حركات فلسطينية وهي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية حل نفسها ، وبعبارة أدق إنهاء ما يعرف بالتمثيل الاعتقالي أمام إدارة السجون ، مما يعني أن كل أسير هو ممثل عن نفسه ، لتضرب بهذا في الصميم كل منظومات العمل لإدارة السجون القائمة على وجود تمثيل اعتقالي قوي لأسرى تنظيمات فلسطينية متماسكة وملتزمة ، مما يعني إدخال الإدارة في حالة من الإرباك وفي وضع الطوارئ من حيث الميزانيات واستنفار مستمر للقوات وجلب قوات إضافية من الجيش و بقية الأجهزة الأمنية ، وهذا وضع لا يمكن تحمله لفترة طويلة.

ستدرك سلطات الاحتلال بعد اليوم أن حل التنظيم يعني إخراج «المارد من قمقمه» دون قيود، مما أدى لقيام أسرى قسم 1 في رامون في 18-3 بخطوة غير مسبوقة ، فحرقوا «14» غرفة من غرف قسم «1» الخمسة عشر، وخرج الأسرى من غرفهم دون خطوات عنيفة ضد السجانين، فانتقمت عصابات القمع منهم بضرب 56 أسيرا من أصل 88 أسيرا في مخالفة واضحة لقوانين وأعراف السجن المعروفة والقاضية بمنع ضرب أسير مقيد لا يمثل أي خطورة على حياة طاقم الأمن ، وكان من بين الجرحى والمضروبين قادة من الفصائل منهم معاذ بلال وزيد ابسيسي وكميل حنيش.

ثم جاءت «لحظة الذروة» في نضال الأسرى الفردي الناتج عن حل التنظيم ، وهي قيام الأسير الحمساوي اسلام وشاحي من مخيم جنين في يوم 24 مارس بطعن ضابط وشرطي في قسم «4» الممتلئ بأجهزة التشويش الضارة والتي أراد بها وزير الأمن الداخلي اردان وبدوافع عنصرية وانتقامية منع الأسرى من التواصل مع ذويهم وأهلهم ، فما كان من سلطات الاحتلال الا أن استدعت قوات النخبة وجيشها المهزوم كقوات جفعاتي ليس للسيطرة الأمنية على الأسرى ، فقد تمت بالفعل، بل للانتقام الغريزي والهمجي من كل الأسرى فبدأت القوات بالنداء واستدعاء قادة الأسرى بالاسم وهم مقيدون ثم أطلقوا النار عليهم وضربوهم كما حدث مع مسؤول حماس في النقب المهندس سلامة قطاوي ، ونائبه مصعب ابو شخيدم وأمير قسم «4» أحمد الصيفي.

إلى جانب « ذروة النقب» النضالية كان العالم على موعد مع لحظة تاريخية من لحظات نضال الشعب الفلسطيني وقمة أخلاقية جديدة ، وقد تكون غير مسبوقة من قمم دفاع الشعب عن أسراه حيث قامت أذرع المقاومة الفلسطينية في غزة ، ونتيجة خطأ مبارك ومشرف وبشكل فوري وأثناء سيلان دماء أسرى قسم «4» في النقب نتيجة قمعهم في ليلة باردة ومطيرة في عراء صحراء النقب القاحلة بإطلاق صاروخ طويل المدى من فخر الصناعات الفلسطينية العسكرية إلى قلب الاحتلال شمال تل أبيب ، وذلك على الرغم مما قد يعنيه ذلك من دخول حرب عسكرية واسعة وباهظة التكاليف ضد قطاع غزة المحاصر والمكلوم ، حينها وحينها فقط أدرك نتانياهو أن قرارات أردان ضد الأسرى قد تهدد مستقبله السياسي قبيل انتخابات الكنيست .