1191432
1191432
مرايا

د. عامر العيسري: المواطنة تعبير عن سلـوك متفــــرد وراق وهو محصلـة عمليـات التربية المجتمعية

17 أبريل 2019
17 أبريل 2019

أكد على أهمية إعداد المواطن للمواطنـــــــة الواعية الفاعلة المسؤولة أخلاقيا -

أكد د. عامر بن محمد العيسري مدير دائرة التعليم قبل المدرسي في وزارة التربية والتعليم أن غرس حب الوطن في نفوس الأطفال وتعويدهم على الاعتزاز به، هدف يحتل الصدارة في المؤسسات التربوية والتعليمية من رياض ومدارس ومعاهد وكليات، تشاطرها في ذلك المؤسسات الرسمية المجتمعية من خلال وسائل الإعلام والتواصل وبخاصة في المناسبات الوطنية.

فالمواطنة تعبير عن سلوك متفرد وراق، هو محصلة عمليات التربية المجتمعية، فالحاجة ماسة للمدرسة في تحقيق مواطنة تبنى على التمسك بالقيم الأصيلة للمجتمع، وحق الانتماء للمواطن لتحقيق رفاهية الأفراد.

وقال: إن التربية من أجل المواطنة التي نريدها ينبغي ان تخاطب عقل المواطن لتمده بالمعارف اللازمة عن تاريخ بلاده وحضارته والمعلومات الضرورية عن حقوقه وواجباته، كما تخاطب أيضا وجدان المواطن لتشكل لديه منظومة أخلاق وقيم تنمي لديه الإحساس بالفخر والاعتزاز وتحفزه على الإخلاص والتضحية والعطاء، كما تتجه إلى حواسه لتنمي المهارات الكافية في المجالات العلمية والتقنية التي تجعله قادرا على التميز والإبداع من ناحية وقادرا على معرفة حضارته والدفاع عنها من ناحية أخرى، وتضطلع بمهمة تربية المواطنة الأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام وغيرها من مؤسسات المجتمع الفاعلة والمؤثرة في الأطفال.

أهمية التربية على المواطنة

وأوضح في ورقة العمل التي ألقاها في ندوة «أطفالنا وإعلام المستقبل» بعنوان «دور الإعلام في تنمية ثقافة المواطنة لدى الأطفال»، أن أهمية التربية على المواطنة تكمن في أنها:

- ترسخ الهوية الوطنية الإسلامية والحضارية بمختلف روافدها في وجدان المواطن، كما ترسخ حب الوطن والتمسك بمقدساته مع تعزيز الرغبة في خدمته.

- تقوي قيم التعاون والتكافل الاجتماعي والتطوع والتسامح وغيرها من القيم التي تشكل الدعامة الأساسية للنهوض بمطالب التنمية المستدامة، حيث تمكن الإنسان من التنمية الذاتية والانفتاح الموزون على العالم.

- تعيد التوازن بين ما هو محلي وما هو كوني وذلك للتخفيف من غلواء قيم العولمة وما ترتب عنها من انهيار للحدود بين الثقافات المحلية والعالمية، وما صاحب ذلك من آثار سلبية أحيانا، وذلك للمحافظة على الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية على نحو يضمن الانتماء الذاتي والحضاري للمواطن دون تصادم مع الأفكار الرائجة في محيطه، فالنشء في حاجة ماسة إلى أن يتعلموا في سن مبكرة جدا ماذا يعني ان يكونوا مواطنين وأن يتعلموا كيف يفكرون وكيف يبحثون وكيف ينتجون المعرفة ويسألون ويبتكرون.

- تأكيد الشعور بحق المواطنين في المساواة الاجتماعية والسياسية والفرص المتكافئة والحقوق والواجبات ، وتدريبهم على تطبيق القيم عمليا في مجتمعاتهم الخاصة والعامة.

- تنمية شعور كل مواطن بوطنه المحلي وكذلك بالوطن العربي وتكوين عاطفة الولاء للوطن.

- تنمية شعور ووعي المواطنين بالمشكلات والصعاب التي تواجه وطنهم وإحساسهم بمسؤولياتهم في مواجهتها والتماس الحلول الإيجابية لها متعاونين وشركاء في البذل والعطاء.

- تنمية القدرة على استخدام الأسلوب العلمي المنطقي في تثبيت المعاني الوطنية ومواجهة المشكلات وقضايا الوطن.

- معرفة النظام الحكومي في مستوياته المحلية ثم على المستوى المركزي وما فيه من هيئات ومنظمات مختلفة مع فهم وظيفة كل هيئة ومنظمة.

- تنمية القدرة على التفسير الصحيح للأحداث الجارية في الوطن وما تكتبه الصحف والمجلات أو تقدمه الإذاعة والتلفزيون عن الأحوال العالمية ونقد ما ينشر وما يذاع نقدا مبنيا على جمع الحقائق الكافية والتفكير السليم.

والغاية من توفير المزيد من الاهتمام والرعاية للتربية الوطنية هي تنمية قدرة الفرد على المشاركة الفاعلة في بناء مجتمعه ومؤسساته وتحمل المسؤولية وتعرف واجباته وحقوقه وتقدير إنسانية الإنسان وتكوين اتجاهاته الإيجابية نحو الآخرين وتمثل مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والانفتاح على الثقافات العالمية والمشاركة الإيجابية في الحضارة الإنسانية.

- إعداد المواطن للمواطنة الواعية الفاعلة المسؤولة أخلاقيا بمستوياتها المحلية والقومية والعالمية بما يدعم الانفتاح على الثقافات والإسهام في الحضارة الإنسانية، وما يستلزمه ذلك الإعداد من اكتساب للمبادئ والمعارف والمفاهيم، وتنمية للقيم والميول والاتجاهات، ودعم للمهارات والقدرات والسلوكيات التي تصب جميعها في اتجاه تحويل المواطن من حالة المواطنة بالتلقي والتوجيه إلى حالة المواطنة بالفعل والسلوك والمبادرة.

تأثير وسائل الإعلام

كما شرح د. عامر العيسري تأثير وسائل الإعلام على قيم المواطنة، قائلا: تقوم وسائل الإعلام بدور مهم وجوهري في المجتمع، حيث يحصل الفرد على المعلومات والآراء والمواقف من وسائل الإعلام وتساعده في تكوين مفاهيم واضحة للظواهر والأحداث.

وأيضا تقوم وسائل الإعلام بتقديم المواقف الرسمية وغير الرسمية عن كافة القضايا المعاشة من خلال توجيه المعلومات وفقا لسياساتها الإعلامية والأديولوجيات التي تحكمها .

لذا فإن دور وسائل الإعلام مهم في المجتمع لدرجة أن الحكومات خصصت أقساما ودوائر ووزارات لها استراتيجيات وخطط إعلامية محكمة، وتتولى تحيقي أهداف داخلية وخارجية عن طريق تلك الوسائل.

وتابع مضيفا: من أهم تلك الأهداف رفع المستوى الثقافي للأفراد وتطوير أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية داخليا، أما من جانب الأهداف الخارجية فتتمثل في تعريف العالم حضارة الشعوب ووجهات النظر للحكومات في المسائل والقضايا الدولية.

تقوم وسائل الإعلام بدور رئيس في نشر الثقافة وترسيخ قيم الولاء والمواطنة والانتماء، وتعتبر مقومات حضارية بحيث تكون المادة الإعلامية ملبية لحاجات المجتمع وتطلعاته وأهدافه ومنسجمة بشكل متميز بالصدق والأمانة، ومن أهم هذه الأدوار:

- ترسيخ القيم والعادات الإيجابية التي تسهم في تقدم المجتمع وتطوره.

- تزويد المجتمع بالمعلومات الصحيحة عن تاريخه وحضارته وانتمائه لوطنه.

- تأكيد أهمية قيم الولاء والوطنية والانتماء واحترام الآخر.

- من خلال الإعلانات والدعاية تبين أهمية الوطن وضرورة حمايته من العدوان.

- للإعلام دور كبير في تكوين الشخصية الوطنية من خلال نشر ثقافة المواطنة والدعوة إلى التمسك بالانتماء الوطني والقومي واحترام التعددية السياسية والاجتماعية والفكرية كعامل قوة لضمان وحدة المجتمع وتماسكه، وتشجيع ثقافة الحوار بين الأفراد والمجتمع، وبين كلا ما من شأنه حمايتهم وزيادة ولائهم وانتمائهم للوطن مثل عرض الأناشيد والأغاني الوطنية والبرامج الوثائقية المناسبة.

وأوضح د. عامر في ورقة العمل نظرية التأثير التراكمي طويل المدى، فقال: يرى هذا الاتجاه في تفسير علاقة وسائل الإعلام بالأفراد أن تأثير وسائل الإعلام على الناس كبارا وصغارا يحتاج إلى فترة طويلة حتى تظهر ثماره من خلال عملية تراكمية ممتدة زمنيا، وتقوم على تغيير المواقف والمعتقدات والتوجهات وليس على التغيير المباشر لسلوك الأفراد.

لأن الفرد يحتاج إلى زمن طويل حتى يتغير نمط تفكيره وأسلوب حياته وطريقة تعامله مع الأشياء الموجودة حوله، كما إن هذا التحول الذي يحدث للأفراد لا يتحقق إلا من خلال تعرضه لمصادر المعلومات غير التي نشأ عليها ليكتسب منها أسلوبه في الحياة وطريقته في التفكير وهو ما تحققه وسائل الإعلام كمصدر معلومات وتثقيف جديد يختلف في مضمونه بدرجات متفاوتة.

أداة تأثير

وأكد مدير دائرة التعليم قبل المدرسي إن الإعلام بكل مخرجاته ووسائله القديمة والجديدة هو أداة لها تأثيرها على المواطنة وقيمها، ويعتمد ذلك على قدرة النشطاء والفاعلين السياسيين والاجتماعيين داخل النظام على تفعيل الإمكانات المتاحة بطريقة تزيد من قدرة المواطن على الحصول على حقوق المواطنة وإدراك واجباتها، وبقدر اتساع استخدام هذه الوسائل تزيد آثارها.

وتستطيع وسائل الإعلام خلق مجتمع متجانس، وأكثر ترابطا، هذا الدور الذي يقوم به الإعلام، وتلك الحاجة يشكلان ركني الوظيفة الإعلامية في حمل الرسالة إلى المواطن، فإذا تمكن الإعلام من القيام برسالته في المجتمع يكون قد ساهم إلى حد كبير في توفير الاستقرار الاجتماعي الذي ينشده المواطنون كافة، وبالتالي يمكن القول بأن المواطنة مرتبطة إلى حد كبير بمقدرة المواطن على استيعاب معطياته ومتطلباته والمشاركة في توفيرها، هذه مؤهلات تنمو مع نمو الشخصية والحس الوطني وبالتالي المواطنة الحقيقية.

وأضاف: تعتبر وسائل الإعلام مجالاً ثريا لتزويد المجتمع بكم من المعارف والمدركات، وذلك من خلال البرامج التي تبث بشكل يومي، فهذه البرامج تعتبر بمثابة الموجهات لاستثارة قدرة المجتمع المعرفية، بل وتدعم لديه القدرة على التفاعل الاجتماعي وخلق المواطنة الصالحة.

وتستخدم وسائل الإعلام بصفة عامة للربط بين الأفراد بعضهم البعض، كما أن لها دوراً في اكتساب المعلومات والمعارف، وتشبع وسائل الإعلام بعض الاحتياجات الاجتماعية مثل الترابط القوي. بأفراد الأسرة والأصدقاء وأفراد المجتمع الآخرين. فهي الجسر الذي يكتسب به المجتمع بعض الفضائل المدنية والحوار العقلاني للمواطن الصالح في مجتمعنا.

أيضا تقوم وسائل الإعلام بوضع حملات إعلامية تبين فيها تكافل المجتمع وترابطه، ولا بد للإعلام من أن يجعل المواطن شريكا في تبليغ رسالته إلى العالم بكل لغاته، والاعتزاز بالأعمال التي تنم عن عادات هذا المجتمع الأصيل.

كما أن لوسائل الإعلام دورا سلبيا في تهديد نسيج المجتمع وترابط الوحدة الوطنية، وذلك إذا ما قام هذا الإعلام على نعرات قبلية أو حزبية أو طائفية، أو صنع دراما تشوه التاريخ الحقيقي للمجتمع، فتغيب مصلحة الوطن وتقل قيمة الولاء للوطن التي تعتبر أحد مرتكزات قيم المواطنة، وأيضا لا بد أن يعي الإعلام والقائمون عليه أن الجمهور الذي يتابعه ليس داخليا فقط، وإنما من جميع العالم ولأهداف مختلفة.

التوصيات

وقدم د. عامر بن محمد العيسري مدير دائرة التعليم قبل المدرسي في وزارة التربية والتعليم مجموعة من التوصيات في ختام ورقته، ومن بينها:

• ضرورة الاهتمام بوضع استراتيجية متكاملة لتفعيل وسائل الإعلام المختلفة في غرس قيم المواطنة لدى الأطفال.

• التعاون مع مختلف مؤسسات المجتمع والمنظمات الدولية في تحقيق رؤية إعلامية تسهم في تنمية المواطنة لدى الأطفال.

• التنويع في البرامج الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية المقدمة للأطفال حول الوطنية والمواطنة .

• تخصيص قنوات ومجلات ومواقع إعلامية إلكترونية ومواقع تواصل اجتماعي تخاطب الأطفال وتسعى لتكوين الشخصية الوطنية لديهم.

• الاستفادة من النظريات الإعلامية في تفعيل وتقييم جودة البرامج الإعلامية الموجهة للأطفال.

• العمل على حماية الأطفال من التثقيف الإعلامي السلبي الناتج من استخدام وسائل الإعلام الجديد من خلال التوعية و توفير البدائل المناسبة.