tonis
tonis
أعمدة

تواصل : مسرح الجريمة فارغ !

16 أبريل 2019
16 أبريل 2019

تونس المحروقية -

hlaa202020 @ -

مشهد أول :

يذهب في رحلة برية مع أسرته لمنطقة سياحية معروفة ، يقررون أن يتناولوا وجبة الغداء مشوية كما اعتادوا في كل رحلاتهم ، يفرشون حصيراً ، ثم يتعاونون في إعداد عدة الشواء ليبدأون الطبخ بعدها ثم عندما يجهز الطعام يتناولونه باستمتاع تزيده المناظر الطبيعية المحيطة، ليقول هو بعدها لأبنائه : نظفوا الحصير من مخلفات الطعام وضعوا الأكياس وكل ما لا تحتاجونه تحت تلك الشجرة القريبة كي عندما يأتي عمال النظافة غداً صباحاً لينظفوا ، يجدون المخلفات بسهولة ، يسأله أحد أطفاله : ألن نرميها في سلة المهملات ؟ يرد بغضب: لا يوجد سلة قريبة وأنا لن أحملها في سيارتي حتى لا تتسخ من بقايا الطعام ، يقول ذلك ثم يصور صورة مع أسرته بالقرب من المكان السياحي وينشرها في حسابه في انستجرام مع عبارة : الوطنية هي أن تقضي إجازتك في بلدك متنعماً بجمالها الخلاب الذي لن تجده مهما سافرت ورأيت !!

مشهد ثانٍ :

تقرأ عن المخاطر البيئية التي تسببها المواد البلاستيكية ، تعرف أن تلك المواد تحتاج زمنا طويلاً ربما أطول بكثير جداً من عمر الإنسان كي تتحلل،وأنه لا يوجد شركات محلية تقوم بتدويرها وذلك بإعادة استخدام تلك المواد ، لذا تبدأ في التخفف من احتياجها وبالتالي شرائها لتلك المواد ، تنفذ ذلك في إطار أسرتها وتنصح بعض المتابعين لحسابها في تويتر كي يفعلوا ذلك ، تنشر صور السلاحف التي اختنقت من الأعواد البلاستيكية التي علقت في فمها ، والأسماك التي نفقت والطيور التي ماتت جراء تناولها مواد بلاستيكية عالقة بطعامها وصورها التي تبعث على الحزن وكل ذلك بسبب رمي مخلفات البلاستيك في البحار ، تنشغل بالتوعية في هذا الجانب وكأنه لا هم لديها غيره تتندر عليها صديقاتها ويطلقن عليها فتاة السلاحف ثم لا يغيرن في استخدامهن للمواد البلاستيكية شيئاً !

مشهد ثالث :

مطالبات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في كل مرة ينشط فيها وسم عن البيئة والممارسات السيئة المرتكبة بحقها في سن قوانين رادعة توقف أولئك الذين لا يحافظون على البيئة عند حدهم ، فبحسب هؤلاء المستخدمين التوعية وحدها لم تعد كافية ، والحل مع تلك الممارسات الخاطئة هو التشريعات القانونية التي تجرمها وبالتالي لا يصبح هناك من يسيء للبيئة وإن كان يفعل ذلك خلافاً لما يريد ، لكن من قد يهتم بذلك !!

واحدة من المزايا التي منحتها وسائل التواصل الاجتماعي للمؤسسات التي تملك حسابات فيها إمكانية التعامل معها كمنصة للتوعية بالقضايا التي تصب في القطاع الذي تعمل فيها المؤسسة وترغب في لفت أنظار جمهورها إليها سواءً كان ذلك بالاكتفاء بتعريفهم بها أو حتى دفعهم لاتخاذ موقف محدد تجاهها أو تغيير سلوكهم بناءً على ما يتعرفون عليه من معلومات جديدة يضيفها ذلك الوعي الجديد الذي تشكل من حملات التوعية عبر تلك المنصات، وفي السلطنة هناك العديد من المؤسسات التي استطاعت توظيف حساباتها لتقديم مثل ذلك النوع من التوعيات والتي ربما آخرها ما حاولت الشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة التي تعرف اختصاراً بـ (بيئة) المؤسسة المسؤولة عن إدارة النفايات الصلبة في السلطنة في القيام به عبر وسم #مطلوب-للعدالة والذي بدأت من خلاله التوعية كما قد يبدو للمتابع بلفت الانتباه بفيديو صادم يعتبر الصحراء مجنيّا عليها والجناية هو تلويثها بالقمامة وتصور مسرح الجريمة مليء القمامة ثم يكتب في آخر الفيديو الجاني مازال طليقاً ، لتنشئ بعدها وسم #مطلوب- للعدالة وتطلب من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التعهد عبر تغريدة يتم إعادة نشرها في حساب كل من يرغب بالتعهد تنص على : «أضم صوتي للجميع بأن تفعيل القوانين المتعلقة بالبيئة هي الطريقة الأنسب للحد من المجرمين البيئيين، هل تتفق معي؟ #مطلوب-للعدالة» وكأنها بذلك تستشير المجتمع في ما إذا كان يرغب في تفعيل التشريعات القانونية التي تعاقب منتهكي الحياة البرية والفطرية للبيئة ، كما قامت بيئة بالاستفادة من الوسم في عرض العديد من الصور التي يرافقها نصوص توضح حجم الضرر الذي يلحق بالبيئة من الممارسات الخاطئة ومن استهلاك البشر للعديد من المواد غير القابلة للتحلل بشكل سريع ، وقد لقي الوسم تفاعلاً من قبل مستخدمي تويتر في السلطنة ليتصدر الوسوم الأكثر تداولاً في أحد أيام هذا الأسبوع ، كما قامت وزارة البيئة والشؤون المناخية بتفعيل وسم #معاً-لتقليل- البلاستيك مستفيدة من فعاليتها المتمثلة في تدشين مسابقة أفضل مبادرة بيئية للتقليل من التلوث البلاستيكي أمس الثلاثاء وحتى كتابة هذا المقال كان هناك تفاعل جيد مع الوسم. أجمع الكثير من المشاركين في وسم #مطلوب- للعدالة ووسم #معاً-لتقليل-البلاستيك في أن تفعيل القوانين هو الأجدى من انتظار أن تسفر التوعية المتواصلة والمتراكمة عن إحداث وعي دائم لدى البشر وربما مبررهم في ذلك عدم الرغبة في الوصول إلى مسرح الجريمة لنجده مليء بدلالات الجريمة وفارغ من المهتمين ، والقضية للحفظ، ووحدنا من يقترف الممارسات الخاطئة ولا نعترف !!