عمان اليوم

ندوة «مكافحة الاتجار بالبشر» توصي بإنشاء صندوق لتعزيز الدعم المقدم لضحايا الجريمة ومراجعة التشريعات الدولية حوله

02 أبريل 2019
02 أبريل 2019

عقدت ضمن خطة العمل الوطنية المعتمدة ولتطوير جهود السلطنة في المكافحة -

كتب - عامر بن عبدالله الأنصاري -

دعت ندوة مكافحة الاتجار بالبشر «المفهوم والممارسة» التي نظمتها اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر واختتمت أعمالها أمس الى تعزيز الدعم المقدم لضحايا الاتجار بالبشر عن طريق إنشاء صندوق للدعم يُعنى بذلك، ومراجعة التشريعات والقوانين الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر بما يتواءم مع المستجدات الحالية، وفصل فئة ضحايا الاتجار بالبشر عن بقية الفئات في دار الوفاق التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية حرصا على خصوصية الحالات ومراعاتها. كما أوصت الندوة بمواصلة الجهود لإنشاء واستكمال وحدات متخصصة في مكافحة الاتجار بالبشر لدى جهات إنفاذ القانون وتعزيز قدرات العاملين بها، وتعزيز البرامج التثقيفية الهادفة لتوعية جميع شرائح المجتمع إزاء قضايا الاتجار بالبشر، وتشكيل فريق عمل من الجهات المعنية لمتابعة توصيات الندوة وآليات تنفيذها.

التدخل السريع

وفي تصريح لـ «$» قال السيد عمار بن عبدالله البوسعيدي سكرتير أول بوزارة الخارجية ومسؤول ملف مكافحة الاتجار بالبشر بالوزارة ان : «اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر مستعدة دائما للتعاون مع كافة الجهات التي تحتاج إلى التوعية والتثقيف بهذا الجانب، من خلال المشاركة في المؤتمرات والندوات المتعلقة بجريمة الاتجار بالبشر بكافة صورها الحديثة، وكل من لديه الرغبة في التواصل معنا فإننا نرحب به ونقدم له كل المشورة والمساعدة، وذلك عن طريق التواصل مع مكتب أمين عام وزارة الخارجية والتقدم برسالة».

وتابع: «يجب التوضيح أن هذه الجهود والندوات تأتي ضمن خطة العمل الوطنية المعتمدة لفترة 2018 إلى 2022 لتطوير جهود السلطنة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، كما تم في هذا العام إنشاء فريق للتدخل السريع برئاسة الادعاء العام وعدة جهات مختصة منها الخارجية ووزارة التنمية الاجتماعية وشرطة عمان السلطانية والقوى العاملة، وهناك رقم ساخن للتواصل والإبلاغ عن الحالات المشتبه بها على الرقم 80077444».

وتضمنت الندوة طرح عدد من أوراق العمل من بينها ورقة حول دور شرطة عمان السلطانية في التعامل مع جرائم الاتجار بالبشر، قدمها النقيب محمد بن سعيد الكلباني أوضح فيها أن الإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية بشرطة عمان السلطانية هي الجهة المرجعية والمسؤولة عن الوضع الجرمي على مستوى السلطنة، وذلك من خلال ترجمة السياسة الجنائية للقيادة العامة للشرطة إلى واقع علمي وعملي متمثل في وضع استراتيجية وخطط تنفيذية لتطوير مستويات الأداء لأعمال البحث والتحري وتقديم الدعم الفني واللوجستي لقيادات الشرطة بالمحافظات.

كما تطرق النقيب إلى مرتكب جريمة الإتجار بالبشر وفقاً للقانون، وهو كل من قام باستخدام شخص أو نقله أو إيوائه أو استقباله عن طريقة الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ، واستغلال حالة استضعاف الشخص أو باستعمال سلطة ما على ذلك الشخص أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، وكذلك استخدام حدث أو نقله أو إيوائه أو استعباده ولو لم تستخدم الوسائل المنصوص عليها.

وتحدث الكلباني عن دور الشرطة حيث أولت هذا الجانب اهتماماً بالغاً انطلاقاً من الدور المنوط بها في الحد من ارتكاب الجرائم والوقاية منها وضبط المتهمين، حيث قامت بإعداد مطويات بمختلف اللغات تحتوي على نبذة مختصرة عن قانون مكافحة الإتجار بالبشر، إضافة الى آلية الإبلاغ حال تعرضها إلى أية انتهاكات، وقد تم توزيع تلك المطويات على المنافذ الجوية كمطار مسقط الدولي ، مطار صلالة والإدارة العامة للجوازات والإقامة ووزارة القوى العاملة ومكاتب استقدام القوى العاملة.

كما أشار إلى أن شرطة عمان السلطانية تبذل أيضاً جهوداً بشأن فرض ضوابط لمنح التأشيرات السياحية لجنسيات بعض الدول الآسيوية بغرض محاربة الإتجار بالجنس ، حيث قامت الإدارة العامة للجوازات والإقامة باعتبارها معنية بتنظيم ومراقبة دخول الأشخاص للسلطنة ومن منطلق حماية المجتمع من الأشخاص الذين قد يشكل دخولهم إلى السلطنة تأثيراً سلبياً على النواحي الاجتماعية والصحية ، فقد تم اقتصار منح التأشيرات السياحية للنساء من جنسيات تلك الدول شريطة أن يكون لديها حجز فندقي مسبق وتذكرة سفر عودة ومبلغ مالي يغطي تكاليف الإقامة إضافة إلى فرض فترة زمنية بين كل تأشيرة سياحية.

أدلة الاثبات

كما قدم ناصر بن عبدالله الريامي مساعد المدعي العام ورقة بعنوان «أدلة الإثبات في جرائم الاتجار بالبشر»، تطرق فيها إلى أنواع الاتجار بالبشر، وهي ستة أنواع بداية بالاستخدام غير المشروع للشخص ويشمل الدعارة أو أي إشكال الاستغلال الجنسي، والسخرة، أو العمل القسري، والاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، والاستبعاد، والنزع غير المشروع للأعضاء.

كما أشار إلى أن هناك دلائل تجر الباحثين في الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر إلى طرح العديد من الأسئلة، وهي مفاتيح قد تدل على وقوع الجريمة على الضحية، منها كيفية دخول الضحية إلى البلد، وهل دفع نقوداً للشخص الذي استقطبه، وهل استخرج وثيقة السفر وكذا التذكرة بنفسه، وهل تحمل ديناً لغرض الدخول إلى البلد، وهل سافر منفرداً، أم معه مرافقين، أو ضحايا آخرين، وما هي الوعود التي تلقاها، وهل وجد شيئًا منها، وهل وقع عقداً للعمل، ومن الذي استقبله في المطار، وكذلك التساؤل عن ظروف المسكن الذي وضع فيه الضحية؟

كما قام الريامي بطرح العديد من أشكال القضايا للتدريب والمناقشة.

العمل الجبري

فيما قدم عدنان بن يحيى الراشدي ممثل الاتحاد العام لعمال السلطنة ورقة بعنوان «العمل الجبري شكل من أشكال الاتجار بالبشر»، بدأها معرفا بالعمل الجبري وفق التشريعات، فقد نصت المادة 12 من النظام الأساسي للدولة «لكل مواطن الحق في ممارسة العمل الذي يختاره بنفسه في حدود القانون، ولا يجوز فرض أي عمل إجباري على أحد إلا بمقتضى القانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل أجر عادل». كما أشار إلى اتفاقية العمل الدولية رقم 29 لسنة 1930، حيث عرفت الاتفاقية العمل الجبري بأنه كل أعمال أو خدمات تغتصب من أي شخص تحت التهديد بأية عقوبة ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره. وتطرق إلى عدد من الصور التي يجبر فيها صاحب العمل عامله على العمل الجبري، مثل التهديد، وعدم دفع الأجور، استخدام العنف، عدم نقل الكفالة، مصادرة الوثائق، التهديد بالفصل، الفصل التعسفي، وغيرها من الصور.

الشفافية

أما دونلد بوشنر من اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، فقد كان آخر المتحدثين في الندوة، مشيرا إلى عدة أمور، منها أن مواطني بعض الدول لا يثقون في حكومة بلدانهم والشرطة فيها، ما يعكس خوفهم من الشرطة المحلية لما في اعتقادهم أن التعامل سيكون شبيها، ما يحدو ببعض الضحايا إلى الخوف من الإبلاغ أو الاستعانة في الشرطة.

كما تطرق في حديثه إلى تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول مؤشر الاتجار بالبشر بالسلطنة، مؤكدا ضرورة أن تتعامل الجهات الحكومية معنا في شفافية، لأن السفارة الأمريكية في كثير من القضايا تتوجه إلينا بالأسئلة وعدد من قصاصات الصحف الخارجية التي تتحدث عن السلطنة، لذلك يجب أن تتفاعل الجهات معنا لنقل الحقيقة بصورة شفافة، وبدورنا ننقل تلك الحقائق إلى السفارة الأمريكية، والتي بدورها قد لا تكتفي بردود الوزارات السطحية، وذلك قد ينعكس على التقرير.

وضرب مثلا حول الموضوع ما ورد على أن العمانيين يجلبون النساء من تنزانيا للعمل كخادمات في المنازل، حسبما ورد في تقرير «هيومان رايس ووتش»، لذلك يجب على الجهات المعنية التعامل بشفافية. وقال أوصي بشدة أنه يجب إعداد وثيقة لتوثيق جهود التنمية الاجتماعية، وشرطة عمان السلطانية، وغيرها من الجهات المعنية، وتقديم تلك الوثيقة لمن يسأل عنها.

وقال: «ما يعكس أن عمان جادة في التعامل بحزم مع قضايا الاتجار بالبشر صعودها إلى الدرجة الثانية في تقرير الخارجية الأمريكية».

وفي ختام الندوة قامت سعادة نعمة البوسعيدية عضو مجلس الشورى وعضو في اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بتكريم المتحدثين في الندوة وتوزيع الشهادات على المشاركين.