صحافة

مظاهرات عارمة

25 مارس 2019
25 مارس 2019

ما زالت الفوضى تسيطر على المشهد السياسي البريطاني بسبب قضية البريكست التي شغلت السياسيين والشارع البريطاني لثلاث سنوات تقريبا، حيث الغموض يكتنف كيفية وتوقيت الخروج من الاتحاد الأوروبي، وما إذا كان سيتم الخروج أم لا، وهو ما تسبب في انقسام كبير بين الشعب والسياسيين، وبين السياسيين انفسهم، فمنهم المؤيد ومنهم المعارض.

ومن أول مظاهر هذه الفوضى السياسية ما شاهدته العاصمة لندن من تظاهرة عارمة خرج فيها مئات الآلاف من البريطانيين الذين جاءوا من أماكن ومدن متفرقة في بريطانيا السبت الماضي للمطالبة باستفتاء جديد يمنح الشعب الكلمة الأخيرة في هذه القضية الشائكة.

صحيفة «ديلي ميل» وصحف بريطانية أخرى القت الضوء على تلك التظاهرة التي دعت إليها حركة «تصويت الشعب People’s Vote»، والتي اخترق عدد المتظاهرون فيها حاجز المليون متظاهر بحسب ما نقلت الصحيفة عن منظمو المظاهرة. وتعد هذه التظاهرة الأكبر منذ عام 2003 عندما احتج ما يقدر بمليون شخص على حرب العراق. وكانت مظاهرة مماثلة جرت في أكتوبر الماضي جمعت حوالي 700 ألف متظاهر.

وسار المتظاهرون تحت شعار «اتركوا الأمر في أيدي الشعب» الى ان وصلوا الى الساحة المقابلة لمقر البرلمان رافعين لافتات تقول: «أفضل اتفاق هو عدم الخروج»، و«نحن نطالب بتصويت للشعب»، و«الخروج من الاتحاد الأوروبي لن ينجح»، و«أحب الاتحاد الأوروبي».

وذكرت صحيفة «الاندبندانت» أن من بين المتحدثين في المظاهرة، الوزيرة الأولى الاسكتلندية نيكولا ستورجيون، وعمدة لندن صادق خان، ونائب زعيم حزب العمال المعارض توم واتسون، والوزير المحافظ السابق جوستين جريننج، والمدعي العام السابق دومينيك جريف واخرين.

صحيفة «صانداي اكسبريس» نشرت تقريرا بعنوان «تظاهرات البريطانيين تقود الى انتخابات كارثية»، أوضحت فيه أن رئاسة الوزراء في 10 داوننج ستريت، تخشى من أن تضطر الى الدعوة لانتخابات عامة «مثيرة للانقسام».

ومن مظاهر الفوضى السياسية أيضا ما أشارت إليه التقارير الصحفية من أن عريضة إلكترونية تطلب من الحكومة البريطانية التخلي عن «بريكست»، حصدت تأييدا واسعا وعددا كبيرا من التوقيعات، وصل حتى كتابة هذا التقرير الى اكثر من أربعة ملايين توقيع خلال بضعة أيام. ولوحظ ازدياد عدد الموقعين على تلك العريضة الإلكترونية بعد بيان رئيسة الوزراء تريزا ماي، الذي انحت فيه باللائمة على نواب البرلمان واتهامهم بافشال البريكست.

وبسبب الضغط الكبير والمتواصل من الراغبين في التوقيع على العريضة، واجه الموقع الإلكتروني للبرلمان البريطاني، الذي تنشر عليه العريضة، مصاعب تقنية. ونقلت الصحيفة النص المرافق للتوقيع على العريضة ، والذي جاء فيه: أن «الحكومة تؤكد بصورة متكررة أن مغادرة الاتحاد الأوروبي هي إرادة الشعب .. وعلينا وضع حد لهذا الادعاء عبر إثبات قوة الدعم العام حاليا للبقاء في الاتحاد الأوروبي». وذكر النص أيضا أن «استفتاء ثانيا يمكن ألا ينظم أبدا، إذن صوّتوا الآن».

ولعل اكبر مظهر من مظاهر الفوضى السياسية الحالية هو التآمر ضد رئيسة الوزراء من داخل حزبها لإسقاطها. حيث تشير التقارير الإخبارية انه يبدو أن النهاية باتت وشيكة بالنسبة لبقاء تريزا ماي في السلطة كرئيسة للوزراء وزعيمة لحزب المحافظين الحاكم، فهناك 11 وزيرا في حكومتها يعملون على إزاحتها من منصبها وتعيين رئيس مؤقت للحكومة مكانها.

صحيفة «صانداي تايمز» كشفت في تقرير كتبه المحرر السياسي تيم شابمان عن ان ماي تواجه مؤامرة وزارية مكتملة الأركان للإطاحة بها، مؤكدة أن ما لا يقل عن 11 وزيرا يرغبون في استقالتها، ويخططون للطلب منها التنحي طوعا في اجتماع حكومي يعقد مطلع الأسبوع. كما يهدد المتآمرون عليها بتقديم استقالات جماعية من مناصبهم الوزارية. ونقلت الصحيفة ن احد الوزراء لم تكشف عنه هويته قوله «النهاية أصبحت وشيكة، ستذهب خلال 10 أيام».

وقالت الصحيفة أن ديفيد ليدينغتون، نائب ماي الفعلي هو أحد المرشحين لأن يصبح رئيس وزراء مؤقتا، ولكن آخرين يضغطون لتولي وزير البيئة مايكل غوف او وزير الخارجية جيريمي هنت هذا المنصب. غير ان مكتب رئيسة الوزراء رفض التعليق على تقرير «صانداي تايمز» الذي يؤكد أنه تتم حاليا في الحكومة البريطانية مناقشة الجدول الزمني لاستقالة رئيسة الوزراء من منصبها.

وفي العنوان الرئيسي لصحيفة «ميل اون صانداي» ذكرت انه قيل لتريزا ماي ان عليها ان تغادر. كما أشارت الصحيفة الى ان وزير البيئة مايكل غوف، مفضل لتولي القيادة مكانها. ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى في مقر رئاسة الوزراء قوله إنه حتى اقرب الناس اليها، وهو جوليان سميث، مسؤول الانضباط في حزب المحافظين، أبلغ ماي أن بعض مؤيدي الخروج من بين أعضاء حزب المحافظين سيصوتون لصالح خطتها للخروج إذا كانوا متأكدين من أنها لن تبقى لتقود الحزب في جولة جديدة من التفاوض مع الاتحاد الأوروبي.

وفي صحيفة الفاينانشال تايمز نطالع تقريرا لجورج باركر وهنري مانس بعنوان «مؤيدو الخروج سيدعمون خطة رئيسة الوزراء إذا وافقت على الاستقالة»، أوضحت فيه ان كبار زملاء ماي أبلغوها أن عليها أن تضع جدولا زمنيا للاستقالة إذا كانت تأمل في إقناع أعضاء البرلمان من حزب المحافظين المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي بخطتها.