1163492
1163492
العرب والعالم

نيوزيلندا تكرّم ضحايا الاعتداء على المسجدين

17 مارس 2019
17 مارس 2019

الحكومة تطلع على تقارير الاستخبارات اليوم -

كرايست تشيرش (نيوزيلندا)-(أ ف ب): أحيت نيوزيلندا أمس ذكرى ضحايا المجزرة التي وقعت في مسجدين في بلدة كرايست تشيرش، فيما تتضح تدريجيا وقائع الاعتداء ملقية الضوء على تفاصيل أليمة وأعمال بطولية رافقت عملية إطلاق النار.

ومنذ الصباح الباكر تقاطر سكان كرايست تشيرش نحو مقري المسجدين لوضع الزهور تكريما للضحايا الخمسين.

وكتبت على لافتة كبيرة قرب أحد المسجدين وسط باقات الزهور المجمعة «نحن متضامنون مع إخواتنا وإخواننا المسلمين».

وشهدت كافة مناطق نيوزلندا موجة تضامن عابرة للطوائف، فجمعت ملايين الدولارات لمساعدة الجرحى وعائلات الضحايا.

وألقى القس لورانس كمبرلي عظة الأحد في كاتدرائية كرايست تشيرش الانغليكانية قال فيها: «بعد الهزات الأرضية تعلمنا خلال الأوقات العصيبة أنه ليس هناك أفضل من التضامن. آن الأوان لنقوم بذلك مجددًا ونحن اليوم متضامنون مع المسلمين».

وفي الوقت الذي بدأ تسليم رفات بعض الضحايا إلى الأسر، كشفت قائمة غير كاملة بالضحايا أن أعمارهم تراوح بين ثلاث سنوات و77 سنة وأن أربع نساء على الأقل في عداد القتلى. وقالت ديبورا مارشال التي تتسلم التحقيقات «نقوم بأخذ صور مقطعية لكل الضحايا، ونأخذ بصماتهم، كما جمعنا مقتنياتهم الشخصية».

وأعلنت رئيسة الحكومة النيوزيلندية جاسيندا أرديرن أمس «يمكنني أن أؤكد أننا سنبدأ بتسليم جثث الضحايا إلى الأسر اعتبارًا من مساء الأحد موضحة أن جميع الجثث ستسلم بحلول الأربعاء المقبل. وظهرت مرتين أمام الإعلام أمس مرتدية حجابًا أسود.

وأوضحت أن من بين الضحايا أربعة مصريين وسعوديا وإندونيسيا وأربعة أردنيين وستة باكستانيين وخمسة هنود.

وتعقد الحكومة النيوزيلندية اجتماعًا اليوم للاطلاع على تقارير أجهزة الاستخبارات بشأن كيفية تمكن أسترالي معروف بميوله الفاشية من الحصول على هذه الترسانة من السلاح من دون لفت النظر. ودعت الشرطة سكان نيوزيلندا إلى العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.

إلا أن حالة القلق تبقى قائمة خصوصا بعد إقفال مطار دنيدن في نيوزيلندا إثر العثور على طرد مشبوه. وبعد 48 ساعة على وقوع المجزرة توضحت وقائع الاعتداء الدامي مع تعدد شهادات الناجين التي كشفت أيضا عن أعمال بطولية قام بها عدد من المصلين أتاحت إنقاذ الكثيرين. أحد الناجين عبدالعزيز الأسترالي من أصل أفغاني الذي كان في مسجد لينوود مع أولاده الأربعة، عندما توجه نحو مطلق النار محاولا إيقافه. ونشر موقع «ستاف.كو.إن زي» الإخباري شهادة عبدالعزيز (48 عامًا) الذي وصف بـ«البطل» بعدما جازف بحياته لطرد القاتل.

وروى أنه عند سماع إطلاق نار، هرع إلى خارج مسجد لينوود، وقام بمطاردة مطلق النار الذي كان يتوجه إلى سيارته لجلب قطعة سلاح جديدة.

وبعد أن تسلل بين سيارات مركونة تمكن من السيطرة على قطعة سلاح كان المهاجم قد تركها لنفاد الذخيرة منها، «فرماها كالسهم على سيارته محطما زجاجها»، مضيفا «هذا ما أخافه» فغادر المكان. وهذا الأمر قد يكون ساهم في تجنب سقوط عدد أكبر من الضحايا لأن الشرطة أوقفت القاتل بعد ذلك بفترة قصيرة.

أما فريد أحمد ففقد زوجته حسنة (44 عامًا) التي قتلت بينما كانت تحاول إنقاذ أكبر عدد ممكن من المصلين خاصة من النساء والأطفال. وردا على سؤال لوكالة عما إذا كان يسامح مرتكب المجزرة الأسترالي الذي يؤمن بتفوق العرق الأبيض، قال فريد أحمد: «بالطبع. أفضل شيء هو المسامحة والحب والحنان». وتابع: سأقول له إنني أحبه كشخص، وإن لديه طاقة لكي يكون شخصًا صالحًا وقادرًا على إنقاذ الناس بدلا من القضاء عليهم». وقال أيضا: «أصلي له ولا أحمل تجاهه أي ضغينة».

ومنفذ المجزرة متطرف أسترالي اسمه برينتون تارنت، شكل بيده شارة العنصريين لدى مثوله السبت أمام محكمة وجهت إليه تهمة القتل. ومدرّب اللياقة البدنيّة السابق البالغ من العمر 28 عامًا والذي جاهر بكونه فاشيا، قال إنه حضَّر طوال عامين لهذه المجزرة في «بيان» عنصري من 74 صفحة على تويتر بعنوان «الاستبدال الكبير». وكشفت رئيسة الوزراء النيوزيلندية أمس أن مكتبها تلقى البيان قبل تسع دقائق من بدء المجزرة في كبرى مدن الجنوب.

وأضافت: إن الوثيقة «لم تتضمن اسم مكان أو أي تفاصيل»، موضحة أنها أبلغت أجهزة الأمن بالأمر بعد أقل من دقيقتين من تلقيها. وأعلنت السلطات أن 34 جريحا لا يزالون في المستشفيات.

ومن بين الجرحى ألين الساطي (4 سنوات) التي أصيبت بجروح بالغة. وكانت الطفلة مع والدها الحلاق الأردني وسيم الساطي في مسجد النور عندما أصيبت بثلاث رصاصات على الأقل. وكان وسيم الساطي قد هاجر إلى نيوزيلندا عام 2014.

وقال في مقطع فيديو نشر على فيسبوك صور على سريره في المستشفى قبل أن يخضع لعملية جراحية «أرجوكم صلوا لأجل ابنتي ولأجلي».

كما قتل داود نبي، الأفغاني البالغ من العمر 71 عامًا، وهو يحاول إنقاذ مصلين في مسجد النور بوسط مدينة كرايست تشيرش. وكان قد فر من بلاده في السبعينات ويقيم منذ أكثر من أربعين عامًا في نيوزيلندا التي يصفها بأنها «قطعة من الجنة»، وفق ما قال ابنه عمر.

وقال عمر لموقع «ستاف.كو.إن زي» الإخباري «علمت من والد أفضل أصدقائي بأنه سارع لإنقاذ أحد الأشخاص فقضى بدوره».

وأثارت المأساة صدمة كبرى في نيوزيلندا، البلد البالغ عدد سكانه خمسة ملايين والذي يشكل المسلمون 1% منهم، والمعروف بهناء العيش فيه وبمستوى الإجرام المتدني وبتقاليد الحفاوة بين سكانه.

وسيبقى المهاجم موقوفًا حتى جلسة المحاكمة المقبلة المحددة في 5 أبريل المقبل.

وقبل تنفيذ الاعتداء، نشر الرجل الذي يعرف عن نفسه بأنه رجل أبيض من الطبقة العمالية ومن ذوي الدخل المتدني، «بيانًا» عنصريًا من 74 صفحة على تويتر بعنوان «الاستبدال الكبير»، في إشارة إلى إحدى نظريات المؤامرة المنتشرة في أوساط اليمين المتطرف، تقول إن «الشعوب الأوروبية» سوف «تستبدل» بشعوب غير أوروبية من المهاجرين.

ويعرض البيان سنتين من التطرف والتحضير ويقول الأسترالي فيه: إن العاملين الحاسمين في تطرفه كانا هزيمة زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية عام 2017 ومقتل الفتاة إيبا أكرلوند (11 عامًا) في الاعتداء صدما بشاحنة في ستوكهولم عام 2017. وقال إنه قرّر تنفيذ الاعتداء في نيوزيلندا لكي يُبيّن أنّ «ما من منطقة في العالم بمنأى. الغزاة منتشرون على أراضينا، لا مكان آمنًا، حتّى أكثر الأماكن النائية». وأشاد أيضا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وبث المهاجم مباشرةً على الإنترنت مقاطع من الاعتداء، ظهر فيها يتنقّل داخل المسجد ويُطلق النار عشوائيًّا على المصلّين ولا يتردّد في العودة للإجهاز على من بقي حيًّا.