oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

سـوريا فـي مرحـلـة جــديدة

17 مارس 2019
17 مارس 2019

يوافق منتصف مارس مرور ثماني سنوات على الأزمة السورية والحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من 370 ألفا، بينهم ما يزيد عن 112 ألف مدني، وفق حصيلة نقلها المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الجمعة الماضي، وهو رقم كبير على أية حال، وخلال هذه السنوات فقدت سوريا الكثير من حلم المستقبل، وبالإضافة إلى الموتى فقد كانت ثمة هجرة كبيرة إلى أوروبا عبر البحار التي أيضا مات فيها غرقًا الكثيرون وهم يبحثون عن حياة أخرى.

ولعل الأطفال والنساء كانوا هم الشريحة الأكثر تضررًا في هذه المأساة، فقد أدت الحرب إلى قتل أكثر من 21 ألفا من الأطفال و13 ألفا من النساء، وهي أرقام كبيرة في مجتمع ليس كبيرًا من حيث عدد السكان يحتاج لكل فرد من أفراده، ومقابل ذلك الخراب الروحي والنفسي يأتي الدمار المادي، ويبقى الأمل الآن في أن تتجاوز سوريا اللحظة الراهنة بكل ألمها إلى الغد الأفضل بتعاون بين أبنائها ونظرتهم إلى مستقبل بلادهم.

وفي هذا الإطار والحديث عن إعمار سوريا ودعم المستقبل، تأتي أهمية مؤتمر «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الذي انعقد في بروكسل نهاية الأسبوع، بمشاركة السلطنة، حيث جاء في إطاره أيضا بحث دعم الجهود الدولية المبذولة لإيجاد تسوية سلمية للأزمة في سوريا، وهو مسار متصل تؤكد كافة المعطيات الآنية أنه لا سبيل سواه، مع الوضع في الاعتبار التطورات الإيجابية التي حصلت أخيرًا من حصر داعش في مربعه الأخير ونهاية المعركة ضده، وهو ما يطوي مرحلة من مراحل التوحش والقلق الكبير الذي يحاصر الناس جراء الإرهاب الذي يمارسه التنظيم باتجاه الأبرياء وكونه عطّل منظومات الحياة والإنتاج وكل شيء تقريبًا.

إن الحديث عن المستقبل السوري، أو المرحلة الجديدة من تاريخ سوريا يتطلب النظر إلى الكثير من الأمور بشكل كلي وتكاملي بحيث توضع الجوانب الإنسانية والمادية كلها في إطار واحد في سبيل دعم الحياة الأفضل للمواطن السوري، والعمل على إعادة البلاد إلى سابق عهدها وعودة اللاجئين السوريين سواء في النزوح الداخلي أو دول الجوار أو في مناطق بعيدة في أوروبا، لبناء سوريا وتجاوز ألم السنين الماضية والفقد الجلل الذي حصل فيها.

ولعل الإعلان من قبل الأمم المتحدة عن تعهدات بقيمة سبعة مليارات دولار في مؤتمر بروكسل، يعتبر خطوة إيجابية، وإذا ما تم توفير هذا المبلغ فعليًا فإن ذلك سوف يعمل على إحداث نقلة نحو الطريق المستقبلي لإعادة بناء سوريا وبثّ الروح في الكثير من مؤسساتها من جديد لاسيما التعليم والصحة والمصالح التي تعطلت في العديد من المناطق المتناثرة في الأرض السورية، كذلك المباني الحكومية والسكنية وغيرها من طرق وجسور وبنيات أساسية.

وإذا كان مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي، الذي زار سوريا مؤخرًا قد عبّر عن مجمل الصورة بقوله بأن السوريين عاشوا رعبًا «يفوق التصور تقريبًا»، فإن الأمل بمسح هذا الرعب وبناء حياة جديدة؛ بتوفير - على الأقل؛ في الوقت الحاضر إمدادات الطعام والمياه والدواء والأولويات الإنسانية.