oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

رد الاعتبار للقيم الإنسانية في المدينة العربية

13 مارس 2019
13 مارس 2019

يوافق يوم غد الجمعة الخامس عشر من مارس الاحتفال بيوم المدينة العربية، وهي ذكرى سنوية تشير إلى تأسيس منظمة المدن العربية في عام 1967 والتي تكمل هذه السنة 52 عامًا، ويأخذ الاحتفال من كل سنة لأخرى شعارًا مختلفًا في محاولة لردّ الاعتبار إلى معنى من معاني الحضور والتأكيد على ديمومة المدينة العربية وسط عالم من المتغيرات والتقلب السريع على كافة الأوجه.

شعار هذه السنة هو «العمل التطوعي: مسؤولية مجتمعية وتنمية موارد» الذي يحاول رد الاعتبار إلى قيمة من القيم الإنسانية الراقية التي يحتاج إليها مجتمع المدن الحديثة، وهي قيمة التطوع، الذي يعتبر مسؤولية جماعية لا تنعكس على الأفراد القائمين عليها فحسب بل على المجتمع كلل، وإذا كانت قيمة التطوع في شكلها التقليدي هي ريفية أو مرتبطة بالمجتمعات القبلية وأهل الريف والبداوة، فإن ثمة من يظن أن الحضر أو المدينة ليس فيه من هذا الشيء.

والواقع أن التطوع موجود ولكن وفق آليات حديثة وقوانين ونظم وتشريعات تضبطه، فهو لا يقوم على مجرد الفطرة الإنسانية في بساطة أهل الأرياف والبداوة.

إن المدينة العربية اليوم تعاني من إشكاليات عديدة في ظل التحولات في عالمنا المعاصر، فكثير من مدننا العربية أصبحت شبه خالية من سكانها بسبب المشاكل والنزاعات الأهلية والحروب التي ترتبت عنها هجرات كبيرة؛ كذلك فإن مدنًا عربية أخرى تعاني في المقابل من الازدحام المروري والتلوث؛ لكن قبل ذلك تأتي مشاكل جوهرية كحزم الفقر والعوز والحاجة للرعاية الصحية والمؤسسات التعليمية الحديثة وغيرها من الاحتياجات في هذا الإطار.

من هنا فالتطوع الذي تبحث عنه المدينة العربية يعني مشاركة جماعية سواء بالأموال أو الجهود في إعادة رسم خرائط هذه المدن على أرض الواقع لتعيش زهرتها من جديد وتفعّل مواردها في العمل المستقبلي والفائدة الجمعية، وهناك أشواط كبيرة منتظرة في هذا الباع الطويل، فالمأساة والجراح أعمق من حضور الفرح والسعادة في الكثير من المدن العربية، والحياة بات تضيق بالكثيرين شظفًا وألمًا ومعاناة، ومن هنا فالتكافل الاجتماعي وبناء مجتمعات التطوع يظل هدفًا استراتيجيًا يقوم على تعديل بعض من صورة الواقع الأليم.

إن المدينة بوصفها نسقا من الأنظمة والمنظمات والناس التي تعمل في شكل جماعي منظم وقانوني، يمكن لها أن تساهم في إعادة ترتيب وتشكيل الكثير من القيم التي فقدت عبر الزمن، وهو ما تصنعه مجتمعات التحضر كما حصل في دورات من تاريخ المدن العربية في الماضي، ساعة كان للعرب أدوار حضارية ملموسة وجلية أخرجت للعالم العلماء والموسوعيين والمساهمين في شتى دروب المعرفة الإنسانية.

فالازدهار في خلاصته هو عمل جمعي يقوم من خلال العديد من البوابات التي تتطلب الانتباه للمستقبل ونسج العلاقات الإنسانية التي تخدم الجميع وفي الوقت نفسه تسعد الأفراد، وفي كل حال من الأحوال فكل فرد هو حاضر بجهده متطوعًا وفاعلًا لأجل مدينة جديدة عمادها ذلك الجهد التشاركي في البناء والفاعلية وحماية البيئة ونشر القيم السمحة وغيرها من الأهداف الأخرى.