1145439
1145439
إشراقات

«عندها تسكن النفس» يحاول التعمق في فهم قدسية العلاقة الزوجية

28 فبراير 2019
28 فبراير 2019

صدرت عن مكتبة روائع نور الاستقامة الطبعة الثانية من كتاب «عندها تسكن النفس» لمؤلفته ميمونة بنت حميد الجامعية وهي طبعة مزيدة ومنقحة، فعلاوة على ما احتوت من إضافات في متن المادة العلمية، فقد تضمنت الإضافة كذلك ملحقا بعنوان «جواهر من عمق التجربة» جاء في مقدمته: «عندها تسكن النفس» في نسخته الجديدة يطل على القارئ من نافذة التعبير عن طرفي الحياة الزوجية، فكانت هذه الجواهر الأكثر تأثيرا في حياتهما، خاض كل منهما تجربة مكنته من توظيف ما وفقه الله إليه من سبل ساعدته في أن تبقى حياته الأسرية في أمان، تحيط أركان حياتهم عناية الله، هدفهم نيل رضوانه.

وعرض الباب توجيه أصحاب الخبرة للمتزوجين حديثا، والمقبلين على الزواج، كما سأعرض توجيها مماثلا للراغبين في التعدد، أو الذين عددوا ولم تستقر أوضاعهم، ولم تتحقق أهدافهم التي رسموها من وراء ذاك التعدد.

وهذا الكتاب لا يستغني عنه كل بيت، فيه محاولة للتعمق في فهم قدسية العلاقة الزوجية، وسبل الوصول إلى سعادة أطرافها. تشير المؤلفة الجامعية الى أن الكتاب تطرق إلى أهمية الزواج؛ يعد الزواج مزرعة الحب التي ينمو فيها ويزدهر ويورق ويكبر، فالزواج يساعد على الاستقرار النفسي والاتزان العاطفي، والإعفاف في الإطار المشروع، وفي الزواج تحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة أمته يوم القيامة، وهو مظنة الولد الصالح الذي يدعو لأبويه بعد موتهما، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليرفع العبد الدرجة، فيقول رب أنى لي هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدك لك».

كما تحدث الكتاب عن بعض قواعد التفاهم الزوجي، ومنها «فهم شخصية الطرف الآخر» فالزواج شراكة بين شخصين، وهي شراكة من نوع خاص، حيث تندمج حياة شخصين مختلفين في كثير من الأمور، لكل منهما صفاته الخاصة، وميوله الفردية المستقلة في حياة واحدة، تتشابك فيها العلاقات، ويحتاج مركب الحياة إلى اتفاق في الرأي حتى تستطيع أن تسير بسلامة وأمان، وتذكر إحدى الزوجات بأن على المرأة أن تقرأ شخصية زوجها جيدا، وتعرف حاجاته، فإن أرادت أن تبدي أمامه بلبس جديد مميز مثير، وتحرص على سماع رأيه في ذلك ثم رأت الأوضاع غير مشجعة كشعوره بالإرهاق ونحوه، وأنها مهما بدت أمامه فلن يشعر بشيء مما تقوم به، هنا عليها أن تكون متقبلة للتغيرات والمفاجآت فتغير من خطتها وفق هذه الظروف، فمن النساء من تريد أن تتقرب إلى زوجها وتتجمل له لكن ينقصها اختيار الوقت المناسب فيأتي الصد من قبل الزوج وإن كان غير مقصود مؤثرا على نفسيتها.

ومنها أيضا «المصارحة بين الزوجين» فالرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى التصريح والإعلان عن حب المسلم لأخيه المسلم «إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه»، هذا في حق الأخ فكيف يكون مع الزوجين؟! وأضافت: فالتعبير اللفظي عن المشاعر يعتبر من الأمور التي تقوي العلاقة بين الزوجين، أي لا بد من عبارات الحب والتقدير وحتى الشكر؛ فهي تبعث الأمن والاطمئنان إلى النفس، وتشيع الابتسام على محيا الزوجين.

ومن فوائد المصارحة إشاعة الحب بين الزوجين مما ينعكس أثره الإيجابي على أفراد الأسرة، وإن التصريح بحب أحدهما للآخر يزيد العلاقة قوة ومتانة، فإن كان الأخ الذي يحب أخا له في الله فعليه أن يصارحه بهذا الحب وهذا الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، فعن أنس بن مالك أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أعلمته؟» قال: لا. قال: «أعلمه» قال: فلحقه، فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الذي أحببتني له»، فإن نهجَ الأزواجُ هذا النهج النبوي فإن ذلك مما يقوي العلاقة ويديم المحبة والألفة بينهما، ولكي يتحقق هذا الجانب يؤمران أن يخصصا ساعة في الأسبوع مثلا ليفتح كل منهما قلبه للآخر، ويبث مشاعره وما يكنه من مودة وتقدير وإن تخلل الحديث عتاب أحدهما للآخر، يقول الشيخ الفقيه أبي سرور –رحمه الله - من قصيدة «عذوبة الحب»:

عتابك أحلى من الفستق

وأندى ذكاء على مفرق

وأبرد للقلب من سلسل

وأحرق للضلع من محرق

ولولا عتابك ما لذ لــي

رقيق المعاني ولا منطقي

وتقول: ختمت الجواهر بملخص قلت فيه: «جواهر من عمق التجربة» محاولة لتقريب الواقع الذي يعيشه بعض الأزواج، وما ورد فيها من آراء واختلاف في وجهات النظر لا يلزم أن يتبعها كل قارئ، إنما يأخذ منها ما يوافق طبيعته وأسرته وثقافته، ولا يتردد في التغيير إن كان قد وجد فيه ما يرتقي بحياته الأسرية كما أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يجعل همه حديث الناس، فرضا الناس غاية لا تدرك، واستقرار حياته وإشاعة جو من الأمن والأمان مسؤوليته هو ولا علاقة للناس بها.