sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: لكل كتاب قارئه

27 فبراير 2019
27 فبراير 2019

شريفة بنت علي التوبية -

الجوائز الأدبية وحدها ليست دليلاً على أن العمل الأدبي أو الكتاب الفائز هو الأفضل، واسم الكاتب وحده ليس مقياساً لجودة الكتاب، وما يُكتب من نقد عن أي عمل أدبي سواء كان سلباً أم إيجاباً، موضوعياً أم انتقاداً في غير موضعه لا يعكس قيمة العمل أو النص المكتوب، ذائقتك وحدها تحدد قيمة وجمال ما تقرأ، وليس شرطاً أن تكون قارئاً ذكياً أو تملك خلفية ثقافية واسعة لتستطيع الحكم على جودة الكتاب من عدمه، إنها الذائقة ومعرفة ما تريد أن تقرأ، فالكتب كالطعام لا تتناولها مجبراً بل لرغبة واشتهاء، لذلك لا تتبع غيرك لتقرأ ما يقرأ، ولا تسعى لأن تكون نسخة من الآخر حتى ولو كان كاتباً مشهوراً، لأنك ستتعب جداً وستفقد نفسك في النهاية ولا تعرفها، لأنك لن تكون سوى تكرار مشوّه لمن أنت معجب به، فكن أنت حين تقرأ، حتى وإن كنت تهدف من القراءة التعلّم، فأنت محتاج لأن تتعلم ما تحب وليس ما يحب غيرك، فما يقرأه الآخر قد لا يناسبك ولا يوافق اتجاهاتك، مهما كان مستواه الثقافي.

أنت حر حينما تقرأ وأنت حر حينما تكتب، فلا تنزع عنك هذه القيمة في اختيارك للكتاب، فلكل قارئ كتابه ولكل كتاب قارئه، ولن تنجح كقارئ للكتب ما لم تكتشف نفسك من خلال ما تقرأ، اتبع شغفك حتى في القراءة، فربما تقرأ كتاباً بسيطاً وهزيلاً كما يراه غيرك، لكن يكفي أنك مقتنع به وتعيش لذة ومتعة لا يعيشها غيرك.

الكتب كالبشر، أغلفتها وعناوينها قد تكون وجوهاً خادعة، فلا يغرّك ما يراه الآخر رائعاً ويروّج له، بل اقرأ ما أحببت حتى لو قصة مرسومة للأطفال، اقرأها كطفل يكتشف للمرة الأولى جمال الكلمات، ولا تفوّت تلك المتعة على نفسك، اقرأ بذات الشغف الذي يحياه غيرك مع كتاب لديستويفسكي أو كافكا، اقرأ لكاتب ليس مشهوراً، ربما تجد لديه ما لا تجده مع كاتب آخر، فكم من الكتب التي أوقعتنا في فخ عناوينها وأسماء من كتبوها، وصدّقنا النقد الذي كتب عنها والجوائز التي حصدتها، فأصبنا بصدمة ضحالة محتواها وهزال فكرتها، أو ربما لم نحبها كما كنا نظن قبل اقترابنا منها، ابحث عن كتابك كما تبحث عن حبيب أو صديق، لذلك لا تطلب من أحدهم أن يرشح لك كتاباً تقرأه، اقرأ ما شئت لا ما يشاء غيرك، فتلك أبسط حقوقك كإنسان حر في عالم يكبّلنا بالقيود.