1144012
1144012
العرب والعالم

فلسطينيون.. بين مرجعيتين وسلطتين في منطقة قرب القدس

26 فبراير 2019
26 فبراير 2019

عددهم 100 ألف ويعيشون في جيب من 5 كيلومترات مربعة -

كفر عقب (الأراضي الفلسطينية) - (أ ف ب): يقول الإسرائيليون والفلسطينيون إنهم يوفرون الخدمات الكاملة لمنطقة كفر عقب الموجودة في الجزء الأكبر منها في الأراضي الإسرائيلية، والجزء المتبقي في مناطق السلطة الفلسطينية، غير أن الساكنين فيها يشكون غياب أي مرجعية، ومن وضع معيشي «مأساوي».

وفيما تعتبر إسرائيل المنطقة تابعة لإدارة بلدية القدس الإسرائيلية، يحيط بكفر عقب الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل من الجهة الغربية، فيفصلها برمتها عن مطار قلنديا القديم التابع للإدارة الإسرائيلية وبالتالي عن القدس. والنتيجة، يعيش سكان كفر عقب البالغ عددهم حوالي مائة ألف في جيب من خمسة كيلومترات مربعة بين القدس ورام الله. ويحمل حوالي 85% منهم الهوية المقدسية والآخرون الهوية الفلسطينية.

بموازاة ذلك، تقوم بلدية القدس بجمع النفايات من المنطقة، ويقول السكان إنهم يدفعون ضرائبهم للسلطات الإسرائيلية، فيما تقدم شركات خاصة تعمل في أراضي السلطة الفلسطينية خدمات إيصال المياه والكهرباء، غير أنه لا يوجد أي وجود ظاهر للشرطة لترتيب حركة المرور أو لملاحقة قضايا أمنية.

والى جانب غياب مرجعية إدارية وسياسية واضحة، تعاني كفر عقب من الفقر ونسبة عالية من الجريمة.

«جزء لا يتجزأ من القدس»

وتنتشر في منطقة كفر عقب عشرات الأبنية الشاهقة والمتلاصقة، في حين تنتشر على أطراف الطرق المزدحمة أكوام من النفايات في انتظار من يزيلها.

وتملك بلدية القدس الإسرائيلية مركزا في المنطقة تقول إنه جهة الاتصال بين الساكنين هناك والبلدية.

ويؤكد مستشار بلدية القدس الإسرائيلية بن ابراهامي أن البلدية تتعامل مع كفر عقب على أنها جزء من القدس، «لذلك تعمل البلدية على رصف الطرق والتخطيط والبناء». ويقول «موقف رئيس البلدية لا لبس فيه: كفر عقب جزء لا يتجزأ من القدس، ونتصرف وفقا لذلك».

الحفاظ على الوجود الفلسطيني

بالمقابل، تؤكد السلطة الفلسطينية على واجبها في العمل في تلك المنطقة للحفاظ على الوجود الفلسطيني، ولذلك يوجد مبنى لبلدية كفر عقب التابعة للسلطة الفلسطينية.

ويقول مدير العلاقات العامة في بلدية كفر عقب أشرف الرموني «نحن نختلف عن بلدية القدس الإسرائيلية في أننا نعمل هنا لتكريس الوجود الفلسطيني في المنطقة، لذلك نصرف سنويا ما يقارب مليون دولار على مشاريع البنى الأساسية».

ورغم ذلك، يؤكد الرموني أن الوضع المعيشي للسكان في المنطقة «مأساوي». ويحتفظ الفلسطيني منير الزغير بوثائق وسجلات لقضايا قام برفعها ضد بلدية القدس الإسرائيلية لتحسين المنطقة، مؤكدا أن هذه المنطقة لا تخضع لأي قوانين فلسطينية أو إسرائيلية.

ويقول الزغير، وهو رئيس لجان الأحياء السكنية شمال القدس ويعيش في كفر عقب منذ سنوات، «لا أعرف إن كانت هذه المنطقة ستكون مثلا سويسرا الجديدة، بدون قوانين، او إنها فخ ديموغرافي للفلسطينيين لتفريغ مدينة القدس من أهلها».

ويوضح أن عدد البنايات الشاهقة في المنطقة وصل إلى أكثر من 300 بناية يصل ارتفاعها إلى أكثر من عشر طبقات، «وهذه البنايات تفتقر إلى أدنى الخدمات».

ولا تخضع هذه الأبنية لأي قوانين او تدقيق هندسي، حسب البلدية، إذ بإمكان أي شخص يمتلك المال المباشرة في البناء دون أي ترخيص.

ويقول الزغير «حاولنا دفع الناس في العام 2001 إلى ترخيص بناياتهم، لكن حينما توجهنا إلى بلدية القدس، قالوا لنا بإمكاننا البناء كيفما نشاء لأن المنطقة أصلا هي منطقة عسكرية».

ويقول الزغير «غالبية سكان المنطقة من حملة الهوية المقدسية، لكنهم اختاروا العيش هنا هربا من تكاليف المعيشة والحياة داخل مدينة القدس. في الوقت ذاته، هم ملتزمون بدفع ضريبة الخدمات لبلدية القدس».

وحسب بلدية كفر عقب التابعة للسلطة الفلسطينية، فإن غالبية القادمين للسكن في المنطقة يأتون من بلدات شعفاط، وسلوان، وجبل المكبر، ومن شمال إسرائيل.

«وضع لا يطاق»

واشترى يوسف قاسم (63 عاما) شقة في إحدى البنايات في كفر عقب. وهو يحمل هوية فلسطينية كونه من سكان الضفة الغربية، لكنه سكن في المنطقة حفاظا على هوية زوجته وأبنائه الأربعة المقدسية.

ويقول قاسم لوكالة فرانس برس «في حال ثبت للإسرائيليين أن زوجتي تسكن في الضفة الغربية، ستخسر الهوية المقدسية، ونحن نعرف أن إسرائيل تعمل على تفريغ مدينة القدس من الفلسطينيين».

وأضاف «هذه المنطقة تعتبرها إسرائيل جزءا من القدس، وتسري عليها قوانين مدينة القدس، لكن لا يتوفر فيها ما يتوفر داخل المدينة من خدمات».

وحسب قاسم، فإنه اشترى شقته البالغة مساحتها 240 مترا مربعا، بحوالي 100 ألف دولار، في حين أن مثل هذه الشقة داخل مدينة القدس تبلغ كلفتها حوالى 800 ألف دولار.

ويقول «نسكن هناك من أجل الحفاظ على الهوية المقدسية، رغم أننا نعرف أنه لا يوجد قانون ولا انضباط ولا توجد جهة تضبط الوضع الأمني بشكل يومي».

على جدران الطرق الضيقة، علّقت لافتات بأسماء باللغتين العربية والعبرية مع أرقام. ويقول أهالي المنطقة أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وضعت هذه الأسماء والأرقام لتسهيل عمليات الاقتحام عندما تريد تنفيذ اعتقالات.

ويقول صاحب أحد المحال التجارية الذي قدّم نفسه باسم أبو محمد والذي يقول إنه يعيش في المنطقة منذ 25 عاما، «الحياة هنا أصبحت لا تطاق. الهارب من إسرائيل يأتي إلى هنا والهارب من السلطة يأتي إلى هنا ولا يوجد من يضبطهم».