أفكار وآراء

محركات النمو للمستقبل .. الموانئ البحرية والجوية والمناطق الحرة «3»

23 فبراير 2019
23 فبراير 2019

د. يوسف بن حمد البلوشي -

[email protected] -

استثمرت عمان بشكل كبير في إعداد بنية أساسية من الدرجة الأولى، بما في ذلك الموانئ البحرية والجوية والمناطق الحرة، والتي من المتوقع أن تلعب دورًا مهمًّا في تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال المزايا المقدمة للمستثمرين. وتستخدم العديد من الدول المناطق الحرة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر ووضع السياسات المناسبة لضمان انتقال المعرفة الفنية والتقنيات الحديثة من الشركات متعددة الجنسيات إلى الشركات المحلية. ولقد اهتمت السلطنة بإنشاء العديد من المناطق الحرة لتكون بمثابة أداة فعالة للتنمية الاقتصادية، وبدعم من المزايا النسبية للاقتصاد الوطني، وبيئة أعمال مناسبة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية. فهي توفر مجموعة من المزايا من بينها الإعفاءات الضريبية والجمركية، وتدريب العمال المهرة، والرسوم الإدارية المنخفضة، وأسعار الأراضي المواتية، وخدمات الكهرباء والمياه والاتصالات. وتكتسب هذه المجالات أهمية خاصة في سياق التحولات التي يشهدها الاقتصاد العماني على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. وهناك العديد من العوامل التي تدفع عمان للاستفادة من هذه الاستراتيجية للمساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن بينها الاستقرار السياسي والمالي بدعم من البنية الأساسية المتوفرة للمؤسسات والمرافق والخدمات. تتمتع سلطنة عمان بموقع جغرافي يلائم أن تكون مركزًا طبيعيًّا للتجارة الإقليمية والدولية ونقطة التقاء بين أسواق الإنتاج والاستهلاك. وبالإضافة إلى ذلك، انضمت عمان إلى عدد من الاتفاقيات والمنظمات الإقليمية والدولية مثل منظمة التجارة العالمية، واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، واتفاقيات منع الازدواج الضريبي وغيرها مع مختلف دول العالم.

وتساهم المناطق الحرة في تحقيق الأهداف المحددة في الخطط الخمسية المتعاقبة من خلال إيجاد فرص العمل، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية وحشد المدخرات المحلية لإنشاء مشاريع ذات جدوى اقتصادية، وكذلك اجتذاب التكنولوجيا والمهارات الفنية والتقنيات الحديثة. وبالإضافة إلى ذلك، تحفز الخدمات اللوجستية للموانئ والطرق والتخزين، وتنشئ روابط بين المشاريع الإنتاجية في المناطق الحرة ونظرائها في القطاعات الأخرى من الاقتصاد الوطني، كما أنها تفعل دور القطاع الخاص المحلي من خلال إنشاء المشروعات في المناطق الحرة أو توفير المواد الخام والمدخلات اللازمة لإنتاج المناطق الحرة وتحقيق هدف التنمية الإقليمية المتوازنة.

القطاع الخاص

هناك دليل واضح على وجود مشكلة في تنمية القطاع الخاص في عمان، نتيجة لبعض العقبات الأساسية. فتنمية القطاع الخاص تشكل تحديا متعدد الجوانب، وهناك حاجة ماسة لإزالة الحواجز التي تواجه نمو القطاع الخاص والتعرف على ما يحجم هذا النمو، ويشمل هذا التعامل مع المشاكل الحقيقية التي تواجه جميع عوامل الإنتاج، والتي تشمل رأس المال والقوى العاملة ومؤسسات الأعمال، وتعزيز القدرة الاستيعابية للاقتصاد (Absorptive Capacity of The Economy). ويجب أيضًا النظر في ثقافة ممارسة الأعمال التجارية في السلطنة. ويتمثل التحدي هنا في إيجاد التوازن بين هذه العوامل جميعها. وفي الواقع، يقوم القطاع الخاص بدور محدود في اقتصاد السلطنة، ولا يزال يعتمد على أداء قطاع النفط والغاز بدرجة ملحوظة، وإذا أريد للقطاع الخاص أن ينهض وأن يؤدي دورًا أكبر في تنمية الاقتصاد العماني، فإنه يتعين أن تهدف التغييرات الهيكلية إلى إيجاد ظروف مواتية للقطاع الخاص، مقارنة بالقطاع العام، تشمل تحويل أنشطة الإنتاج إلى القطاع الخاص بعيداً عن القطاع العام. الذي غالبا ما يتميز بتخصيص الموارد بكفاءة وإنتاجية عالية. وتتضمن التغييرات الأخرى المطلوبة تحرير الإطار التنظيمي، ودعم تطوير القطاع المصرفي لتسهيل حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على التمويل اللازم، وتشجيع الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية. وينبغي أيضًا تحقيق التوازن بين تعمين أسواق العمل ومتطلبات القطاع الخاص في سياق ارتفاع معدلات الباحثين عن فرص عمل وانخفاض إنتاجية العمل بين القوى العاملة الوطنية. فمثل هذا التوازن يمكن أن يحسّن من القدرة التنافسية في الأسواق العمانية، ويؤكد الصلة الوثيقة بين جودة نظام التعليم وريادة الأعمال وأداء العاملين، من خلال الاستفادة من الدعم المالي والفني المقدم من المنظمات المعنية.