1139013
1139013
الاقتصادية

دراسة حديثة تدعو الدول العربية للاستثمار في الاقتصاد الأخضر لتحقيـق التنمية المستدامة

21 فبراير 2019
21 فبراير 2019

صادرة عن اتحاد الغرف العربية:-

عمان: في سبيل تعزيز مفهوم الاقتصاد الأخضر في الوطن العربي، أوصت دراسة نشرها اتحاد الغرف العربية مؤخرا بإرساء سياسة الإعانات والحوافز الضريبية الخضراء التي تستخدم في عمليات دعم الاستثمار الأخضر، وتأهيل المؤسسات الاقتصادية بيئيا، والاستثمار في مجال إدارة المخلفات والنفايات بكافة أشكالها عبر إعادة التدوير والاستخدام وتفعيل السياحة البيئية.

وقالت الدراسة التي حملت عنوان «الاقتصاد الأخضر في العالم العربي .. الحجر الأساس لتحقيق التنمية المستدامة» من إعداد د. علي حدادة، أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانية بكلية العلوم والاقتصاد وإدارة الأعمال: إن قضية الاقتصاد الأخضر في العالم العربي ليس خيارًا، بل تشكل ضرورة ملزمة للأمن الاقتصادي والبيئي، وشرطًا أساسيا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

وأرجعت الدراسة ضرورة تبني مفهوم الاقتصاد الأخضر في البلاد العربية إلى ندرة المياه والإجهاد المائي في المنطقة وإلى قابلية الطاقة الأحفورية للنضوب. بالإضافة لأهمية الحد من التلوث الناجم عن الطاقة التقليدية.

وتهدف الدراسة إلى حث الدول العربية لتسريع خطى التحول للاقتصاد الأخضر، من خلال دراسة مختلف العناصر والجوانب والإشكاليات والمتطلبة المرتبطة بذلك، في ضوء واقع الاقتصادات العربية وتوجهاتها، والتجارب العربية والدولية التي يمكن الاستفادة منها.

وأثبتت الدراسات التي قام بها برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن تطبيق منهج الاقتصاد الأخضر يعود بنتائج إيجابية على مختلف القطاعات، وأن الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة يوجد فرص عمل أكثر من الاستثمار في مجال الطاقة التقليدية. وقالت الدراسة أنه مع تزايد الضغوط على البيئة، نتيجة الالتزامات والنشاطات المختلفة التي تخدم الاقتصاد وخاصة في الدول الصناعية الكبرى بدأ يظهر مصطلح «الاقتصاد الأخضر» ويعني تحقيق النمو والتنمية المستدامة دون الإخلال بالنظام البيئي.

دوافع وحوافز

ووفقًا للدراسة لا يعد الانتقال للتنمية الخضراء حدثًا سهلا ولا يمكن الانتقال إليه بسهولة، وقالت إنه قد بدأ التفكير بالتحول للاقتصاد الأخضر نتيجة لخيبات الأمل المتكررة في الاقتصاد العالمي وكثرة الأزمات التي تمر بها كانهيار الأسواق، والأزمات المالية والاقتصادية، وارتفاع أسعار الغذاء والتقلبات المناخية. وتمثل حوافز الانتقال للاقتصاد الأخضر حسب الدراسة في: الاهتمام بالتنمية الريفية والمياه وترشيد استعمالها، ودعم قطاع النقل الجماعي، والتصدي لمشكلة النفايات الصلبة ومحاولة إعادة تدويرها والعمال على زيادة الاستثمارات المستدامة في مجال الطاقة ورفع كفاءتها.

مسارات الانتقال

ورصدت الدراسة مسارين للانتقال للاقتصاد الأخضر وهما: إطلاق المشاريع الخضراء، ويشمل إطلاق مشاريع جديدة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية تراعي الاعتبارات البيئية في المرحلة الأولى من تصميم المشروع، ثم في جميع مراحل تنفيذه ورصده وتقيمه، بالإضافة إلى إعادة توجيه الأنماط الحالية للإنتاج والاستهلاك وإصلاحها من خلال تحسين أدائها البيئي.

وعقبت الدراسة: يعتبر هذان المساران متكاملان ومترابطان بسلسلة من السياسات والبرامج الحكومية التي تشجع القطاع الخاص والمجتمع المدني على المشاركة، وتضمن التزام الجهات المعنية في المنطقة بالانتقال للاقتصاد الأخضر.

مردود اقتصادي

وأشارت الدراسة إلى أن أنشطة الاقتصاد الأخضر تساهم في الحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة من خلال زيادة النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل، وتحسين إدارة السياسات الحكومية. ووضعت الدراسة مجموعة من المعايير لمعرفة مدى نجاح الاقتصاد الأخضر منها: تحقيق نمو بوتيرة أسرع من الاقتصاد التقليدي، والمحافظة على رأسمال الطبيعة وإعادة إحيائها، وتحسين المساواة الاجتماعية وزيادة فرص العمل، وتعزيز الموارد وكفاءة الطاقة، بالإضافة للاستعاضة عن الوقود الأحفوري بأنواع الطاقة المتجددة والتقنيات ذات انبعاثات الكربون المنخفضة، واستدامة العيش في المناطق الحضرية، وتخفيض انبعاثات الكربون في قطاع النقل.

الطاقة المتجددة

وأفادت الدراسة بأن الطاقة المتجددة تؤدي لإيجاد المزيد من فرص العمل، حيث يقدر عدد العاملين في قطاع الطاقة بأكثر من 2.3 مليون شخص حول العالم، منهم 300000 عامل في طاقة الرياح، و170000 في الطاقة الشمسية، كما يعمل 1.2 مليون عامل تقريبا في توليد الطاقة من الكتلة الأحيائية، ولاسيما في ألمانيا والبرازيل والصين والولايات المتحدة. ويتوقع برنامج الأمم المتحدة أن ترتفع هذه الأرقام بحلول 2030 إلى 2.1 مليون عامل في طاقة الرياح، و6.3 مليون في الطاقة الشمسية، و12 مليون فرصة في الزراعة والصناعة المرتبطتين بالوقود الأحيائي.

الصناعة والتجارة

وقالت الدراسة بأن الاستثمارات الخضراء من الممكن أن تسمح بتحسين الأداء البيئي في القطاعات الصناعية، وأن تخفف من الخسائر المالية المتعلقة بالمناح وتساهم في الإبقاء على الوظائف الحالية، وإيجاد فرص عمل جديدة، كما يمكن لها أن تعزز من إنشاء مناطق صناعية تسهل إنشاء صناعات خضراء من خلال سياسات تمويلية ابتكارية تقترن بالاستثمار الأخضر.

وفي قطاع التجارة، توقعت الدراسة أن ينمو سوق السلع والخدمات البيئية مع ازدياد فرص الاستثمار الأخضر. وقالت بأن الدول النامية تحتاج لتلك السلع والخدمات بوجه خاص في كل من الزراعة المستدامة، وإدارة الموارد البيئية، والمباني المراعية لمعايير كفاءة الطاقة، والنقل المستدام والطاقة المتجدد. وأضافت: تقترح الدول البلدان المتقدمة إسقاط الحواجز الجمركية على السلع والخدمات البيئية لتوسيع انتشارها، إلا أن البلدان النامية تعارض هذه الخطوة خوفًا من المنافسة التي قد تواجه الصناعات المحلية.

إدارة النفايات

واعتبرت الدراسة إعادة التدوير من أهم وظائف إدارة النفايات في إطار الاقتصاد الأخضر، وتعتبر المصدر الأسرع نموا لفرص العمل في هذا المجال. وقالت: إلا أن إعادة التدوير ترتبط في العديد من البلدان النامية بظروف العمل غير اللائقة والخطرة، إلا أن بعض طرق إعادة التدوير يمكن أن تتناول المنتجات اليومية كالورق والنفايات، مما يوفر عملا لائقا ويساهم بشكل كبير في الحد من استهلاك الطاقة وما يرافقه من تلوث للهواء والمياه.

القوانين والتشريعات

وقالت الدراسة إنه كي تخوض الدول تجربة التحول من الاقتصاد العادي للاقتصاد الأخضر تحتاج حكومات هذه الدول لإعداد وتهيئة بيئة تشريعية وقانونية قوية، ومن أهم الخصائص المناسبة لنمو الاقتصاد الأخضر: إدماج كلفة التلوث واستخدام الموارد الطبيعية ضمن الكلفة الإجمالية للسلع والخدمات، ومراجعة وتحديث القوانين البيئية وتوضيح آليات التنفيذ، ووضع استراتيجيات وطنية للتنمية الخضراء كتحديد القطاعات ذات الأولوية والجهوزية للتحول لهذا النوع من الاقتصاد.

ومن الخصائص الأخرى التي وضعتها الدراسة: إدماج الاعتبارات البيئية ضمن أطر الخطط الوطنية واستراتيجيات التنمية، وبناء الوعي لدى المستهلك وتعزيز ثقافة أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة واعتماد سلة من السياسات الداعمة كالضرائب المباشرة، وحوافز للأنشطة البيئية، ونقل التكنولوجيا، والاهتمام بالبحث والتطوير.

إشكاليات التحول

ورصدت الدراسة مجموعة من التحديات التي تواجه الدول العربية للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، يتمثل أبرزها في تأخر ترتيب القضايا البيئية على أجندة الأولويات الوطنية، وضعف وعي القطاعات المجتمعية بأهمية سياسات التخضير، وتزايد مشكلة ربط المياه والطاقة والغذاء، وتوفير متطلبات نقل التكنولوجيا، وازدياد حدة الصراعات المسلحة، بالإضافة لتعثر الاقتصاديات العربية وضعف المخصصات المالية لسياسات التنمية المستدامة.