1138151
1138151
إشراقات

خطبة الجمعة: القراءة مهمة في حياة الإنسان تغذي عقله وتنضج فكره

21 فبراير 2019
21 فبراير 2019

أمر بها الله تعالى.. وتخصيص الأوقات مما يعين عليها -

تتحدث خطبة الجمعة (بالقراءة نـــرقى) التي تعدها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية اليوم عن أهمية القراءة في حياة الإنسان فهي من أهم ما يغذي العقل بالمعرفة فيجعله ينضح بالفكر السـليم ويتميز بالحكمة الرائدة، كثرة القراءة ومداومة الاطلاع باب جليل من أبواب نيـل العلم وطريق واسع من طرق تحصيل الفهم، وقد عني الإسلام بالقراءة عناية بالغة.

وتشير إلى أن مما يعين على ذلك أن يخصص الإنسان للقراءة وقـتا محددا، ويحاسب نفسه إن فوته متعمدا، فإن اعـتاده أصـبح جزءا من حياته لا يتركه أبدا.. وإلى ما جاء في نص الخطبة.

الْحَمْدُ للهِ الرَّبِّ الأَكْرَمِ، (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم)، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، بَسَطَ لِعِبَادِهِ فِي الْقُرْآنِ نِدَاءَهُ، وَأَمَرَهُمْ فِي أَوَّلِ الْوَحْي بِالْقِرَاءَةِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَفَضْلُ مَنْ وَجَّهَ أُمَّـتَهُ لِلْعِلْمِ، وَأَكْمَلُ مَنْ دَعَا إِلى سُلُوكِ مَسَالِكِ الْفَهْمِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:

امْـتَثِلُوا أَمْرَ التَّقْوَى فِي حَيَاتِكُمْ، (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم) ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ تَعَالَى، أَنَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ وَعَظُمَتْ قُدْرَتُهُ قَدْ أَكْرَمَ النَّاسَ بِنِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنَّةً كَرِيمَةً، إِذْ مَيَّـزَهُمْ بِالْعَقْلِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، فَالْعَقْلُ أَدَاةُ التَّفْكِيرِ وَالإِبْدَاعِ، وَرُكْنٌ رَكِينٌ فِي الْمَعْرِفَةِ بَلا نِزَاعٍ، وَلِذَا عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يُعْمِلَ عَقْلَهُ فِيمَا يَجْلُبُ لَهُ النَّفْعَ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ، فَمَا التَّكْرِيمُ وَلا التَّفْضِيلُ إِلاَّ بِهِ، يَقُولُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا)، فَهَذَا التَّفْضِيلُ إِنَّمَا كَانَ بِالْعَقْلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ التَّكْلِيفِ، وَبِهِ يُعْرَفُ اللهُ وَيُفْهَمُ كَلامُهُ وَشَرْعُهُ، وَيُوصَلُ إِلَى نَعِيمِهِ وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ، وَهُنَا يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يُغَذِّيَ هَذَا الْعَقْلَ بِمَا يَجْعَلُهُ قَادِرًا عَلَى فَهْمِ الْحَسَنِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ، وَمَعْرِفَةِ الْقَبِيحِ وَالتَّبَرُّؤِ مِنْهُ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:

إِنَّ مِنْ أَهَمِّ مَا يُغَذِّي الْعَقْلَ بِالْمَعْرِفَةِ، فَيَجْعَلُهُ يَنْضَحُ بِالْفِكْرِ السَّـلِيمِ، وَيَتَمَيَّزُ بِالْحِكْمَةِ الرَّائِدَةِ، كَثْرَةَ الْقِرَاءَةِ وَمُدَاوَمَةَ الاطِّلاعِ، فَهِي بَابٌ جَلِيلٌ مِنْ أَبْوَابِ نَيْـلِ الْعِلْمِ، وَطَرِيقٌ وَاسِعٌ مِنْ طُرُقِ تَحْصِيلِ الْفَهْمِ، وَقَدِ عُنِيَ الإِسْلامُ بِالْقِرَاءَةِ عِنايَةً بَالِغَةً، فَمِنْ أَوَّلِ كَلِمَةٍ فِي الْوَحْي تَأْمُرُ بِالْقِرَاءَةِ، (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق)، إِلَى اهْـتِمَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ، فَقَدْ أَمَرَ مَنْ لا فِدَاءَ لَهُ مِنْ أَسْرَى بَدْرٍ أَنْ يُعَلِّمَ عَدَدًا مِنْ أَبْـنَاءِ الأَنْصَارِ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ، فَبَرَزَ مِنْهُمُ الْمُتَمَيِّزُونَ كَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي قَدَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِهِ، فَأَصْبَحَ كَاتِبًا لِلْوَحْيِ وَلِرَسَائِلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا رَيْبَ أَنَّ كَثْرَةَ الْقِرَاءَةِ لَهَا إِيجَابِيَّاتٌ تَنْعَكِسُ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْـتَمَعِ، فَهِيَ تُكْسِبُ تَنَوُّعًا فِي أَسَالِيبِ التَّعَامُلِ مَعَ الأَزَمَاتِ، وَتَمْـنَحُ تَعَدُّدًا فِي اسْـتِعْمَالِ الْمُصْطَلَحَاتِ وَالْعِبَارَاتِ، وَتُقَوِّي الذَّاكِرَةَ وَتُعَزِّزُ الثِّقَةَ عِنْدَ الْمُلِمَّاتِ، وَقَدْ أَجَادَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْعَقْلَ الَّذِي لا يَقْرَأُ يَصْدَأُ. وَبِالْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ تَرْتَقِي الأُمَمُ وَتَزْدَهِرُ الْحَضَارَاتُ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير)، وَفِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ أَهْـلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ وغَيْرِهِمْ لا شَكَّ أَنَّ الْفَضْـلَ لأَهْـلِ الْعِلْمِ، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَاب).

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

نَحْنُ فِي زَمَانٍ أَمْسَى فِيهِ الْحُصُولُ عَلَى الْكِتَابِ أَمْرًا سَهْلاً، فَأَصْبَحَتِ الْمَكْـتَبَاتُ تَعْرِضُ نِتَاجَ طِبَاعَتِهَا، وَبَاتَتْ مَعَارِضُ الْكِتَابِ تَصِلُ إِلى الْقَاصِي وَالدَّانِي، فَهَنِيئًا لِمَنْ بَادَرَ إِلى تَغْذِيَةِ عَقْلِهِ بِالْمُفِيدِ، وَطُوبَى لِمَنْ صَقَلَ مَهَارَاتِهِ الْعِلْمِيَّةَ بِالتَّجْدِيدِ، لَكِنَّهُ مِمَّا يَجْدُرُ بالْمُسْلِمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَنْ يَتَخَيَّرَ النَّافِعَ مِمَّا يَقْرَأُ، فَلا يَقْرَأُ إِلاَّ مَا يَزِيدُهُ رُقِيًّا فِي مَعْرِفَتِهِ، وَلا يَطَّلِعُ إِلاَّ عَلَى مَا يُصْـلِحُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا)، وَمَجَالاتُ الْقِرَاءَةِ فِي الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ كَثِيرَةٌ، فَلْيَجْعَلِ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ حِصَّةً مِنْ قِرَاءَتِهِ فِي أَمْرِ عِبَادَتِهِ أَوَّلاً، وَلا يُغْفِلْ مَجَالَ تَخَصُّصِهِ لِيَزْدَادَ تَقَدُّمًا وَعَمَلاً، ثُمَّ بِمَا يَمْلأُ رُوْحَهُ طُمُوحًا وَأَمَلاً.

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ تَشْجِيعَ الأَبْـنَاءِ عَلَى الْقِرَاءَةِ أَمْرٌ مُهِمٌّ لِلْغَايَةِ، وَلا رَيْبَ أَنَّ تَرْبِيَةَ جِيلٍ قَارِئٍ تَبْدَأُ بِالْقُدْوَةِ، فَلا يَكْفِي أَنْ يُشَجَّعَ النَّشْءُ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَقُدْوَتُهُ لا يَقْرَأُ، وَاللهُ جَلَّ وَعَلا يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون) ، فَمَا يَرَاهُ الأَبْنَاءُ وَيُطَبِّـقُونَهُ يَبْـقَى رَاسِخًا أَكْثَرَ مِنَ الْكَلامِ، وَالْمَرْءُ إِنْ شَبَّ عَلَى شَيْءٍ شَابَ عَلَيْهِ، فَإِذَا اصْطَحَبَ الْمُرَبِّي مَنْ يُرَبِّيهِ مَعَهُ وَهُوَ يَشْـتَرِي كِتَابًا، أَوْ قَرَأَ أَمَامَهُ بَعْضَ الْكُتُبِ، فَإِنَّهُ يُرَسِّخُ فِيهِ حُبَّ الْكِتَابِ وَرَغْبَةَ الْقِرَاءَةِ، فَيَتَعَلَّقُ قَلْبُهُ بِهَا وَيَنْشَأُ النَّاشِئُ عَلَيْهَا، فَتُلازِمُهُ عُمُرَهُ كُلَّهُ دُونَ انْقِطَاعٍ، وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ: (طَلَبُ الْعِلْمِ فِي الصِّغَرِ كَالنَّـقْشِ فِي الْحَجَرِ)، وَالْقِرَاءَةُ عِلْمٌ وَفَنٌّ إِنْ أَتْـقَنَهُ الأَبْـنَاءُ فِي صِغَرِهِمْ نُقِشَ بِثَبَاتٍ فِي قُلُوبِهِمْ.

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَأَحْسِنُوا تَغْذِيَةَ عُقُولِكُمْ وَعُقُولِ أَبْـنَائِكُمْ، اجعَلُوا لِلْقِرَاءَةِ نَصِيبًا مِنْ أَوْقَاتِكُمْ، وَلا تُضَيِّعُوا بِمَا لا يَنْفَعُ لَحَظَاتِ فَرَاغِكُمْ، لِتَغْـنَمُوا بِسَدَادِ الْحِكْمَةِ فِي أَفْكَارِكُمْ، وَالرُّقِيِّ فِي تَوَجُّهَاتِكُمْ.

أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.

*** *** ***

الْحَمْدُ للهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْـبِهِ وَمَنْ وَالاهُ.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:

اعْـلَمُوا أَنَّ مَنْ يُكْثِرُ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالاطِّلاعِ، يُجَالِسُ بِقِرَاءَتِهِ عُقُولاً وَمُفَكِّرِينَ، فَيَسْـتَفِيدُ مِنْ هَذَا، وَيُنَاقِشُ فِكْرَةَ ذَاكَ، فَيَخْلُصُ بِالْفَائِدَةِ الَّتِي يَرْجُوهَا، وَيَنَالُ الْعُلُومَ الَّتِي يَطْـلُبُهَا، وَلَكِنْ مَنْ أَهْـمَلَ الْقِرَاءَةَ فَقَدْ أَغْلَقَ عَلَى عَقْلِهِ الأَبْوَابَ، وَقَصَّرَ فِي النُّهُوضِ بِفِكْرِهِ بِلا ارْتِيَابٍ. وَإِنَّ لإِهْمَالِ الْقِرَاءَةِ أَسْـبَابًا يَجْدُرُ بِالْمَرْءِ مَعْرِفَتُهَا، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْـتَوْضِحَهَا، وَمِنْ أَسْبَابِ الْعُزُوفِ عَنِ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ الْوَعْي بِأَهَمِّـيَّتِهَا، فَيَحْيَا الْمُهْمِلُ لِلْقِرَاءَةِ ظَانًّا أَنَّ الْقِرَاءَةَ لا فَائِدَةَ مِنْهَا، وَيَكْـتَفِي بِمَا يَسْمَعُهُ مِنْ هُنَا وَهُنَاكَ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْقِرَاءَةِ أهَمِّـيَّتُهَا، لَمَا ابْـتَدَأَ اللهُ تَعَالَى أَوَّلَ الْوَحْي بِالأَمْرِ بِهَا، إِذْ قَالَ سُبْحَانَهُ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَق ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم)، وَمِنْ أَسْبَابِ الْعُزُوفِ أَيْضًا دَعْوَى الْبَعْضِ أَنَّهُمْ لا يَجِدُونَ وَقْـتًا لِلْقِرَاءَةِ، وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ مَنْ رَغِبَ فِي شَيْءٍ صَادِقًا فِي رَغْبَتِهِ، سَيَجْعَلُ لَهُ نَصِيبًا مِنْ وَقْتِهِ، أَلا تَرَى أَنَّ الرَّاغِبَ فِي الأَكْلِ يَجِدُ وَقْتًا لأَكْـلِهِ، وَالرَّاغِبَ فِي النَّوْمِ يَجِدُ وَقْتًا لِنَوْمِهِ، فَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ لَوْ أَحَسَّ الْمَرْءُ بِأَهَمِّـيَّتِهَا لَهُ، وَحَاجَةِ عَقْلِهِ وَنَفْسِهِ إِلَيْهَا، لَوَجَدَ لَهَا وَقْـتًا. وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُخَصِّصَ الإِنْسَانُ لِلْقِرَاءَةِ وَقْـتًا مُحَدَّدًا، وَيُحَاسِبَ نَفْسَهُ إِنْ فَوَّتَهُ مُتَعَمِّدًا، فَإِنِ اعْـتَادَهُ أَصْـبَحَ جُزْءًا مِنْ حَيَاتِهِ لا يَتْرُكُهُ أَبَدًا.

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاحْرِصُوا عَلَى الْقِرَاءَةِ، زَيِّنُوا حَيَاتَكُمْ بِاغْتِنَامِهَا، وَجَمِّلُوا سَاعَاتِ فَرَاغِكُمْ بِالاسْـتِفادَةِ مِنْ خَيْرِهَا، تُطِيعُوا رَبَّكُمُ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهَا.

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَـعَالَى

بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.

اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ بِكَ نَستَجِيرُ، وَبِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ أَلاَّ تَكِلَنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ يَا مُصْلِحَ شَأْنِ الصَّالِحِينَ.

اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ، وَأَيِّدْهُ بِنُورِ حِكْمَتِكَ، وَسَدِّدْهُ بِتَوْفِيقِكَ، وَاحْفَظْهُ بِعَيْنِ رِعَايَتِكَ.

اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا وَزُرُوعِنَا وكُلِّ أَرْزَاقِنَا يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ، المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءِ.

عِبَادَ اللهِ: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون).