oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

القمة الاقتصادية العربية

19 يناير 2019
19 يناير 2019

تأتي القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة المنعقدة في بيروت، وسط ظروف معروفة يمرّ بها العالم العربي من الحاجة إلى تعزيز الاستقرار واتجاه العديد من الدول إلى تحقيق الأمان والسلم الداخلي، بالإضافة إلى القضايا الاستراتيجية الكبيرة وأبرزها القضية الفلسطينية.

وسط هذا المناخ يبدو سؤال الاقتصاد والتنمية مهمًا باعتبار أن أي تفكير في التطوير وتجاوز أزمات الراهن لابد أن يمرّ عبر توفير الظروف الاقتصادية والحياتية المناسبة للناس، فما لم تتحقق أبسط شروط العيش فإن الإنسان سوف يجد نفسه في حياة فارغة ومعطلة عن الفعل الإيجابي في أي اتجاه كان.

وتشارك السلطنة في هذه القمة التزاما منها بالقضايا العربية والتكامل العربي المشترك، ما من شأنه أن يعمل على تعضيد العلاقات بين الدول ورسم آفاق المستقبل الأفضل، بما يعود بالنفع على الشعوب ويحقق لها الآمال والتطلعات.

إن العمل العربي المشترك ظلّ ولعقود طويلة حلمًا يقترب وينأى، بسبب الظروف التي تمرّ بها المنطقة والتي ما أن ينتهي منها حدث معين إلا ويبدأ حدث أو ظرف آخر، ما يجعل البلدان العربية تعاني باستمرار حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي ينعكس على مستقبل الأجيال المقبلة.

وفي كل مرة تُطرح العديد من الأفكار كالسوق العربية المشتركة والتعاون والتجارة الحرة وغيرها من التصورات القائمة على تطوير المنظومات الاقتصادية بين الدول العربية، غير أن القليل من هذه المشروعات يرى النور للأسباب المذكورة والمعروفة، ما يعني أن التحديات السياسية تتغلب على التطوير الاقتصادي والصناعي وغيرها من الحلول المرتبطة بتحسين حياة الناس.

لهذا فمن الضروري إحداث نظرة تكاملية لمجمل المشهد العربي في النظر إلى الحلول الممكنة، من خلال الإطار الكلي والشامل، بحيث لا ينظر إلى المشاكل مجزأة أو غير مترابطة، ما يفضي إلى تعطيل الحل المرتجى.

وإذا كانت البلدان العربية غنية بالموارد البشرية والمادية والإمكانيات المتنوعة والثروات والمياه وغيرها من الكنوز، فإن النظرة الإيجابية والاستشرافية التي تضع الخلافات جانبًا سوف يتمخض عنها تطور هذه المنطقة الجغرافية والاستراتيجية بحيث تصبح قوة فاعلة في الفضاء الدولي.

ولابد أن هناك جانبًا آخر يجب وضعه في الاعتبار، بالإضافة إلى الحلول السياسية والسلمية وتطوير الجوانب الاقتصادية وغيرها، وهو إعادة التفكير في البنى الذهنية ومناهج التعليم وغيرها من الأدوات التي تمكن من التفاعل الحقيقي مع العصر الحديث، فعالم اليوم سمته السرعة والمواكبة، وإلا سوف يجد الإنسان نفسه خارج المسارات الحاضرة.

أخيرًا يجب أن تكون هناك رؤى جديدة لقراءة الراهن في كافة الأبعاد السياسة والاقتصادية والاجتماعية، بحيث يقود ذلك إلى تصورات أكثر ديمومة وتفاعلًا مع الحياة في أشكالها الحديثة، دون أن تفقد الشعوب القدرة على التمسك بالأصالة والقيم السمحة، وبحيث يكون النماء عنوانًا لتجسير الأمس باليوم والماضي بالمستقبل بما يحقق السعادة ويضمن الفرص الأفضل للجميع.