أفكار وآراء

حماية العلامات التجارية

16 يناير 2019
16 يناير 2019

د. عبد القادر ورسمه غالب -

العلامات التجارية توسعت ولم تعد محصورة فقط على السلع والخدمات، بل أصبحت تشمل الرائحة والألوان وتعابير الوجه وهكذا هي في زيادة مطردة لتقديم الحماية والخصوصية. وعليه، فإن تسجيل العلامة التجارية أمر ضروري حتى إذا كانت العلامة التجارية سبق أن تم التعامل والانتفاع بها لعدة سنوات. وننصح بضرورة التحرك الفوري للتسجيل لأنه يكفل الحق القانوني الوحيد في الانتفاع بالعلامة التجارية ومهما كان عدد السنوات التي سبق أن انتفعت فيها الشركة، المؤسسة أو الشخص بالعلامة التجارية. ومن الضروري جدا، وفي كل الحالات، القيام بتسجيل العلامة التجارية لأن التسجيل يدعم صاحب الحق عند نشوء أي نزاع. وهذا وارد في أي لحظة والدليل عدد القضايا غير المحدود في كل الأمكنة والنشاطات.
والتسجيل غالبا يتم للعلامة التجارية للبضاعة المنتجة أو الخدمات التي تقدمها الشركة. ولكن هناك من يرغب في تسجيل اسمه الشخصي كعلامة تجارية، لأي سبب يراه، لما يقدمه من منتجات وخدمات. فهل يجوز تسجيل الاسم الشخصي كعلامة تجارية. نعم من الممكن تسجيل الاسم الشخصي كـ «علامة تجارية»، ولكن بشريط أن يعتبر اسما «مميزا» وليس «عاما». واعتبار الاسم «مميزا» يتوقف على عدة عوامل. وبصفة عامة، كلما كان الاسم عاما شائعا مثل «محمد، أحمد، عبدالله….» ، يقل احتمال اعتباره مميزا لأنه قد يكون اسما شخصياً لعدة أشخاص آخرين يتجاوزون العشرات في مكان صغير جدا (وخير الأسماء…). وكلما ابتعد الاسم عن الأسماء المعتادة والمتداولة كثيرا، زادت قدرته التمييزية وبالتالي إمكانية تسجيله. وحتى إذا واجه الاسم الشخصي رفضا ولم يتم تسجيله كعلامة تجارية، بسبب أنه غير «مميز»، أو لأن شخصاً آخر سبق أن قام بتسجيله، فان بإمكان صاحب الاسم أن يستعمله لأغراض شركته أو أعماله العادية وفق الأحكام الواردة في قانون الشركات.
بعد تسجيل العلامة التجارية وفق القانون، وبأي صفة كانت، يطرأ سؤال هام وهو قد يكون في ذهن العديد لتلقينا استفسارات حوله. هل مالك العلامة التجارية الذي يرغب في تصدير منتجاته أو خدماته ملزما بتسجيل علامته التجارية في البلدان الأخرى التي يرغب في التصدير لها ؟. إن قوانين الملكية الفكرية وما توفره من ضمانات قانونية، بصفة أساسية، تسري في ذلك البلد الذي صدرت فيه. وهذا يعني، أن حقوق الحماية المرتبطة بالعلامة التجارية ينحصر أثرها في البلد الذي أودع فيه طلب الحماية وتم الحصول فيه على تلك الحماية. وعليه وفي حالة تصدير السلع أو الخدمات التي تحمل علامة محمية بموجب تسجيلها في بلد ما، فإن تلك العلامة، مع الاستثناء الضيق للعلامات (الشهيرة)، تظل عرضة لعدة مخاطر في المكان المستقبل لها كصادرات. ومن الأفضل إذا للمصدر أن يسجل علامته التجارية في البلدان التي يصدر إليها أو يعتزم التصدير إليها لكي تكون علامته محمية في تلك البلدان أيضا. وهذا يتطلب منه، وقبل التصدير، معرفة طريقة تسجيل وحماية العلامات التجارية في البلدان الأخرى التي يتعامل معها.
ولتسجيل العلامات التجارية، سواء للسلع (مثل الفئة - 1 - الكيماويات المستخدمة في الصناعة والعلوم والتصوير الفوتوغرافي وكذلك الزراعة والبستنة وزراعة الغابات، مع الملاحظات التوضيحية) أو الخدمات (مثل الفئة - 35 - الدعابة والإعلان وإدارة الأعمال وتوجيه الأعمال والأنشطة المكتبية، مع الملاحظات التوضيحية)، يتم الاستعانة بـ «تصنيف نيس الدولي للسلع والخدمات» والمعروف أيضا باسم «تصنيف نيس» المنشأ وفق اتفاق نيس عام 1957. وهو نظام لتصنيف السلع والخدمات لأغراض تسجيل العلامات التجارية، ويحتوي على 45 فئة (يتغير نظام التصنيف من وقت لآخر بقرار من منظمة الملكية الفكرية - وايبو) تشمل السلع والخدمات ويسمح للمستخدمين الذين يسعون إلى علامة تجارية لسلعة أو خدمة الاختيار من بين هذه الفئات حسب مقتضى الحال. والجدير بالذكر، أن التعرف على هذا النظام واستخدامه في العديد من البلدان جعل التقدم للحصول على العلامات التجارية دوليا عملية سهلة وأكثر تنظيما. خاصة وأن ميزة استخدام «تصنيف نيس» يكمن في تنسيق طلبات العلامات التجارية مع الاعتماد والإشارة لنظام تصنيف واحد وبالتالي تبسيط الإيداع إلى حد كبير، كما يتم تصنيف السلع والخدمات التي تنطبق عليها علامة معينة نفسها في كل البلدان التي اعتمدت هذا النظام. ومن ناحية عملية، استفدنا كثيرا من هذا النظام الذي جعل إجراءات تسجيل العلامات في مقام «لغة» واحدة معروفة في كل العالم. وهذا دور كبير توفره منظمة الملكية الفكرية لخدمة وحماية الأعمال والتجارة في كل ربوع العالم.

Email: [email protected]