salim
salim
أعمدة

قياس إنتاجية الموظفين «2-2»

20 أكتوبر 2018
20 أكتوبر 2018

سالم بن سيف العبدلي -

كاتب ومحلل اقتصادي  -

يدور نقاش مطول حول إنتاجية الموظف وأدائه الوظيفي وكيفية قياسه خاصة من قبل أصحاب الأعمال والذين دائما يتحججون بأن بعض موظفيهم غير منتجين ويشكلون عبئا إضافيا على مؤسساتهم وتقدير إنتاجية الموظف في القطاع الخاص مهمة للغاية حيث إنها تهدف إلى تحقيق الكفاءة العالية والعائد المناسب بأقل التكاليف فهي تخضع لمعايير محددة كما ذكرنا سابقا قد لا يطبقها البعض أو ربما لا يستطيع الوصول إليها وفي هذا المقال سوف نشير إلى بعض المعايير العالمية المهمة في عملية قياس كفاءة أداء الموظف أو إنتاجيته والتي تطبق في كبرى الشركات العالمية بالدول المتقدمة.

حسب البيانات التي نشرها موقع Inc.com فإن الشركات الأمريكية تخسر حوالي 544 مليار دولار بسبب الموظفين غير المنتجين وهذا الرقم يعتبر كبيرا للغاية وطبعا في مؤسساتنا العربية هناك خسائر كثيرة بسبب وجود العديد من العاملين غير المنتجين ففي مقابلة للدكتور طارق سويدان في إحدى القنوات التلفزيونية أشار إلى دراسة أجريت مؤخرا في دول الخليج أكدت أن إنتاجية الموظف في القطاع العام لا تتجاوز 15 دقيقة في اليوم وفي دولة عربية غير خليجية لا تتجاوز إنتاجية العامل لديهم 5 دقائق في اليوم والحال لا يختلف كثيرا في القطاع الخاص حيث إن الإنتاجية العامل لا تتجاوز 45 دقيقة في اليوم وهذا مؤشر يؤكد لنا ان العديد من الموظفين في المؤسسات العامة والخاصة يشكلون عبئا على تلك المؤسسات بسبب قلة إنتاجيتهم.

تعرف الإنتاجية على أنها «قياس أو حساب بين المدخلات والمخرجات حيث إن المدخلات هي مقدار الوقت والجهد المبذول في العمل بينما المخرجات هي عبارة عن النتائج المحققة من ذلك العمل» فإذا تساوت أو تعادلت المدخلات مع المخرجات فيمكن اعتبار ذلك إن الموظف منتج والعكس صحيح، وتؤثر الإنتاجية تأثيرا مباشرا على أرباح الشركات وعوائدها ففي حالة وجود عناصر بشرية منتجة لدى الشركة فإنها سوف تنتج وحدات إنتاجية أكثر في وقت أقل والعكس صحيح من هنا فإن العديد من الشركات أول ما تفكر فيه عند تعرضها لهزة اقتصادية أو إلى خسائر هو تسريح عددا من الموظفين العاملين لديها.

هناك طرق متعددة لقياس إنتاجية الموظف وتتنوع تلك الطرق حسب طبيعة العمل لدى كل مؤسسة فهناك ما يسمى بالقياسات الأساسية التي تعتمد على الميزانية التي تحتوي على عدد كبير من العناصر كمعدل الدوران السنوي للموظفين ومستويات الرضا الوظيفي ومعدلات الوقت الإضافي المطلوب لإنجاز الأعمال فبالنظر إلى تلك المؤشرات يمكن الحكم على مستوى إنتاجية الموظف ما إذا كانت ضعيفة أم أنها متوسطة أو عالية وطبعا هذا يتم من خلال متابعة دقيقة لأداء الموظف وباستخدام وسائل متعددة، يوجد أيضا ما يسمى بتحليل عدد الخدمات وهذا المقياس يستخدم في الشركات التي تقدم خدمة معينة بحيث إن الوحدة الأساسية للمخرجات هي الخدمة المقدمة وعلى ضوئها يتم قياس إنتاجية الموظف وهذا التقييم يطبق في المستشفيات وشركات النقل والاتصالات ويستخدم طرق محكمة في متابعة أداء كل موظف للحكم عليه حول مدى مقدرته على الإنجاز وتقييم أدائه على هذا الأساس.

في الشركات الصناعية التي تنتج سلعة أو منتج معين يتم حساب إنتاجية الموظف من خلال عدد الساعات التي يستغرقها في إنتاج سلعة أو منتج معين وهذا القياس عادة يكون دقيقا في حالة معرفة متوسط الوقت الطبيعي أو العادي في إنتاج وحدة واحدة من ذلك المنتج فمثلا إنتاج جهاز الحاسوب يحتاج على سبيل المثال إلى عاملين لإنجاز العمل خلال 4 ساعات فإذا أنجزا المهمة في أربع ساعات معنى ذلك انهما منتجين أما إذا استغرقا وقتا أكثر فإن إنتاجيتهما تعتبر قليلة وهكذا.

بعض الوظائف والمهن الإنتاجية تقوم بتوفير الخدمة للزبائن وهنا يصعب استخدام القياسات السابقة في تقييم الإنتاجية فعلى سبيل المثال في مراكز خدمة الزبائن الهاتفية للمصارف والمؤسسات العامة والخاصة تكون الإنتاجية هي عدد الساعات التي خصصت لخدمة الزبون وبمعنى آخر كم عدد الساعات التي قضاها الموظف في خدمة الزبائن وقد يتم التقييم من خلال استقصاء يطلب من المستفيدين من الخدمة استيفائه لمعرفة مدى رضاهم عن الخدمة المقدمة في تلك المؤسسة.

وأخيرا نقول إن ضعف إنتاجية الموظف أحيانا تعود الى المؤسسة نفسها التي يكون لديها فائض من الموظفين ولا يتم تكليفهم بأية أعمال رغم رغبتهم وقدرتهم على الإنتاج وهذا طبعا يحصل في مؤسسات القطاع العام التي أصبحت تتفنن في اختيار المسميات الوظيفية البراقة كالمستشار الذي لا يستشار والخبير الذي لا يخبر والمدير المختص الذي لا يدير غير نفسه والأخصائي الذي لا يتخصص في شيء وغيرها من المسميات التي لا تسمن ولا تغني من جوع وسوف تكون لنا وقفة للحديث عن هذا الموضوع.