أفكار وآراء

الجامعة الذكية.. سبل وأدوات مهمة لتطوير التعليم

16 أكتوبر 2018
16 أكتوبر 2018

د. عبدالله بن سليمان المفرجي -

من خلال الاحتكاك بالطلاب المرسلين للتدريب العملي بعد سنوات سمان من الدراسة نجد احيانا ان البعض لا يزال ضعفا في المخرجات الأكاديمية ، فحقيقة من المستغرب أن تكون مجموعة منهم لا تتقن مهارة الكتابة بشكل ملحوظ ، وكذلك تلاحظ ان طالبا قد أوشك على التخرج ، وعندما تسأله عن أبجديات التخصص الذي أمسى الانتهاء منه ، تجد انه لا يمتلك إلا معلومات سطحية، فمن خلال القراءة المتعمقة للواقع العملي نجد خللا في المستوى العلمي الذي تحصله المتعلم في مدة دراسته الجامعية، بسبب عدم فعالية التعليم، اذ أن عدداً منهم قد أخفق في القدرة على التفكير الإبداعي وعلى حل المشكلات وممارسة المنهجية العلمية في البحث، وتوظيف ما تعلمه على أرض الواقع ومواصلة تعلمه مدى الحياة. وأسباب ذلك عديدة ، وسبق الإشارة اليها في مقال سابق ، وفي ضوء سبرت بعض أغور التعليم ومعايشة أيامه ، فإنه يمكن ان أضع بين يدي القراء الأعزاء والمهتمين بالعملية التعليمية وتطويرها ، بعضا من أطواق النجاة لتحقيق مزيد من تطوير مؤسسات التعليم العالي وهي كالتالي:

١-إضافة مقرر «مهارات التعلم الذاتي والتفكير» لأهميته القصوى للطلاب وسوف يكون المقرر طوق نجاة لرفع مستوى الطلاب التحصيلي وتدريبهم على مهارات التعلم الذاتي(مهارات القراءة والكتابة والاستماع والسؤال وآلية التعامل مع أدوات المعرفة التقليدية وتكنولوجيا المعلومات في الحصول على المعرفة، غرس ثقافة المواطنة الرقمية) تشجيع المتعلمين على التفكير الإبداعي.

٢- استخدام أسلوب التعليم التفاعلي النشط في التدريس والتعليم عن طريق الأقران، والبعد عن أسلوب المحاضرة التقليدية والتلقين، فبالرغم من التطور والانفجار المعرفي في شتى ميادين المعرفة، ففي عصرنا الحالي أضحت طريقة المحاضرة الملقاة بطريقة التلقين مرفوضة، ولا مبرر لوجدها في عصر التطور التقني، والانفجار المعرفي، وكما أنها بات غير مقبولة لدى الطلبة، والسلوك المرغوب أصبح يناشد الأستاذ في محاضرته أن يقدمها على شكل حوار بينه وطلابه، ويقوم بعرض عناصر المقرر على شكل أسئلة بما ينمي لدى المتعلم التفكير الإبداعي أو مهارات التفكير ما وراء المعرفة، فالمعلم الفعال النشط بات دوره في التعليم الحديث مرشدا وموجها للعملية التعلمية ودوره توعية المتعلم من خلال التفسير والقياس والتحليل والاستنباط...الخ

٣- توظيف تقنيات التعليم في المواقف التعليمية المختلفة، وذلك لقدرتها الفائقة على مراعاة الفروق الفردية، وتسهيل عملية التعلم، وهذا ما يؤكده عدد من الابحاث والدراسات الحديثة والقديمة كدراسة عبد اللطيف الجزار(2000) والتي خلص فيها إلى الدور الكبير الذي توفره تكنولوجيا التعليم من خلال دورها في مضاعفة كفاءة المعلم والمتعلم ، وتزوده بعدد من المثيرات التي تسرع من عملية التعلم لدى المتعلم، وقد توصلت دراسة محمد عطية خميس (1997): «إن التكنولوجيا تساعد على جذب انتباه المتعلم وتركيزه وتحفيزه نحو التعلم، وتسهل عملية الاستذكار والفهم وتنمى الخيال وتوفر وقتا مناسبا للتعلم، ناهيك عن تعزيزها للخبرات السابقة لدى المتعلم».

٤- التقويم المستمر لما تم إنجازه على أرض الواقع التعليمي، والذي لا بد أن يشمل الطلاب والمعلمين والكادر الإداري، والكوادر غير البشرية، لتحديد مواطن القوة لتنميتها وتطويرها، ومكامن الضعف لتجاوزها، فلا تطوير دون تقويم مستمر.

٥-استخدام مجتمعات الممارسة التعليمية التفاعلية والتي تقوم على تفاعل الطلاب مع المعلم والطلاب مع بعضهم البعض وكذلك مع المحتوى التعليمي.

لم يئن الوقت

لماذا لا يتم توظيف أدوات التواصل الاجتماعي في العملية التعلمية؟:

أ- منتدى نقاش داخل البوابة التعليمية حسب مجموعات الشعب الدراسية.

ب-بلاك بورد.

ج-استخدام مجموعات الواتساب، الفيس بوك المغلقة، توتير واليوتيوب والمدونات الإلكترونية التعلمية، والويكي ...الخ.

فالمتأمل لوضعية البوابات التعليمية والمحتويات التعلمية (كائنات التعلم الرقمية) في أغلب الجامعات قد لا توفر بيئة تعليمية تفاعلية وكذلك يمكن القول بأننا لو طالعنا التجارب والخبرات نجد أنفسنا بحاجة لإعادة التقويم وتطوير الواقع لا سيما وأننا في عصر التقدم العلمي بكل مقاييسه، والتي استطاع العلم إزالة العديد من السدود المنيعة التي تقف أمام حاجات ورغبات الإنسان فحدث التزاوج بين التقنيات الحديثة وتكنولوجيا التعليم في العملية التعليمية، التي أحدثت نقلة نوعية في المناهج وطرق التدريس وأدوات التقويم والتواصل بين أقطاب العملية التعليمية التي ركزت على إكساب المتعلمين مهارات ومعارف ضرورية للحياة .

فعلى سيل المثال توجد منصات عربية رائدة ومجانية بجهود شخصية فتية مثل: أكاديمية ملتقي الدارين، موقع رواق، موقع إدراك، أكاديمية التحرير، موقع نفهم، موقع تيد التعليمي، منصة تمكين، ..الخ والتي تجد الخبرة العربية المفتوحة فائقة السبك والإبداع.

وأنا أقصد بتلك المجتمعات الموجه مجتمعات الممارسة الافتراضية للتعليم تلك التي يمكن للطلاب في الشعبة الدراسية الواحدة في مقرر ما بالتواصل مع بعضهم والمعلم سواء عبر البريد الإلكتروني والدردشة الموجه لتبادل المعارف والعلوم ...الخ. والتي تعزز التعلم التعاوني والتعلم من خلال الأقران وتحقق مبادئ التعلم المعكوس وتعمق الإحساس بالانتماء للمجتمع الافتراضي وتكسر حواجز الخوف من خلال التواصل والاستفادة من الخبرات فيتحقق بذلك التعلم الخبراتي، ويتقاسم المتعلمون المعرفة فيما بينهم ونستطيع بذلك القضاء على العزلة التعليمية ونحقق المرونة الاجتماعية.

الجدير بالذكر أن منتديات النقاش تعد أهم أيقونة في بوابة الطالب التي ينبغي وجودها لتحقيق التفاعل وخلق بيئة تعليمية تفاعلية خارج أسوار الفصول التقليدية. وبذلك نرسخ مفاهيم المواطنة الرقمية ونرفع الأمية الرقمية وندعو طلابنا إلى اكتساب مهارات التعلم الذاتي والتفكير. وهذا شبيه بالمثل المشهور لا تطعمني سمكة ولا تعطنا صنارة بل علمني كيف اصنع الصنارة وكيفية اصطياد السمك.