hamoood
hamoood
أعمدة

حكايات وخواطر ريان سعيد مبروك

01 أكتوبر 2018
01 أكتوبر 2018

حمود بن حمد الشكيلي -

من الممكن أن أبدأ في الكتابة عن ريان بمقولة لن تكون في أعلى درجات الدقة؛ إذ لا يمكن تأكيد مقولة أفتتح بها الكلام بأنه لا أحد غيري يعرف ريان، شخصيا لم ألتق بها، أعرف والدها سعيد مبروك، ولكثرة ما أحبه في الله أناديه كلما رأيته «بود مبروك».

ريان طالبة صغيرة في التاسع أو العاشر، هكذا أخبرني والدها، يقول سعيد: إن ابنته تكتب. هذا يعني أنها تقرأ، فلا يمكن لأحد أن يكتب دون أن يقرأ، خاصة في هذا العمر من بدايات الصبا، فكم من طالب في مدارسنا يسأل: «كيف أكتب؟» بأيش أبدأ؟ عطني جملة أبدأ بها تعبيري..» هذه أسئلة تعاد في حصص التعبير الكتابي الحر..؟ أسئلة كهذه دائما ما قد يتفوه بها غير القراء ـ أجزم ـ أولئك الذين لم يقرأوا كتابا أبدا، أخبروني كيف يمكنك إخراج جمل من الرأس على الورق، وأنت لم تدخل من الورق إلى الرأس شيئا؟ لم تتمرن عضلات الدماغ، تعيش العضلات استرخاء وانكماشا حتى تتعلق بأفكار تناسبك قرْبًا، وتجد فيها نفسك، أليس الأمر كذلك؟

لريان سعيد أوراق مغلفةٌ مكتبيا، مخطوط مرخص برقم إيداع محلي، ولكثر ترحيب الأب بنتائج ابنته قرر بعد الحصول على الترخيص أن يمر على إحدى المكتبات ليطبع نسخا من المخطوط، وفعلا أخرج نسخا من كتاب ابنته الصغيرة «حكايات وخواطر ريان الحبسية». خرج المخطوط في طبعة مكتبية خاصة بما يقارب مائة وخمسين نسخة، ولأنها فرحة بمنتجها بوصفه الإصدار الأول قامت ريان ببيع نسخ من كتابها بطريقتها الخاصة، داخل فناء مدرستها الكائنة في ولاية المضيبي لزميلاتها، لعل معلمة/‏‏ معلمتين، وأُخر كذلك يقتنين نسخا من إصدار ريان.

ولأن سعيد مبروك لا يعرف كالكثيرين الذين التقي بهم كيف للواحد أن يخرج كتابا؟ كم من الصامتين في الدنيا يكتبون، ولا ينشرون؟ كم رجلا وامرأة يكتب ويترك الكلام في ورق على درج سري في المنزل، أو في ورق إلكتروني على ذاكرة حاسوب...؟ وكم من بشر في هذه الدنيا يكتبون ولا ينشرون، بل هناك من لا تسمح له وظيفته بأن يذكر أمام إنسان أنه يكتب، إذ الكتابة مهنة الدماغ الحُر؟

حدثت سعيدا مثل ما حدثت الكثيرين من قبل ومن بعد بالخطوات المتاحة والممكنة، حتى يشق الكلم والكلمات طريقا بين الوجود، فأنا أدعو للكتابة ومن بعدها النشر حتى يجد الكائن ضالته، وإن لم يجد ذاته في الكتابة فعليه بالبحث عن ضالة وطريق آخر للنفس؛ لتبتهج الروح أكثر.

أدعو بالجلوس لساعات طويلة أمام صفحات شاشات الحواسيب لعل جملة تأتي، ومن بعدها فقرة، ومن بعدها تكون الفكرة قد اتضحت، والرسالة وقد خرجت، والنفس وقد تنفست وارتاحت بعد الكتابة عبر البوح للورق، إن فكرة كهذه تخالف تماما ما يدعو به تشارلز بوكوفسكي في مقطع صوتي يحمل إجابته الخاصة لسؤال «تريد أن تصبح كاتبا؟» بترجمة محمد الضبع.

يبدو من مخطوط الإصدار المكتبي الخاص الذي بين يدي أن هذه الفتاة الصغيرة أكبر من عمرها، فهذا ما يمكنني الإشارة إليه أثناء مروري على قسمي مخطوطها: الحكايات والخواطر، فالحكايات أربع «حياة بلا أمل «»الفتاة الأكثر يأسا في العالم» «معكِ للأبد» «فئران منزلنا»، أما خواطر الجزء الثاني فهي» سماء الأمنيات/‏‏ لن نستطيع تغيير الواقع/‏‏ دائما مخطئون/‏‏ سر النجاح/‏‏ حب صادق/‏‏ توقفوا عن ذلك/‏‏ الثقة أولا/‏‏ الصداقة إنها كنز لا يفنى/‏‏ الفاشل/‏‏ طفولة بريئة/‏‏ يوما ما /‏‏ بعيدا عن حقد العالم/‏‏ خيال واسع/‏‏ لعله خير/‏‏ أمطار السعادة».

تعالوا معا نترك للزمن أسئلة عن ريان وأشباهها من الصغار، أستستمر ريان في الكتابة؟ أستجد فردا أو مؤسسة تتبنى ريان ومن يشبهونها بالتوجيه والرعاية والاهتمام والدعم المعنوي، أي من مؤسسات النشر ستتكفل بطباعة المخطوط الخجول لريان ليكون كتابا لائقا بأحلامها الصغيرة مع بدايات الكتابة؟ أما عن حاضر اللحظة فيمكن إضافة أسئلة أخرى، إذ ما الصدفة التي وجهت ريان للكتابة؟ أتأتي البدايات صدفة أم توجيها، أم قدرا؟

أخيرا أترك ما أنهت به ريان حلم كتابها الأول، إذ تؤكد هذه الصغيرة الواعدة في حال إن اشتغلت على نفسها بالقراءة والقراءة والقراءة» عندما قمت بالكتابة لم أكن أهدف إلى موضوع معين، بل كنت أسلط الضوء على جميع المبادئ التي أعيش من أجلها في هذه الحياة، نعم فأنا أعيش على الأمل والتفاؤل والسعادة، وكل شيء من الممكن أن يصنع لي السعادة.