أفكار وآراء

القانون ودعم الشركات

26 سبتمبر 2018
26 سبتمبر 2018

د. عبد القادر ورسمه غالب -

[email protected] -

في عصرنا الحاضر، تتميز أعمال الشركات التجارية بأنها في حالة تطور مستمر من عدة نواحي من أهمها زيادة الإنتاجية وتعزيز التنافسية للوصول للصدارة ثم البقاء في هذه الصدارة. وكل هذه الخطوات تتطلب الجهود والعرق من قمة الهرم المتمثل في مجلس الإدارة بقيادة رئيسه ودعائم هياكل الشركة المتبقية المتمثل في الإدارة التنفيذية وقاعدتها المكونة من موظفي وعمال الشركة بمختلف درجات السلم الوظيفي، والجميع يعملون لإرضاء المساهمين وكذلك أصحاب المصلحة من مختلف قطاعات المجتمع، وكذلك إرضاء أنفسهم وطموحاتهم.

بالطبع فإن من أهم الركائز المطلوبة لتحقيق هذه التطلعات، هو العنصر البشري الذي يدير كل هذه العملية بعقل متفتح ورؤية ثاقبة لتحقيق الأهداف والاستراتيجية المبرمجة. ولذا فان دور مجلس الإدارة يظل محوريا في هذا المنحى الهام والأمثلة كثيرة كمؤشر علي نجاح مجلس الإدارة وطاقمه. في بداية أعمال الشركات، ولمدة طويلة، كان بعض مجالس الإدارات لا يهتمون كثيرا ولا ينظرون لدورهم أكثر من أنه دور تشريفي اجتماعي، وفي الجانب الآخر، كان بعض مجالس الإدارات يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة ويحشرون أنوفهم في كل التفاصيل وفي كل التخصصات. وكل هذا غير مرغوب فيه من الناحية الإدارية والمؤسسية.

ومع تطور المفاهيم الإدارية والنظريات الحديثة، وبسبب المشاكل التي تعرضت لها الشركات نظير نوعية مجالس الإدارة أعلاه، تم استحداث مبادئ إدارية جديدة اتضح فعاليتها في تحسين وتطوير أعمال الشركات لاتباعها الحاكمية المؤسسية. إن دور القانون في إدارة الشركات، من دون شك، من الأدوار الرئيسية، وقوانين الشركات منذ بدايتها ظلت تتضمن العديد من الأحكام الخاصة بإدارة الشركات وكيفية السيطرة علي الإدارة لتحسين الأداء.

ومن هذا مثلا فان قوانين الشركات تتضمن الأحكام الضرورية لتعيين مجلس الإدارة، تعيين رئيس المجلس، اجتماعات الجمعية العمومية بأشكالها العادية وغير العادية ودور كل مساهم في هذه الاجتماعات وكيفية مراقبة وتقييم وتثمين أعمال مجلس الإدارة (وتثمين أعمال الإدارة التنفيذية للشركة) خلال العام بل وفي أي وقت إذا دعى الأمر. إضافة لهذا توجد أحكام خاصة لإجازة أعمال مجلس الإدارة وتبرئته من المسؤولية ومحاسبته عن أي أعمال قام بها أو أخفق في تنفيذها... وهذه الأحكام أيضا تضمنت كيفية الإدارة المؤسسية للشركات بواسطة ملاكها من أصحاب الأسهم.

بل قوانين الشركات تفسح المجال، إضافة للمساهمين، لجهات أخرى للتدخل في كيفية توجيه ومراقبة سير مجلس الإدارة للشركة وعلى رأس هذه الجهات نجد السلطات الرقابية وغيرها من السلطات الممثلة للجهات ذات العلاقة، وكذلك في بعض الحالات يجوز للمدقق الخارجي الدعوة لاجتماع إذا رأى ضرورة ذلك من أجل حفظ حقوق المساهمين أو غيرهم من الجهات ذات العلاقة المباشرة بأعمال الشركة.

إضافة لهذا، فإن قوانين الشركات تضع المبادئ الأساسية حيال ضمان أموال الشركة وحسن استخدامها وكيفية مسك الحسابات وإدارة الموازنة والتدفقات المالية والإعلان عنها وفق المتطلبات المحاسبية الدولية وغيره. وكذلك هناك مبادئ لكيفية الضبط الإداري لأعمال الشركة ومن يقوم بهذه الأعمال وكيفية قيامه بها وكل ما يترتب على ذلك من مسائلات قانونية أو إدارية، وهذه الإجراءات جميعها تتم وفق أحكام القانون والضوابط واللوائح الإدارية التي تنتهجها الشركة وفق مرئياتها مع الاستفادة من تجارب الآخرين.

بالرغم من كل هذه الضوابط حدثت تداعيات وخروقات كبيرة بسبب سوء إدارة الشركات وتجاوز القوانين ووضعها بعيدا، كما قام البعض بتحويل مؤسسية الشركات إلى مصالح شخصية بسبب حب الذات والأنانية التي قادت إلى تجاوز غير الممكن. ومن هنا بدأ التفكير الجاد في إيجاد البدائل و

ولذا تم تحديث القوانين لإيجاد مجالس إدارة بمقاييس خاصة وأهداف معينة يتأتى عنها إدارة مختلفة لإدارة الشركات عبر مبادئ الإفصاح والشفافية التامة مع أدوار معينة لمجالس الإدارة المختارة بعناية ولرؤساء هذه المجالس وعلاقتهم مع بقية أعضاء المجلس مع العمل على رفع مقدراتهم لتمكينهم من المساهمة الفاعلة مع تكوين اللجان المتخصصة من المجلس لتوزيع الصلاحيات ولتوفير العمل بروح الجماعة وأيضا فتح كل الأبواب والملفات لجميع المساهمين والمستثمرين وأصحاب العلاقة والمجتمع.

وتم إلزام الشركات وبمختلف أشكالها تطبيق هذه المبادئ القانونية الجديدة بدقة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة. ومن هذا سيستفيد أصحاب الشركة ومن خلفهم أصحاب العلاقة بالشركة وكل قطاعات المجتمع. وبسبب هذا الوضع تزدهر الأوضاع التجارية ويتم تعمير البلدان، ومن هنا تأتي أهمية القانون في دعم الشركات وأعمالها المتعددة.