أفكار وآراء

رواج سوق السيارات المصفحة المستعملة في البرازيل

19 سبتمبر 2018
19 سبتمبر 2018

بقلم يوهانس ميبورغ -

ساو باولو (أ ف ب) - الخوف من الرصاص الطائش أو الهجمات المسلحة جعل من البرازيل أول سوق في العالم للسيارات المصفحة إلا أن الأزمة الاقتصادية تدفع كثيرين إلى شرائها مستعملة. ويقول ماوريسيو باولو (40 عاما) وهو يقود سيارة «فولفو» مصفحة اشتراها مستعملة «أعشق السيارات لكني أفضل ألا أنفق الكثير من المال على ذلك». وسبق لهذا المحامي العامل في ساو باولو عاصمة البلاد الاقتصادية أن اشترى ثلاث سيارات كهذه في الماضي، كان أولها مباشرة بعد تعرضه لعملية سطو لدى توقفه عند إشارة مرورية. وعند ولادة ابنته قبل سنة ونصف السنة قرر أن يشتري مجددا سيارة مصفحة لكنه اختار حلا أقل كلفة.

ويكلف تصفيح سيارة جديدة نحو 15200 دولار أي ثمن سيارة أخرى تقريبا وفقا للطراز. واختيار سيارة مصفحة مستعملة يسمح بتوفير 10 إلى 40% من سعر شراء سيارة جديدة من الطراز نفسه.

ميل واضح

في البرازيل تبلغ قيمة قطاع السيارات المصفحة حوالى 245 مليون دولار سنويا ما يجعل هذا البلد الأمريكي الجنوبي الكبير يتصدر التصنيف العالمي.

وقد صفحت المكسيك وهي طرف رئيسي آخر في هذه السوق، حوالى ثلاثة آلاف سيارة العام 2017. لكن خلال العام نفسه صفحت البرازيل رغم الأزمة الاقتصادية عددا من السيارات يزيد بخمس مرات عن ذلك المسجل في المكسيك أي حوالي 15 ألف سيارة مع تردي الوضع الأمني. ولا تتوافر تقديرات رسمية عن مبيعات السيارات المصفحة المستخدمة إلا أن الخبراء يؤكدون أنه ميل واضح يسجل في البلاد. ويوضح فابيو روفيدو دي ميل وهو مدير شركة لتصفيح السيارات في ساو باولو «هذه السنة تشهد سوق السيارات المستعملة نموا». وسجل في البرازيل الخارجة من انكماش اقتصادي غير مسبوق عام 2016، تراجع مبيعات السيارات الجديدة بشكل عام، إلى أدنى مستوى لها منذ عشر سنوات. ويؤكد مارسيلو كريستيانسن رئيس الجمعية البرازيلية للتصفيح «عندما تتراجع مبيعات السيارات الجديدة يزيد الطلب بطبيعة الحال على السيارات المستعملة لأن الكثير من الأشخاص لا يملكون المال الكافي لشراء آليات جديدة فيتحولون إلى تلك المستعملة». وهي حال إليان واكاتسوكي (39 عاما) المسؤولة في شركة تعنى بالطاقة.

وتوضح بعدما جربت سيارة «مرسيدس جي أل أيه 200»، «السيارات المصفحة أغلى من السيارات الأخرى لذا فإن السبيل الوحيد للبقاء ضمن الميزانية المرصودة هو بالتوجه إلى السيارات المستعملة». لكن حتى الأشخاص المستعدين لتصفيح سيارات جديدة يسعون أيضا إلى الاقتصاد.

في عام 2017، كانت السيارة المصفحة الأكثر مبيعا من طراز «تويوتا كورولا» وهي الأصغر والأقل ثمنا بين تلك التي بإمكانها أن تتحمل التصفيح الذي قد يزيد وزن السيارة بنسبة 12%. ويبقى انعدام الأمن السبب الأول الذي يقدمه أصحاب السيارات لتبرير خيارهم الاستثمار في آلية مصفحة. وتشترط بعض الشركات الدولية أن يركب موظفوها الأجانب سيارات مصفحة فقط.

وتشهد البرازيل معدل عنف هو من الأعلى في العالم. وقد سجلت عام 2017 رقما قياسيا مع 63880 جريمة قتل أي سبع جرائم كل ساعة على ما تفيد منظمة «منتدى الأمن العام» غير الحكومية.

وضع اجتماعي

لكن هل النمو في مبيعات السيارات المصفحة المستعملة يأتي تلبية لحاجة فقط؟ تفيد الجمعية البرازيلية للتصفيح أن ثلاثة أرباع عمليات التصفيح تنجز في ساو باولو حيث يتركز الجزء الأكبر من أسطول يضم 150 ألف سيارة مصفحة في البلاد. إلا أن ولاية ساو باولو وهي الأغنى في البرازيل ومحرك البلاد الاقتصادي، تشهد أدنى معدل لجرائم القتل في البلد مع 10,9 جرائم لكل مائة ألف شخص العام الماضي في مقابل معدل 30,3 على المستوى الوطني.

وفي ولايات شمال شرق البلاد الفقيرة قلة من السائقين يركبون سيارات مصفحة رغم معدل جرائم القتل الذي يزيد عن 60 لكل مائة ألف نسمة في بعض الحالات.

ويقول رئيس الجمعية «امتلاك سيارة مصفحة في البرازيل مؤشر خصوصا إلى الوضع الاجتماعي. فالناس قلقون أكثر على وضعهم الاجتماعي منه على سلامتهم. وغالبا ما تغار امرأة من جارتها التي تملك سيارة مصفحة وتطالب زوجها بواحدة». ويقول ماوريسيو باولو في المقابل إنه يشعر بالانزعاج أمام التفاوت في إمكانية الحصول على سيارة مصفحة. ويؤكد «هؤلاء الذين يملكون المال يمكنهم أن يحموا أنفسهم بشكل أفضل في حين أن الآخرين قد يموتون بسبب أمر تافه مثل السيارة».