oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

ماذا وراء التحذير الغربي لسوريا بشأن إدلب ؟

25 أغسطس 2018
25 أغسطس 2018

ليس من المبالغة في شيء القول بأن ما حققته قوات الجيش العربي السوري خلال الأشهر الأخيرة ، هو بالفعل وبمختلف المقاييس إنجاز لا يمكن التقليل من قيمته وأهميته ، خاصة فيما يتعلق بمحاولات القيادة السورية الحفاظ ، بكل السبل الممكنة ، على بقاء الدولة السورية وعلى وحدتها الوطنية بشكل أو بآخر ، وذلك بغض النظر عن الجدل الدائر بشأن الأوضاع في سوريا ومستقبلها ، وادعاءات هذا الطرف أو ذاك حول أسباب وظروف نجاح القيادة السورية في تحقيق ذلك الأمر شديد الأهمية بالنسبة لمستقبل الدولة السورية .

ومع امتداد سيطرة الجيش السوري، بشكل مطرد ، إلى العديد من مواقع المعارضة السورية والميليشيات العاملة في إطارها ، ومطاردته فلول تنظيم داعش الإرهابي وحصرها في مواقع محددة على الحدود العراقية السورية ، من ناحية ، وإعلان القيادة السورية عزمها على استعادة السيطرة على محافظة إدلب ، في شمال غرب سوريا ، والتي تحولت خلال الأشهر الماضية إلى ملاذ ومنطقة تجمع للعديد من عناصر الميليشيات المعارضة من ناحية ثانية ، فإنه ليس من الغريب ولا المفاجئ أن ترتفع في الأيام الأخيرة أصوات التحذير الغربية ، من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بشكل أساسي ، لتحذير القيادة السورية من مغبة استخدام أسلحة كيماوية في معركة إدلب القادمة ، والتي تستعد لها قوات الجيش العربي السوري بالفعل . وقد وصل التحذير الغربي لسوريا مداه على لسان جون بولتون مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي خلال زيارته لإسرائيل ، حيث أكد أن بلاده سترد “ بقوة شديدة “ حسب تعبيره في حالة استخدام دمشق أسلحة كيماوية في محافظة إدلب .

ولعل ما يجعل هذا التحذير الأمريكي الغربي مثيرا للقلق انه يعيد إلى الأذهان الجدل الذي دار قبل بضعة أشهر حول استخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين في دوما واتهام الغرب للسلطات السورية باستخدام تلك الأسلحة ونفي دمشق وموسكو لذلك بشدة ومطالبتهما بتحقيق دولي شفاف حول الأمر وهو مالم يتم الاستجابة إليه ، وقد حامت شكوك عديدة حول استخدام فصائل سورية معارضة لتلك الأسلحة لتوريط دمشق وتوفير سبب لضربها من جانب واشنطن وباريس في أبريل الماضي وعرقلة تقدمها ضد فصائل المعارضة ، والخوف أن يتكرر ذلك لتقوم واشنطن بضرب القوات السورية ، أو منع تقدمها في اتجاه السيطرة على إدلب والتخلص من كثير من الميليشيات التي تسيطر على إدلب .

وفي ظل التحركات المتعددة التي تجري بشأن سوريا ، سواء تلك التي يقوم بها ستيفان دي ميستورا المبعوث الدولي لسوريا لاستئناف مفاوضات جنيف في شهر سبتمبر القادم ، أو تلك التي تقوم بها موسكو لعقد قمة روسية تركية إيرانية خلال الشهر القادم أيضا لبحث مستقبل الأوضاع في سوريا وسبل دفع الحل السلمي فيها ، فانه ليس مصادفة أن توقف واشنطن دعمها لإعادة إعمار سوريا ، وأن تقوم الميليشيات المتناحرة في إدلب بالاقتتال فيما بينها ونشر الفوضي والذعر بين سكان إدلب ، ومنع اللاجئين من مغادرتها والعودة إلى ديارهم ، ومن ثم ستظل بقعة استنزاف ، خاصة إذا شنت واشنطن ضربات “ شديدة “ ضد القوات السورية في الأسابيع القادمة ، بزعم استخدامها أسلحة كيماوية بشكل أو بآخر ، برغم إدراك دمشق أن هناك من ينتظر وقوعها في هذا الخطأ لضربها ، لصالح الميليشيات الباحثة عن مجرد الحياة ولو بالتنسيق مع إسرائيل .