المنوعات

هافانا على مشارف مئويتها الخامسة.. مدينة فريدة تقاوم الزمن

02 أغسطس 2018
02 أغسطس 2018

هافانا، (أ ف ب) - تبدو هافانا التي تحتفل العام المقبل بالمئوية الخامسة لتأسيسها، كمدينة من زمن آخر على غرار السيارات الأمريكية القديمة التي تجوب طرقاتها، في ظل سعي السلطات المحلية إلى حماية طابعها الفريد بمواجهة موجات الحداثة.

السير في شوارع هذه المدينة التي تضم مليوني نسمة ونيّف أشبه بالتنقل عبر الزمن.

فعلى ممشى ماليكون الشهير على طول البحر، تركت العوامل المناخية بصمتها على المباني الملونة المنتشرة في المنطقة.

ويمكن هنا أيضا التمتع بمشهد الغروب الساحر قبل الغوص في مياه البحر الكاريبي.

وأطلقت السلطات خطة للحفاظ على المباني.

ويوضح المؤرخ الرسمي للعاصمة أوزيبيو ليال المكلف بأعمال ترميم المدينة لوكالة فرانس برس: «كأن الزمن متوقف في هافانا.

كان للثورة أثر إيجابي على صعيد العناية بالبلاد» لكن «كان للأمر كلفة لا يمكن إنكارها.

فعندما نتنقل في هافانا نرى مدينة متداعية للغاية مع علامات تدهور ظاهرة». وهو يقول: «للمفارقة، سمح ذلك بالحفاظ على سمتها من الناحية المدنية.

لم تشيد أي جسور أو جادات جديدة ولم تسجل أي زيادة في حركة المرور أو أي عمليات هدم كبرى كما في مدن أمريكية لاتينية أخرى». وتظهر الأرقام الرسمية أن 39% من المساكن في هافانا متضررة.

غير أن المؤرخ يلفت إلى أن «هافانا لا تختصر بآثارها الرومانسية أو بسياراتها الأمريكية القديمة وحفلاتها وأشجار النخيل فيها،هذه مدينة تعج بالأنشطة الثقافية». ومن بين المباني المتميزة، هناك المسرح الكبير في هافانا مقر فرقة الباليه الوطنية للراقصة النجمة إليسيا ألونسو البالغة 97 عاما حاليا. وقد شيد هذا المبنى وفق الطراز الباروكي الجديد، والكابيتول ذي القبة الضخمة المتوقع الانتهاء من ترميمها في 2019.

وتقول ديبورا نافيس وهي سائحة برازيلية في الحادية والأربعين «هافانا مدينة فرحة ومسلية وشعبها مضياف.

شعرت بالأمان في طرقاتها، غير أني أظن أنها ستحتاج استثمارات». ورغم النقص في الصيانة والإنارة، تصنف الطرق في هافانا على أنها من الأكثر أمانا في أميركا اللاتينية.

وقد زار 4.5 مليون سائح الجزيرة في 2017.

وترافق الانفتاح التدريجي للاقتصاد الكوبي خلال السنوات الأخيرة مع افتتاح الكثير من المتاجر الفاخرة والمطاعم والفنادق المقامة في مبان قديمة مرممة على مقربة من المباني المتداعية من الحقبة الاستعمارية.

ويوضح ليال أن «هافانا كانت خلال السنوات العشر الأخيرة مسرحا لمبادرات خاصة مهمة سمحت بنهضة هندسية محلية وبإيجاد فرص عمل». وفي مطلع ‏يوليو الماضي، سمحت كوبا مجددا بالاستثمارات الخاصة (في قطاعات عدة كالإيواء والمطاعم) بعد توقف استمر قرابة العام.

ويوظف هذا القطاع 13 % من اجمالي القوى العاملة في الجزيرة الشيوعية.

وكانت هافانا، وهي من أقدم مدن أميركا اللاتينية، مصنفة على أنها مدينة معاصرة في أوائل القرن الماضي كما كانت تعتبر من عواصم السهر واللهو. غير أن ثورة عام 1959 وضعت حدا لهذه الأنشطة من دون أي مبادرات لتجديد المدينة. ويلخص المؤرخ الوضع قائلا «الناس يريدون التعرف على هافانا قبل أن تتغير هذه الصورة الموجودة لدينا عن مدينة حية لكن هادئة وعن بلد هانئ خال من الجرائم ». وكبديل عن وسائل النقل العامة، وهي من نقاط الضعف الأساسية في العاصمة الكوبية، تشغل السيارات الأمريكية القديمة كمركبات «شفروليه بيل أير» طراز 1956 أو «دودج كورونيت سييرا» طراز 1952، كسيارات أجرة. كما أن رائحة الوقود التي تعلق في الملابس جزء من الرحلة التي يمكن للركاب الاستمتاع بها على أنغام موسيقى ريجيتون. ويوضح يويسل فرنانديز وهو أحد السائقين أن «السيارات الكلاسيكية التي نراها في هافانا تعود إلى خمسينات القرن العشرين، والحفاظ عليها عملية مكلفة للغاية». ويؤكد المؤرخ أن التحدي أمام الأجيال المقبلة يقضي بجعل هافانا مدينة «تحترم جمالها من دون الحد من قدرتها على التحديث في إطار اقتصادي واجتماعي جديد».