أفكار وآراء

المرأة والشباب يعززان التنمية الاقتصادية

01 أغسطس 2018
01 أغسطس 2018

د. الطيب الصادق -

توسعت السلطنة في إنشاء المشروعات، وحفزت الشباب والمرأة علي إقامة مشروعات خاصة بهم وهو يساهم إلى حد كبير في اندماج هذا القطاع في المجتمع التنموي والاستفادة منه في الأعمال الاقتصادية مما كان له أثر جيد علي الجميع، وكان هناك دور مهم للعديد من الهيئات والمؤسسات التي تعمل على تمكين المرأة والشباب وتوفير فرص عمل لهم.

لقد تمكنت السلطنة من إنجاز مشهود لها في سبيل النهوض بالمرأة والشباب وانغماسهما في عمليات التنمية الاقتصادية، حيث جاء هذا التمكين مبكرا للغاية بل سبقت السلطنة دولا مختلفة في هذا المجال وكانت المرأة العُمانية منذ القدم وعلى مر العصور لها بصماتها الخالدة في مسيرة التنمية بالسلطنة ودائما تشكل النصف الآخر للرجال وتستكمل الدور المنقوص سواء من خلال القيام بالتربية وصناعة الأجيال أو تقلدها للمناصب القيادية وهو تجسيد حقيقي للسياسات والخطط والبرامج الحكومية التي انتهجتها السلطنة منذ فجر النهضة المباركة عام 1970 والتي أكدت على ضرورة مشاركة المرأة والشباب في كافة المجالات، والقيام بدور مهم في أعمال التنمية لأنهما يساهمان في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارهما فاعلين أساسيين في التنمية المستدامة.تمكين المرأة والشباب من أهم أولويات حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - وكان الاهتمام واضحا في السنوات الماضية بتشجيع المرأة والشباب على المشاركة في أعمال التنمية الاقتصادية، ولذلك خطت السلطنة خطوات كبيرة وملحوظة في هذا المجال وهناك اختلاف كلي بين فترة ما قبل السبعينات والوقت الحالي، حيث كانت المرأة العُمانية تتجه في بداية سبعينات القرن الماضي إلى العمل في القطاع الحكومي، نظرا للامتيازات التي كان يقدمها سواء من قلة ساعات العمل وعدم الحاجة للغة الإنجليزية وزيادة الأجور، وكانت هذه الأعمال مقتصرة عن مهن بعينها وفي الوقت ذاته كانت مشاركتها في الأنشطة الاقتصادية والتجارية والمالية ضئيلة للغاية وخصوصا في الأعمال الاقتصادية والتجارية الحرة التي لم يكن لديها الجرأة الكافية وقتها للدخول فيها للعديد من الأسباب المعروفة على رأسها العادات والتقاليد، لكن سرعان ما تغيرت كل هذه الأفكار بعد النهضة العمانية الحديثة لتتقلد المرأة في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- العديد من المناصب القيادية في كافة المجالات ولاسيما الاقتصادية منها، وأصبحت تشارك الرجل في النهوض بالمسيرة التنموية في السلطنة، ولم يعد عملها مقتصراً على الجهات الحكومية الرسمية إنما تعداه إلى المشاركة في التنمية الاقتصادية عن طريق العمل في القطاعات الأهلية وشركات القطاع الخاص، بعد الاهتمام الكبير من الدولة خصوصاً على المستويات التعليمية التي أوصلتها لمرحلة التمكين والإبداع في كافة المجالات التي من بينها المجال الاقتصادي.هناك مدلولات كثيرة للأرقام والإحصائيات التي أظهرت أن الإناث يشكلن حوالي 49% من إجمالي عدد السكان ومثل هذه النسبة في التعليم الأساسي و48% في التعليم العام، مما يؤكد على أن السلطنة تخطت عملية تمكين المرأة بمراحل وأنها في طريق تحقيق النتائج وحصاد ما قدمته من سنوات، كذلك تشير البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن فئة الشباب (من 18 إلى 29 سنة) يشكلون ما نسبته 27.6% من إجمالي سكان السلطنة وهو ما يساهم بالإيجاب في التنمية الاقتصادية ويشكل أهمية كبيرة تحتاج المزيد بالاهتمام وهناك أسباب عديدة أدت إلى المساهمة الفاعلة للمرأة والشباب والانغماس السريع في أعمال التنمية ومنها:- أن التعليم والتدريب والتأهيل كان لها الدور الأكبر في انغماس المرأة والشباب في العملية التنموية حيث أدت إلى سرعة مشاركة المرأة والشباب في أعمال التنمية الاجتماعية والاقتصادية ولذلك كان هناك اهتمام كبير بهذا الجانب حتى أصبحت مشاركة المرأة في العديد من المجالات واضحة.-البيئة التشريعية والقوانين أعطت المرأة والشباب كافة الحقوق وعملت على التشجيع للدخول بقوة في أعمال التنمية الاقتصادية، وخاصة فيما يؤكد على المساواة بين الجنسين وعدم التمييز بينهما في سوق العمل، مما يسهل سبل وصول المرأة إلى الموارد والأسواق والتجارة، بل وتقلدهن المناصب القيادية، كما أتاحت التشريعات الفرصة أمام الشباب للانطلاق.- توسعت السلطنة في إنشاء المشروعات، وحفزت الشباب والمرأة على إقامة مشروعات خاصة بهم وهو يساهم إلى حد كبير في اندماج هذا القطاع في المجتمع التنموي والاستفادة منه في الأعمال الاقتصادية؛ مما كان له أثر جيد على الجميع، وكان هناك دور مهم للعديد من الهيئات والمؤسسات التي تعمل على تمكين المرأة والشباب وتوفير فرص عمل لهم من بينها صندوق الرفد، الذي يقدم قروضا للشباب لمساعدتهم على بدء مشروعات صغيرة، فضلا عن صندوق تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، الذي يعمل على نشر ثقافة ريادة الأعمال، وإنشاء مؤسسات تعمل على دعم النمو والتنمية الاقتصادية.ورغم التحديات التي تواجهها السلطنة فإن الخطط التنموية المختلفة لم تغفل الاهتمام بالمرأة والشباب، بل قامت بتعزيز الدور المحوري لهما للمساهمة في تحقيق التنويع الاقتصادي في ظل استراتيجية الخروج من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل ومواجهة تقلبات أسعار النفط التي هبطت من 110 دولارات تقريبا للبرميل في عام 2014 إلى نحو 70 دولارا للبرميل حاليا، بعد تحسنها منذ بداية العام، وأصبح الاهتمام بالمرأة والشباب يساهم في نجاح سياسة التنويع الاقتصادي، خصوصا أنه يتم التركيز على قطاعات واعدة تتمتع فيها السلطنة بميزات نسبية ليتم الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية للسلطنة واستغلال الطاقات المختلفة وخاصة من الشباب والمرأة وتعزيز دورهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية خصوصا أن هناك العديد من المشاريع التي تمثل فيها المرأة العمانية النواة الحقيقية ويتطلب ضرورة استغلال طاقتها وخبراتها وكان ظهور صاحبات الأعمال في الأعمال الحرة في المجالات المختلفة تجسيدا حقيقيا ونتاجا طبيعيا لهدف منشود تم تحقيقه، مما يعمل على توسيع مشاركة المرأة العمانية في النهضة التنموية الشاملة، كما أن الشباب هم أداة التنمية وغايتها حيث تم التركيز علي إدماجهم في كافة البرامج والمشاريع ليمثلوا أهمية كبرى للسلطنة لأنه لا يمكن إغفال قطاع الشباب في ظل الاتجاه إلى التعمين في القطاعات المختلفة والعمل على صقل مواهبهم وإكسابهم الخبرات اللازمة في ظل الحاجة الماسة لقيادتهم سوق العمل في أسرع وقت ممكن .مؤسسات المجتمع المدني عليها أيضا أن تلعب دورا كبيرا في تحقيق التمكين للمرأة والشباب من خلال تنشيط المجالات المتعددة ، وليس بتقديم تسهيلات الحصول على منح أو قروض فقط ، بل يجب أن تعمل علي تهيئة البيئة المناسبة سواء من خلال حزمة السياسات والنظم والإجراءات المشجعة والمحفزة ومراقبة مدى تنفيذها، والعمل على مشاركة الحكومة في تأهيل المرأة والشباب وبناء قدراتهم وإعادة تأهيلهم وتدريبهم وزيادة مهاراتهم مما يساعد في الوصول إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي يساهم في الارتفاع السريع لمعدلات النمو الاقتصادي. ويمكن القول بأن السلطنة نجحت في تمكين المرأة والشباب وإدخالهم سوق العمل والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل جيد لكن مفردات المرحلة الحالية تتطلب ضرورة الاستمرار بشكل أكثر وضوحا في عمليات التطوير ومواكبة كل ما هو جديد؛ لتعزيز دور قطاع المرأة والشباب من خلال المراجعة الدائمة لعمليات التأهيل والتدريب لتحسين عمليات الإنتاج، وتسليحهم بالمهارات غير التقليدية التي تحتاجها الدولة ويتطلبها القطاع الخاص في آن واحد، ويرتبط ذلك ارتباطاً وثيقا بالإنتاج ويخدم أغراض التنمية في آن واحد، إضافة إلي عمل مراجعة للبرامج الهادفة التي تهتم بتعزيز دور المرأة والشباب في الحياة الاقتصادية لضمان تقنين وتنفيذ حقوق المرأة والشباب وتحسين الفرص الاقتصادية المتاحة لهما وإزالة كافة العقبات التي تعرقل مشاركتهما في الأنشطة الاقتصادية والعمل على التركيز على مخرجات التعليم ، لكي تتناسب مع احتياجات سوق العمل وغرس القيم وانتقال المعرفة والخبرة الفنية لهم والتركيز على المشاريع الريادية للشباب وتقديم تسهيلات أكبر لإيجاد مساحات أوسع للإنتاج وإثبات الذات.