كلمة عمان

تصعيد إسرائيلي يثير القلق على مستويات عدة

29 يوليو 2018
29 يوليو 2018

في الوقت الذي تواصل فيه جمهورية مصر الشقيقة جهودها ومساعيها من أجل دفع المصالحة الفلسطينية، بين حركتي فتح وحماس، ومحاولة حشد الطاقات الفلسطينية، في الضفة الغربية وقطاع غزة في إطار فلسطيني واحد متفق عليه، وعلى نحو يمكن من خلاله بلورة موقف فلسطيني موحد وقوي، يستطيع تفويت الفرصة على أية محاولات للإجهاز على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فإن الترحيب من جانب فتح وحماس بتلك الجهود، وتثمين واشنطن لها، من شأنه أن يزيد الأمل في إمكانية تحقيق خطوات عملية، تعود بالخير والفائدة على الشعب الفلسطيني الشقيق، الذي يواجه هجمة إسرائيلية وحشية على اكثر من مستوى، وعلى نحو يثير بالفعل القلق بشأن مستقبل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، خلال الفترة القادمة.

ومن المؤكد أنه ليس من المصادفة على أي نحو، أن تشهد هذه الفترة عمليات تصعيد إسرائيلية على أكثر من صعيد، وعلى نحو يستهدف بشكل واضح الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، في الأرض وفي تقرير المصير، وفي الحصول على دولة مستقلة في إطار حل الدولتين، وعاصمتها القدس الشرقية، وهي حقوق أقرتها واعترفت بها الأمم المتحدة منذ عقود وسنوات عديدة. وسعت إسرائيل باستمرار، ولا تزال تسعى، لتجاهلها وتجاوزها، وضرب عرض الحائط بها، بغض النظر عن انتهاك ذلك لكل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.

وفي حين عمدت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الى التصعيد العسكري، سواء في اقتحامات ساحات المسجد الأقصى، أو من خلال الغارات والقصف المدفعي لقطاع غزة خلال الأيام الماضية، برغم جهود التهدئة بين إسرائيل وحماس، أو من خلال قصف مواقع سورية وإسقاط مقاتلة سورية زعمت إسرائيل أنها توغلت لمسافة كيلومترين فوق هضبة الجولان المحتلة، وهو ما نفته دمشق متهمة تل أبيب بإسقاط الطائرة بشكل متعمد داخل الأراضي السورية، فإن التصعيد الأكثر خطورة تمثل في إقرار الكنيست الإسرائيلي في 19 يوليو الجاري لما يسمى بقانون قومية الدولة، وهو القانون الذي يصل الى نهاية الشوط بحرمان الفلسطينيين في إسرائيل - داخل الخط الأخضر - وهم مواطنون إسرائيليون وفق القانون الإسرائيلي، من الإسهام في تقرير المصير بالنسبة لإسرائيل، ويقصر هذا الحق على اليهود من ناحية، كما ان القانون الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية 62 صوتا فقط في الكنيست يجعل من اللغة العربية لغة ذات وضع خاص، بعد ان كانت لغة معترف بها كلغة ثانية من ناحية أخرى. ومن ثم فإن هذا القانون يجرد الفلسطينيين في إسرائيل من أية حقوق سياسية في الواقع، ويحولهم الى مواطنين من الدرجة الثانية، أو بمعنى آخر غرباء في وطنهم وارضهم، فضلا عن انه يمهد الطريق لممارسات وإجراءات عنصرية أخرى ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الاستمرار في انتهاكات حقوقهم، والتوسع المتوحش في الاستيطان في القدس المحتلة والضفة الغربية، وبشكل يتم في إطار مخططات واضحة للإجهاز على أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية في إطار حل الدولتين.

وفي ظل ما تمثله هذه الخطوات والممارسات الإسرائيلية المتوحشة ضد الفلسطينيين، من استهتار بالغ بالمواثيق والقرارات الدولية، وتعريض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة لمخاطر جمة، فإنه من المهم والضروري أن تعمل كل القوى الدولية والإقليمية المؤثرة على الضغط على إسرائيل لوقف تلك الممارسات والتراجع عن هذا القانون العنصري، الذي يعرضها هي ذاتها لمخاطر داخلية عديدة لن تنجو منها.